رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

صحيفة إسبانية: مومياوات مصر القديمة تكشف أسرار تغيرات المناخ فى العصور الأولى

المومياوات الفرعونية
المومياوات الفرعونية

في مصر القديمة، وخاصة خلال فترة الحكم الروماني الذي بدأ في عام 30 قبل الميلاد، تم نقل المومياوات إلى المقبرة على لوح جنائزي خشبي، يُعرف باسم ملصق المومياء، وتضمنت عادةً نقوشًا لمعلومات عن المتوفى، مثل العمر، والمهنة، ومدينة الميلاد، وطريقة التحنيط، ومكان الدفن، ولكنها تحمل ما هو أكبر من تفاصيل حياة المصريين القدماء، حيث تكشف أسرار تعامل القدماء مع تغيرات المناخ.

وبحسب صحيفة "إل باييس" الإسبانية، فإنه نظرًا لأن الملصقات أصبحت عادة جنائزية في العصر الهلنستي، كانت النقوش تُكتب عادةً باللغة اليونانية أو الديموطيقية أو بكلتا اللغتين، حيث تعمل الملصقات على التعرف على الجثة عندما وصلت إلى ورشة التحنيط وعندما تم نقلها إلى المقبرة، حيث كان يُعتقد أنهم يرافقون المتوفى إلى الحياة الآخرة، فقد كان من الشائع كتابة نقوش دينية قصيرة أو رمز ديني لضمان استمرار رفاههم.

 

المناخ والمومياوات الفرعونية

وأشارت الصحيفة الإسبانية، إلى أنه بفضل المناخ الجاف في مصر، غالبًا ما توجد المومياوات اليوم في حالة محفوظة جيدًا، حيث تمت دراستهم لسنوات لفهم المجتمع الذي أنشأهم بشكل أفضل، لكنها جذبت اهتمام الباحثين مؤخرًا بسر آخر يحتفظ به بشكل أفضل. 

في كل عام، تشكل الأشجار حلقة داخل جذوعها، تختلف خصائصها باختلاف المناخ، ونظرًا لأن ملصقات المومياء مصنوعة من الخشب، فقد حافظت على معلومات بيئية ومناخية قيّمة من عصرها، متجاوزة وظيفتها الأصلية.

وأوضحت الصحيفة، أن مجموعة من العلماء السويديين يحاولون استخدام الألواح الخشبية لإعادة بناء مناخ غرب البحر الأبيض المتوسط في زمن مصر الرومانية، حيث يوضح فرانسوا بلونديل، الباحث من جامعة جنيف وأحد قادة الدراسة: "الأشجار عبارة عن أرشيفات تحتوي على الكثير من المعلومات، مثل تأثير المناخ على نموها وفترات الجفاف".

كما يشرح بلونديل، يكمن مفتاح إعادة بناء مناخ الماضي في العرض، حيث تشير الحلقات السميكة إلى نمو أسرع، في السنوات التي يكون فيها هطول الأمطار أكبر، والحلقات الضيقة تشير إلى عام من الجفاف.

وأفادت الصحيفة، بأنه يمكن أن تكشف المقارنة بين أنماط حلقات النمو من الأنواع المختلفة عن تقلبات مناخية على مر السنين، وقال بلونديل: "لتبسيط الأمر: يمكن أن تعبر الحلقة العريضة عن مناخ وبيئة مناسبين، وحلقة ضيقة بالعكس، مناخ أو بيئة سيئة"، مشيرًا إلى أن الفريق العملي يعمل على إعادة تهيئة المناخ من خلال اختلافات عرض الحلقة في عينات من نفس المنطقة الجغرافية ونفس الأنواع.

قام الباحثون بتحليل أكثر من 1700 قطعة من هذه الألواح الخشبية، وفي 451 حالة، تمكنوا من تحديد أنواع الأشجار، التي نما بعضها في مصر والبعض الآخر تم استيراده من أماكن أخرى، بما في ذلك شبه الجزيرة الأيبيرية، وكانت الأنواع الأكثر شيوعًا هي أشجار الأرز والصنوبر والتين والشجيرات من نوع Tamarix، كما ظهرت أشجار السرو والتنوب والزيتون والزان.

وأوضحت الصحيفة الإسبانية، أنه بالرغم من أن العينة لم تكن كافية لإعادة تكوين مناخ مصر الرومانية وشرق البحر الأبيض المتوسط، فإن الباحثين يعتقدون أنه يقدم لمحة أولى قيمة، حيث يقول بلونديل: "كميتها هي نقطة البداية، بالرغم من أنها لا تزال صغيرة".

وتابعت أن الميزة، في هذه الحالة، هي أن الآلاف من ملصقات المومياء محفوظة في مجموعات المتاحف في جميع أنحاء العالم، حيث يضم متحف اللوفر في باريس وحده 852 منهم.