رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

اليوم العالمي للنحل: لماذا نحتاج إلى حماية الملقحات؟

اليوم العالمي للنحل
اليوم العالمي للنحل

في 20 مايو من كل عام، تحتفل الأمم المتحدة باليوم العالمي للنحل، حيث يهدف إلى زيادة الوعي بأهمية الملقحات ودورها في التنمية المستدامة والأمن الغذائي، فالنحل وغيره من الملقحات، مثل الفراشات والخفافيش وطيور الطنان، يساعدون على تكاثر معظم أنواع النباتات المزهرة، والتي تشكل أساس لسلاسل الغذاء في العالم، فضلًا عن مساهمتهم  في حفظ التنوع البيولوجي والتوازن البيئي.
 

ولكن هذه المخلوقات الصغيرة تواجه تهديدات متزايدة بسبب أنشطة البشر، مثل التغير المناخي والزراعة المكثفة وسوء استخدام المبيدات وفقدان الموائل، وقد أظهرت دراسات أن معدلات انقراض بعض أنواع الملقحات تزداد بشكل كبير عن المعدل الطبيعي؛ مما يشكل خطرًا على إنتاجية المحاصيل وجودة الأغذية وصحة الإنسان.
 

ولذلك، تدعو الأمم المتحدة إلى اتخاذ إجراءات على المستوى العالمي لحماية النحل والملقحات الأخرى، وتشجع على اعتماد ممارسات زراعية مستدامة وصديقة للبيئة، كما تقدم منظمات دولية مثل منظمة الأغذية والزراعة (FAO) دعمًا فنيًا وتقنيًا للدول والجهات المعنية لتطوير سياسات وبرامج تروج لتربية النحل وإدارة الموارد الوراثية له.


فوائد غزيرة

 

في هذه المناسبة، نستعرض بعض الحقائق المدهشة عن النحل، والفوائد التي يقدمها لنا، من حيث يوجد في العالم نحو 20 ألف نوع من النحل، منها حوالي 2000 نوع في منطقة شبه الجزيرة العربية، ويستطيع نحل العسل التكاثر في أي بيئة تتوافر فيها زهور مناسبة لجمع رحيقها، سواء كانت صحارى أو جبال أو غابات.

يستطيع نحل العسل أيضًا التخاطب مع بعضه بطرق مختلفة، مثل رقصات خاصة تشير إلى اتجاه وبُعد مصادر الغذاء، بالإضافة إلى إنتاج شمع يستخدم في صناعة شموع وصابون وكريمات، فضلًا عن إفراز سم يستخدم في علاج بعض الأمراض، مثل التهاب المفاصل والروماتزم.

إذًا، فإن حماية النحل هي مسؤولية مشتركة بين جميع أفراد المجتمع، فكلا من المزارعين والباحثين والإعلاميين والأطفال لديهم دور رئيسي في ضمان استمرارية هذه المخلوقات التي تضفي فوائد غزيرة على حياتنا.


تحديات مناخية
 

ومن جانبه، يوضح خبير التغيرات المناخية، يحيى عبد الجليل، أن تغير المناخ يؤثر على صحة النحل بطرق مختلفة، مثل تغيير روائح النباتات، حيث يؤدي التغير المناخي إلى تعرض النباتات للإجهاد البيئي؛ مما يغير رائحتها ويصعب على النحل التعرف عليها وجمع الغذاء منها، كما يؤدي أيضًا إلى عدم تزامن فترة تزهير النباتات مع نشاط النحل؛ مما يقلل من فرص التلقيح والإنتاجية.

ويقول "عبد الجليل" في حديثه لـ "الدستور"، إن تغير المناخ يؤدي إلى زيادة درجات الحرارة والرطوبة؛ مما يزيد من خطر الإصابة بالأمراض والطفيليات، مثل النوزيما والحلم، وظهور أنواع جديدة من هجرة بعض أنواع النحل إلى مناطق جديدة؛ مما يسبب تنافسًا أو تهجينًا أو اضطرابًا في البيئة المحلية.

 

أما عن الإجراءات التي يمكن اتخاذها لحماية النحل من تغير المناخ، ينوّه خبير التغيرات المناخية إلى ضرورة نشر الوعي بين الأصدقاء والزملاء في العمل على تقليل التلوث الكربوني، والحفاظ على التنوع البيولوجيـ ودعم تربية النحل، كما يجب اعتماد ممارسات زراعية مستدامة، من حيث استخدام المبيدات الحشرية بحذر، وتجنب الحرائق والتجريف والزراعة المكثفة.

ويتابع: "من الضروري أيضًا الحفاظ على الموائل الطبيعية للنحل، من خلال زراعة نباتات محلية متنوعة ومقاومة للجفاف والحرارة في الحدائق والأسطح، ودعم تربية النحل في مصر، من خلال شراء عسل محلي من نحالين مسؤولين أو التبرع لمنظمات تروج لتربية النحل وإدارة الموارد الوراثية للنحل".

 

حماية الملقحات
 

يؤكد "عبد الجليل" على أهمية حماية الملقحات، كونها تلعب دورًا أساسيًا في ضمان الأمن الغذائي والحفاظ على التنوع البيولوجي، فالملقحات تساعد في التلقيح الجنسي للنباتات؛ مما يزيد من إنتاجية المحاصيل الغذائية والمغذية، ويحافظ على التوازن الإيكولوجي.
 

ووفقًا للأمم المتحدة، تُعتمد ثلاثة أرباع المحاصيل الغذائية في العالم على الملقحات، وتقدر قيمة خدماتها بنحو 235-577 مليار دولار سنويًا، كما أن الملقحات تسهم في حفظ الأنواع النباتية البرية التي تشكل أساس الأنظمة الإيكولوجية وتوفر موارد للكائنات الحية الأخرى.
 

ويشير "عبد الجليل" إلى أن فقدان الملقحات أو انخفاض أعدادها يشكل تهديدًا خطيرًا للأمن الغذائي والتنوع البيولوجي والتنمية المستدامة، فالنحل له أهمية كبيرة في التلقيح، حيث تتم عملية نقل حبوب اللقاح من الأعضاء الذكرية للزهرة إلى الأعضاء الأنثوية لزهرة أخرى من نفس النوع؛ مما يؤدي إلى تكوين البذور والثمار.

ووفقًا لمنظمة الأغذية والزراعة، فإن 75% من المحاصيل الغذائية في العالم تعتمد على التلقيح بواسطة الحشرات، وخاصة النحل، كما أنه يساهم في تحسين جودة وكمية المنتجات الزراعية، ويدعم التنوع البيولوجي والتوازن الإيكولوجي.
 

ويختتم: "بالإضافة إلى دوره في التلقيح، ينتج النحل منتجات مفيدة للإنسان، مثل العسل والشمع والغذاء الملكي وغيرها، وتتمتع هذه المنتجات بخصائص غذائية وصحية وطبية وتجميلية، كما يوفر النحل مصدر دخل للكثير من المزارعين والمربين، لذا يجب نشر التوعية بشأن الحفاظ عليه، والاستفادة منه بأكبر شكل ممكن".