رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أندريه زكى: العلاقة بين الدين والمجتمع فى العالم العربى "متجذرة"

اندريه زكي
اندريه زكي

افتتح الدكتور القس أندريه زكي، رئيس الطائفة الإنجيلية بمصر ورئيس الهيئة القبطية الإنجيلية للخدمات الاجتماعية، مؤتمر الحوار العربي الأوروبي الثامن بمقر الهيئة الإنجيلية بمصر. 

 

وقال الدكتور القس أندريه زكي: بداية اسمحوا لي أن أرحب بسعادة السفير: كريستيان برجر، سفير الاتحاد الأوروبي في مصر، وسعادة السفير: هاكان أمسجارد، سفير السويد بمصر، وأرحب بحضراتكم جميعًا في جولة جديدة من جولات الحوار العربي الأوروبي؛ بكل الوفود الحاضرة من مختلف الدول الأوروبية والعربية وكذلك قادة فكر المجتمع المصري، كما أود أن أشكر acting Committee  اللجنة المنظمة لهذا اللقاء. 
 

وتابع: ويتناول برنامج اللقاء موضوعًا ذا أهمِّيَّةٍ بالغة "الدين والمجتمع"، ويحتل الدين مكانة بارزةً في مجتمعاتنا العربية؛ وقد شهدنا خلال العقود الماضية هذا التأثير الكبير الذي ألقى بظلاله على كل المجالات؛ وخصوصًا على الصعيدين السياسي والاجتماعي. ولهذا السبب من المهم أن تُركِّز الحوارات المشتركة على هذه القضية. وأودُّ في هذه الكلمة أن أركز بإيجاز على بعض النقاط المهمة.


وأضاف: وقبل كل شيء دعونا نفرق بين "الدين" و"الفكر الديني"؛ فالدين منظومة إيمانية جاءت في نصوص مقدسة يؤمن بها الإنسان ويكوِّن من خلالها علاقة مع الخالق، أما الفكر الديني فهو اجتهادات وتأويلات تحاول تفسير النصوص الدينية؛ وهذه نشاطات فكرية بشرية خاضعة للمراجعة واختلاف الآراء والرؤى والتوجهات الفكرية، ولا ينبغي بأي حال من الأحوال أن تكون هذه الاختلافات مدعاة للصراع أو النزاع أو التقليل من شأن الآخر.


وتابع: “ومن ضمن ما يتناوله الفكر الديني هو النظرة إلى العيش المشترك، والتسامح، والسلام المجتمعي.. وهذا الفكر الديني ذو تأثير كبير أيضًا على السياسة والمجتمع والتنمية والديمقراطية وغيرها من المفاهيم ستتناول محاورها مشاركات الحضور في هذا اللقاء”.


وواصل: “كما يجدر بنا أيضًا في هذا اللقاء أن نفرق بين دور الدين في المجتمع وبين تحويل الدين إلى أيديولوجية أو استخدامه سياسيًّا، أو توظيفه بأي شكل من الأشكال، وهذا من شأنه أن يبعد الدين عن أهدافه الأساسية السامية”. 
 

واستكمل: “وفي إطار حديثنا عن الدين والمجتمع، يجب أيضًا أن نتفادى الانزلاق للدعوة إلى تديين المجال العام، فهذا أيضًا من المفاهيم التي لا تخدم الدين ولا المجتمع”.

 


وتساءل: إذًا ماذا نقصد بالدين والمجتمع، والعلاقة بينهما؟ وكيف السبيل إلى إيجاد علاقة إيجابية صحية بين الدين والمجتمع تسهم في تعزيز العيش المشترك وتدعم جهود التنمية المستدامة وتتبنى قضايا مشتركة، مستخدمين في هذا التأثير الكبير والاحترام الجزيل للدين في مجتمعاتنا؟. 
 

وذكر أن العلاقة بين الدين والمجتمع في العالم العربي متجذرة ومرتبطة ارتباطًا وثيقًا؛ إذ يشكل الدين محورًا رئيسًا في تشكيل منظومة القيم، وقد شكل الدين أيضًا تاريخ المنطقة وحاضرها مما يعني امتداد هذا التأثير للمستقبل، وأي محاولة لفهم تطورات العالم العربي، وكذلك أي تطرق لمفاهيم الحوار والأرضية المشتركة، يجب أن يضع في اعتباره مركزية الدين وتأثيره العميق على المواطنين في المنطقة العربية باختلاف دياناتهم ومذاهبهم. 
 

وتابع: وهنا تبرز أهمية التفسير التعددي للنص الديني، باعتباره مفهومًا جوهريًّا في تطوير الفكر الديني، يعزز التعددية التي هي الأساس للمواطنة والعيش المشترك. إن التفسير التعددي للنص الديني هو الذي يحترم البعد التاريخي للنصوص، ويفصل بين تفسير النص والنص ذاته. فالنص الديني هو وحي من الله، لكن يستقبله أناس مختلفون في الثقافة والتعليم. وتبعًا لكون البشر مختلفين، فستظل هناك دائمًا تفسيرات متعددة للنص الديني. 
 

وواصل: هذا التنوع البشري المتمثل في الخلفيات المتعددة يؤدي دائمًا إلى قراءات وتفسيرات عديدة. وبالتالي عند اختيار أحد التفاسير ومطابقته بالنص، فإنه يؤدي إلى رؤية أحادية ضيقة.. لكننا إذ قبلنا التعددية البشرية، فعلينا أن نقبل التعددية في التفسير. هذه التعددية سوف تزيد من ممارسة هذا المفهوم على المستوى الفقهي اللاهوتي، وكذلك على المستويين الاجتماعي والسياسي. 
 

وتابع: وتقع على المؤسسات الدينية مسئولية كبيرة في نشر الخطاب الديني الذي يركز على قيم العيش المشترك، ويمتد دور المؤسسات الدينية إلى حوار الحياة المشتركة والاتحاد سويًّا في مواجهة التحديات التي يواجهها المجتمع؛ فالمؤسسة الدينية ليست جزيرة منعزلة عن المجتمع إنما هي جزء منه لا تقدر أن تنفصل عنه. ولكي تتحقق هذه الأهداف، يجب على هذه المؤسسات الحوار حول القضايا المجتمعية، بما فيها قضايا الأسرة، وقضايا التنمية، ومواجهة الفقر، وقضايا البيئة... وغيرها، بما لها من تأثير لدى الناس. ويقوم المجتمع المدني بدوره إلى جانب المؤسسات الدينية والدولة كحلقة وصل في الدعوة إلى قيم المواطنة والمساواة والعيش المشترك وتعزيزها والتوعية بها.