هل "الهيدروجين" السبب؟.. القصة الكاملة حول "بالونات الهيليوم المغشوشة"

فرح الاحتفال بعيد ميلاد تحول في ثوان معدودة إلى مأساة ونيران مشتعلة في كل مكان، ذلك ما سببته بالونات الهيليوم وهو ما ظهر خلال فيديو لفتاة وهي تحتفل بعيد ميلادها وقد أمسكت بيد بالونات الهيليوم وباليد الأخرى "تورتة" عيد ميلادها التي توسطت بها الشموع، وما أن لامست البالونات الشموع حتى انفجرت في وجه الفتاة محدثة نيران بكميات هائلة ليتحول المشهد السعيد في لحظات إلى مشهد كارثي.

ترقد "ميرنا" ضحية هذه البالونات حاليًا بإحدى المستشفيات، وهي مصابة بحروق من الدرجة الثانية، حسب شقيقها "محمد إسماعيل" الذي تساءل "لا نعرف ماذا حدث.. ما أعرفه أن غاز الهيليوم لا يشتعل" محذرًا المتابعين من استخدام هذه البالونات خشية أن تحدث به ما أحدثته مع شقيقته.

وتسبب فيديو ميرنا في فزع وهلع المتابعين على وسائل التواصل الاجتماعي متعاطفين مع الفتاة ومحذرين من استخدام تلك البالونات، كما خمن البعض أن يكون ما داخل هذه البالونات هو غاز الهيدروجين وليس الهيليوم نظرًا لعدم اشتعال الأخير على عكس الأول وقلة ثمنه بالمقارنة بالهيليوم.

يذكر أن سعر بالونة الهيليوم تبدأ من 25 جنيها إلى 130 جنيها للبالونة الواحدة. 

خبير كيميائي: “الهيليوم” خامل ولا يمكن التفرقة بينه وبين “الهيدروجين”

الخبير الكيميائي باسيليوس عزت أوضح في حديثه لـ"الدستور" أن كلًا من غاز الهيليوم وغاز الهيدروجين هما أخف من الهواء لذا لديهم القدرة على الطيران لمسافات بعيدة، وتابع أن غاز الهيليوم هو غاز "خامل" أي لا يشتعل بينما غاز الهيدروجين فهو غاز سريع الاشتعال.

وتابع أنه لايمكن التفرقة بينهما بمجرد النظر إذ أن كلًا منهما عديم اللون والرائحة، مشيرًا إلى أن التفرقة الوحيدة بينهما تتم في حال تعرض كلًا منهما للنيران فبمجرد تعرض الهيدروجين إلى النار يشتعل على الفور، بينما الهيليوم ليس كذلك، لذلك رجح باسيليوس أن يكون ما بداخل البالونات التي أمسكت بها "ميرنا" هو الهيدروجين بالفعل وليس الهيليوم مؤكدًا أن الهيليوم غاز خامل لايشتعل .

يُذكر أن بالونات الهيليوم من البالونات الجميلة التي يحبها الكبار والصغار على حد سواء في العديد من المناسبات، وذلك لأنها تظل تطفو في الهواء لفترة طويلة وغالبًا ما تستمر من 8 إلى 10 أيام وهي تحافظ على الهيليوم الذي يوجد فيه داخلها وتظل عالقه في الهواء.

 

والهيليوم من الغازات النبيلة وهو ثانى أخف عنصر بعد الهيدروجين، فمن خصائصه أنه عديم الرائحة والمذاق وعديم اللون وغير سام، ويعد المصدر الطبيعي الرئيسي له هو آبار الغاز الطبيعي. 

ويستخدم غاز الهيليوم في عمليات صناعة رقائق السيليكون وأشباه الموصلات لإنتاج الرقائق الإلكترونية المستعملة في أجهزة الحاسوب والهواتف الذكية والأجهزة اللوحية، وذلك لحماية البلورات الحساسة من الملوثات خلال عملية التصنيع.

ندرة “الهيليوم” ووفرة "الهيدروجين" 

أكد الخبراء أنه وعلى الرغم من وفرة عنصر الهليوم في الكون حيث يشكل نحو 24% من كتلة عناصر الكون، فإنه نادر الوجود في الطبيعة، إذ يبلغ تركيزه في الغلاف الجوي للأرض نحو 5.2 جزء من المليون، وذلك على عكس عنصر الهيدروجين المتوافر بصورة كبيرة ومن السهل الحصول عليه.

وقد أدى الطلب العالمي المتزايد على الهليوم، وقلة مصادره في العالم، إلى ارتفاع ملحوظ في أسعار هذا الخام الطبيعي حسب التقارير الدولية. 

إدمانه

وجديرًا بالذكر أنه قد انتشرت مؤخرا ظاهرة حول استنشاق غاز الهيليوم فيما يعد نوع جديد من أنواع الإدمان.

تقرير يوضح مخاطره

أما عن استخدام بالونات الهيليوم في الحفلات فقد وجدت "الدستور" أنه قد نشر موقع Dr health benefits مؤخرًا بخصوص هذا الأمر إذ حذر من مخاطر استنشاق هذا الغاز على الصحة.

فقد أوضح التقرير أن الهيليوم يعمل على إزاحة الأكسجين فى الجسم وزيادة خطر الاختناق عند وجوده بتركيزات عالية، وتتمثل أعراض ذلك فى فقدان الوعى المفاجئ، والدوخة، والغثيان، والسقوط غير المنضبط، والنوبات، واضطرابات الرؤية، والصداع، والاختناق، كما أكد الخبراء أن استنشاق الهيليوم النقى باستمرار يسبب الموت بالاختناق فى غضون دقائق.

وتابع التقرير، أن استنشاق الهليوم مباشرة من الخزانات المضغوطة أمر خطير للغاية، إذ يمكن أن يؤدى ارتفاع معدل تدفق الهيليوم إلى الرضح الضغطي، ما يؤدي إلى تلف أنسجة الرئة، كما يمكن أن يؤدي استنشاق الهيليوم إلى حدوث انسداد في الشرايين الدماغية بسبب فقاعات الهواء في مجرى الدم.

إضافة إلى ذلك حذّر التقرير من تسبب الهيليوم في الإصابة بالسكتة الدماغية المؤقتة، إذ أن استنشاق الهليوم من بالون يمكن أن يجعل الرئتين تتعرضان لضغط شديد، ولفت التقرير إلى أنه في حال استنشق مزيج من الهيليوم والأكسجين سيؤدي ذلك إلى حدوث متلازمة عصبية عالية الضغط، وهو نوع من تأثير التخدير العكسى الذى يؤدى إلى ارتفاع ضغط الدم.

رئيس شعبة لعب الأطفال: أي شئ يمكن أن يشتعل طالما اقترب من النار

من جانب أخر أكد محمد حسن رئيس شعبة لعب الأطفال والأدوات المكتبية بالغرفة التجارية أن الهيليوم ليس وليد اليوم وبالونات الهليوم موجودة في جميع المناسبات مشيرًا إلى أنه الهيلوم غاز خامل ولكن إذا اقترب من النار سوف يحدث اشتعال.

وواصل أن الفتاة لم تشعر بقرب البالونات بجانب الشموع كما أوضح أن أي شيء يؤدي إلى الاشتعال إذا اقترب من النار مثل الاسبراي سواء الخيوط أو غيرها، موضحًا أن استخدام هذه الألعاب يجب أن يكون في أماكن مفتوحة و بعيدة عن النار.

حوادث بالونات “الهيليوم” ليست جديدة وفي دول أخرى

وببحث "الدستور" توصلنا إلى أن حوادث حرائق بالونات الهيليوم لم تكن بالجديدة بل أنها كانت سبق وأن تسببت في حروق كبيرة للعديد من الأشخاص بل تسببت كذلك في وفاة بعضهم.

ففي عام 2018 تسبب انفجات بالونات الهيليوم أيضًا في وجة طفلة عام في حدوث حريق كبير وتشوه بوجهها، بينما تسببت ذات البالونات في دولة فلسطين عام 2016 في وفاة طفلة 8 أعوام بعد استنشاقها غاز الهيليوم الموجود ببالونات الهيليوم عقب احتفالها بعيد ميلادها ليُعثر عليها متوفية داخل حجرتها.