رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

في ذكرى ميلاده.. هكذا أثرت فترة عمل ميخائيل بولجاكوف فى الطب على نتاجه الأدبى

ميخائيل بولجاكوف
ميخائيل بولجاكوف

يحل اليوم الإثنين الموافق 15 مايون، ذكرى ميلاد ميخائيل بولجاكوف، والمولود في مثل هذا اليوم من العام 1891، والذي يعتبر من أبرز الوجوه الأدبية في المشهد الثقافي الروسي خلال القرن العشرين، حيث ولد في بيت ثري بالثقافة والفنون، فقد كان والده “أفانسي أيفانوفيتش بولجاكوف”، أستاذا في أكاديمية العلوم الروحية في كييف.

درس ميخائيل بولجاكوف في كلية الطب والتي تخرج منها في العام 1916، وفور تخرجه التحق بالجبهة الجنوبية الغربية متطوعا في الصليب الأحمر، ومارس هناك علي خط النار مهنته الإنسانية لأول مرة ــ بحسب المترجم “دكتور غسان مرتضي”، في مقدمته لترجمة كتابه “مذكرات طبيب شاب”، فعالج المرضي وداوي الجرحي، وأجري العمليات الجراحية البسيطة، وفي نهاية العام نفسه عين طبيبا في إحدي قري مقاطعة “سمولينسك”، فرحل إلي هناك ليقضي في الريف النائي عاما كاملا يعاني من الوحشة والغربة، ومن الطبيعة القاسية ويناضل مناضلة لا هوادة فيها الجهل والتخلف والسحر والغيبيات والأمراض الفاشية والسارية، ويختبر معارفه العلمية وقدراته الطبية ورباطة جأشه. 

كان عاما صعبا وخصبا وصفه ميخائيل بولجاكوف فيما بعد في قصصه “مذكرات طبيب شاب” .

ــ موقف ميخائيل بولجاكوف من الثورة البلشفية

ويلفت “غسان” إلى: "أثناء إقامته ــ ميخائيل بولجاكوف ــ في ريف “سمولينسك”، هبت رياح الثورة في موسكو ومدن روسيا الكبري لكنه لم يستطع المشاركة فيها لانقطاع قريته عن العالم المحيط بها، بل أنه لم يستطع متابعة أخبارها في الصحف، لأن الصحف نفسها لم تكن تصل إلي هناك”.

ــ شهرة ميخائيل بولجاكوف في المسرح

ويشدد “غسان” على أن: "لم تكن قصص ميخائيل بولجاكوف وررواياته وراء شهرته الواسعة التي حصل عليها في منتصف العشرينيات، بل كانت هذه الشهرة وليدة المسرح الذي وهبه “بولجاكوف” جزءا كبيرا من حياته واهتماماته الإبداعية، فقد كتب للمسرح عددا من الأعمال من أهمها مسرحية “أيام آل توريين”، والتي عرضت علي مسرح موسكو الأكاديمي الفني، فلاقت رواجا منقطع النظير، حتي أن “ستالين" نفسه كان خريصا علي مشاهدتها غير مرة، ومسرحيته “شقة زويا”، و"الهروب"، و"الجزيرة القرمزية" وغيرها". 

 هكذا أثرت فترة  عمل “ميخائيل بولجاكوف”  في الطب علي نتاجه الأدبي

والمجموعة القصصية “مذكرات طبيب شاب”، تعكس فنيا تجربة حياتية مهنية عاشها “بولجاكوف” في مشفي الصليب الأحمر في الجبهة، وفي ريف  "سمولينسك”النائي، لكنها ليست أنعكاسا آليا، أو مذكرات بيوجرافية، فقد ترك “ميخائيل بولجاكوف”، لحظات التجربة لمدة سنتين من الزمن لتختمر في ذهنه المتوقد، ولتأخذ شكلها الإنساني العام، بحيث تصبح تجربة لكل طبيب مبتدئ في كل مكان.

بدأ ميخائيل بولجاكوف، في تدوين مجموعته القصصية “مذكرات طبيب شاب”، في العام 1919، عندما كانت الحرب الأهلية في كييف علي أشدها، وبينما كانت دماء المأساة تسفك في الشوارع والأزقة، كانت هناك دماء أخري تقطر علي طاولة الطبيب الجراح لتبشر ببرء المريض، أو بولادة واحدة ــ بحد تعبير المترجم غسان مرتضي ــ وهي عند بولجاكوف دماء الأمل والشفاء والمستقبل.

أما الرصاص الذي يقتل الأبرياء في الشوارع، ويوجهه الإنسان نحو أخيه الإنسان فأنه يتحول تحت ريشة الفنان المبدع إلي وسيلة للتخلص من الذئاب المفترسة التي توشك أن تنقض علي المزالج، وتجهز علي الطبيب والحوذي" كما وصفها ميخائيل بولجاكوف.