رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

خبراء أمريكيون: الاقتصاد العالمى على وشك السقوط إلى الهاوية بسبب الخلاف بين إدارة جو بايدن والكونجرس

الاقتصاد العالمى
الاقتصاد العالمى

حذر خبراء اقتصاديون ومسئولون سابقون فى واشنطن من أن أزمة الديون الأمريكية قد تدفع الاقتصاد العالمى بأكمله إلى الهاوية، متوقعين دخول الولايات المتحدة الأمريكية فى مرحلة الركود، وسط مخاوف من انهيار قيمة الدولار عالميًا، وفقدان الآلاف من الوظائف شهريًا.

وأكد الخبراء، لـ«الدستور»، أن الأزمة قد دخلت فى مرحلة حاسمة، خاصة بعدما أعلن كيفن مكارثى، رئيس مجلس النواب الأمريكى، عن عدم التوصل لاتفاق بشأن رفع سقف الدين الأمريكى، وذلك عقب لقائه مساء الإثنين الرئيس الأمريكى جو بايدن من أجل التوصل لحل للأزمة، وفى إطار تحذيرات جانيت يلين، وزيرة الخزانة، من أن الحكومة قد تتخلف عن سداد ديونها فى ١ يونيو المقبل، إذا لم يرفع المشرعون سقف الدين.

واعتبرت سونا موزيكاروفا، المستشارة السابقة فى البنك المركزى الأوروبى والزميل فى المجلس الأطلسى، أن أزمة سقف الديون الأمريكية هى أزمة من صنع الكونجرس نفسه، فى إطار الصراع مع الإدارة الأمريكية، بقيادة الرئيس جو بايدن. 

وقالت: «على المستوى المحلى، إذا لم يرفع الكونجرس حد الدين الأمريكى فلن تتمكن حكومة الولايات المتحدة من سداد جميع التزاماتها بالكامل وفى الوقت المحدد، مما يؤدى إلى تأخير مدفوعات الضمان الاجتماعى، ومزايا الرعاية الطبية والأجور العسكرية، وحرمان الملايين من الأمريكيين من دخولهم».

وأضافت: «أما على الصعيد الدولى، فإن السندات الحكومية الأمريكية تدعم النظام المالى العالمى، لذا فمثل هذه المواجهة ستؤدى إلى تقلبات مفرطة فى أسواق الأسهم والديون والرهن العقارى والسلع، كما ستتأثر القدرة على التداول داخل وخارج مراكز الخزانة فى السوق الثانوية».

وتابعت: «فى حالة السيناريو الذى تُجبر فيه الحكومة على عدم سداد ديون لحامل السندات سيعنى هذا الأمر عدم الثقة فى الاقتصاد الأمريكى، ويمكن أن يؤثر على التصنيف الائتمانى للولايات المتحدة، مما يزيد من تكاليف الاقتراض، وعلى أولوية الدولار الأمريكى كعملة احتياطية، ويمكن أن يؤدى إلى فقدان الوظائف، وانخفاض سوق الأسهم والركود».

واستطردت: «الرئيس بايدن قد يلجأ إلى الحدود القصوى للإنفاق طويل الأجل من أجل زيادة سقف الديون التى تستمر حتى بعد الانتخابات، كما يحتاج إلى التصرف بمسئولية وإنجاز الصفقة لتجنب التخلف عن السداد، ولكن لن يكون الأمر سهلًا، لأن رئيس مجلس النواب كيفن مكارثى سيتمسك بموقفه حتى يصبح السوق وخطر التخلف عن السداد أمرًا سيئًا، مما يجعله آمنًا سياسيًا لتمرير زيادة سقف الديون بتصويت الديمقراطيين، وسبق ورأينا هذه المسرحية من قبل، مما يعنى أنه قد يكون هناك نقص فى الإجراءات الحاسمة، لكن عاجلًا أم آجلًا سيتم رفع حد الدين».

فيما قال أورين كلاشكين، كبير الاقتصاديين الأمريكيين فى «أكسفورد إيكونوميكس»، وهى شركة متخصصة فى الاستشارات الاقتصادية المستقلة، إن المشرعين الأمريكيين سيتوصلون إلى اتفاق يتجنب التخلف عن السداد، ومع ذلك، فإن مخاطر التخلف عن السداد فى الولايات المتحدة أعلى من المعارك السابقة بشأن الديون.

وأوضح أن تخلف الولايات المتحدة عن سداد الديون سيكون صدمة سلبية كبيرة للاقتصاد العالمى، لأن أمريكا هى العمود الفقرى للأسواق المالية والاقتصاد العالمى.

وأضاف «كلاشكين»: «خطر التخلف عن السداد مرتفع اليوم لأن المشرعين حريصون على تسجيل نقاط سياسية، ومن المتوقع زيادة قصيرة الأجل فى الديون، أو تعليق حد الدين، وهو النتيجة الأكثر احتمالًا، لأن سقف الدين ليس هو القضية الرئيسية بل تجاوز الإنفاق للإيرادات، وإذا كان المشرعون قلقين بشأن الديون فإنهم بحاجة إلى إصلاح الإنفاق».

وأشار إلى أن الاقتصاد الأمريكى بدأ فى التباطؤ، مع تزايد الاعتقاد بأن الركود محتمل فى النصف الثانى من هذا العام، لافتًا إلى أن شروط الإقراض المشددة وأسعار الفائدة المرتفعة والضغوط السعرية ستؤدى إلى تراجع قدرات المستهلكين والشركات.

من جهته، أكد جى آر ماكبراين، عضو مجلس المستشارين فى مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، أن المخاطر على اقتصاد الولايات المتحدة منخفضة للغاية، ولكن إذا لم يتم حل أزمة سقف الدين، بحلول الأول من يونيو، فإن التأثير على الاقتصاد سيكون كارثيًا.

وأضاف «ماكبراين» أن الآثار المباشرة للتخلف عن السداد، على الولايات المتحدة، ستكون بعيدة المدى، ومن المرجح أن تشمل التأخير فى دفع الضمان الاجتماعى، ورواتب الحكومة الفيدرالية، وأشكال المساعدة العامة، والعقود الفيدرالية، والمساهمات فى الهيئات الثنائية والمتعددة الأطراف.

وأشار إلى أن الآثار تتضمن قيودًا سلبية على نطاق واسع على الولايات المتحدة، فضلًا عن التأثير السلبى على موارد القوات المسلحة والأمن القومى، ومن المرجح أن ترتفع معدلات البطالة فى الولايات المتحدة، مع تقليص الشركات للإنفاق، وإلغاء الاستثمارات والمشاريع الجديدة.

وتابع: «من المحتمل أن يتسبب التخلف عن سداد الديون فى انخفاض قيمة الدولار، ويؤدى إلى تجميد أسواق الائتمان الدولية أو حدوث خلل كبير فى أسواق الائتمان الدولية وبالمثل»، مردفًا: «من المرجح أن تتأثر أسواق الأسهم العالمية بالتقلبات فى سوق الأسهم الأمريكية التى قد تنشأ من حالات عدم اليقين، وعدم الاستقرار الذى يعزو إلى التخلف عن السداد فى الولايات المتحدة».

وتابع: «فى حالة الفشل فى سداد المديونية، سيؤثر ذلك سلبًا على القروض المستقبلية، وقد يخفض التصنيف الائتمانى لواشنطن».

وأشار إلى أنه فى أكتوبر ٢٠١٣ خلال أزمة سقف الديون السابقة، قالت وزارة الخزانة الأمريكية، إنه من المتوقع أن تتجمد أسواق الائتمان، ويمكن أن تنخفض قيمة الدولار، كما أن أسعار الفائدة فى الولايات المتحدة يمكن أن ترتفع بشكل كبير، وقد تحدث أزمة مالية وركود، شبيهة بما حدث عام ٢٠٠٨.

وقال إن التجارة والتمويل الدولى والاستثمارات والأسواق تتشابك بشدة مع الدولار، إذ يعتبر العملة الرئيسية فى الشبكة المالية العالمية، وسندات الخزانة الأمريكية هى المعيار لجميع عمليات الإقراض الأخرى.

وبيَّن أن الثقة والاعتماد على ضمان سداد الولايات المتحدة ديونها جزء من الثقة فى أمريكا كقوة سياسية، وهذه الثقة تعطى انطباعات عالمية أخرى عن موثوقية واشنطن، لأنه دون الثقة تصبح التجارة والتمويل والاستثمار الدولى أكثر تكلفة وأكثر غموضًا.

وحول الأسباب التى أدت إلى أزمة التخلف عن السداد، قال: «الجواب بسيط للغاية، وهو السياسة الحزبية المحلية، وقد حدث من قبل التهديد بربط زيادة سقف الديون بامتيازات كبيرة فى معارك الميزانية الأمريكية».

وعن أداء ومستوى الاقتصاد الأمريكى الآن، قال «وضعه جيد، ولكن العدو الأكبر له هو التضخم الذى يؤثر على الجميع، ولكنه أكثر إيلامًا للطبقة الوسطى، وللذين يعيشون فى ظروف اقتصادية أقل».

وأشار إلى أن الأثرياء، بما فى ذلك الشركات الكبيرة، متأثرون بالتضخم، لكن التأثير لا يحمل نفس الألم، مضيفًا: «التضخم ظاهرة عالمية ويتأثر به كثير من الناس فى الولايات المتحدة».