رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

هى أشياء لا تشترى!

مساندة الأشقاء واحتواؤهم وإصلاح ذات بينهم، ورأب صدوعهم وتصدعاتهم ومحاولة التخفيف من أعبائهم، أشياء ستجد نفسك ملزماً بفعلها إذا ما قدَّرالله لك أن تكون كبيرا كما هو الحال عندنا! أقول وأصدقكم القول، إنني لم أفاجأ بالحفاوة التي استقبل بها أهلنا في أسوان أشقاءهم القادمين من السودان، فمصر والسودان ليسا مجرد جيران، وإنما شقيقان وسيبقيان إلي أن يرث الله الأرض ومن عليها، وحسن استقبال الشقيق لشقيقه واجب علي كليهما وليس فيه ما يبعث علي الإنبهار، وأصالة معدن شعبنا ليست خاضعة للاختبار! الأزمات التي تعرضت لها المنطقة خلال السنوات الماضية كانت كفيلة وكافية لإظهار معادن الشعوب وإبراز قدرات القادة! 
وإذا ما تحدثنا عن الأزمة الراهنة في السودان "كمثال" وكيف تعامل الأسوانيون مع أشقائهم السودانيين، كيف دشنوا المبادرات وأبرموا الاتفاقيات في كافة القري والبلدات وعقدوا العزم والنية علي رعاية كل من حلوا علي بلدنا ضيوفاً مكرمين وإمدادهم بالأغذية والمشروبات والأدوية، والسكن والحافلات إلي غير ذلك من الاحتياجات وتوفير كل ما يعين الإنسان علي إدامة حياته بعد أن كتب الله نجاته! ولست أظنني في حاجة إلي أن أقول، إن أي شىء مما ذكرته الآن لم يكن أبداً ليتم دون مباركة من القيادة، التي فطنت مبكراً إلي خطورة ما جري لأشقائنا في الجنوب، فأتت دعوة الزعيم السيسي إلي ضرورة التعامل بصورة إيجابية وتفعيل الحوار السياسي لتجنيب السودان وأهله عواقب كارثية من الممكن أن تؤول إليها الأوضاع حال استمرار الصراع! يحسب للدولة المصرية أنها احترمت سيادة كافة الدول ولم تنجر إلي "فخ" التدخل في شئون الآخرين، وهو ما تمنته قنوات أهل الشر ودعت إليه وتوقعته! لقد توهموا أننا من الممكن أن ننجرف إلي الوقوع في هذا الشَرَك في أكثر من مناسبة خلال العقد الفائت كله بكل ما شهده من مشكلات، إبان الأزمة السورية، أو الليبية، أو اليمنية، وآخرهم السودانية، فأخزاهم الله وأخذلهم وألهمنا الصبر والتؤدة والتروي والثبات، وتعاملنا مع المواقف بحكمة الخبراء ورصانة العقلاء، وهدوء الواثقين ويقين المؤمنين مع الأخذ بالأسباب وبذل الكثير من الجهود وعدم الركون للجمود، فعاد أبناؤنا سالمين، وكنا سبباً في إنقاذ ألوف آخرين! نقولها تحدثاً بنعمة الله، ونحمده سبحانه علي فضله الكبير بأن منحنا قائداً لديه من الفروسية ورجاحة العقل والثبات عند الشدائد والأزمات ما جعلنا في سربنا آمنين مطمئنين، مُهابين ومُقَدرين. قرابة الـ٩ ملايين ضيف يعيشون بيننا، لم يشعر أحدهم يوماً بأنه غريب، لهم كل ما لشعبنا من حقوق، يسكنون حيث طاب لهم السكن فليس لدينا معسكرات لجوء!  يبيعون ويشترون، يعملون ويتكسبون، يتزوجون وينجبون ويتاجرون ويربحون، لم نتاجر بأحدهم يوماً أو نمن عليه، فتحت مصر ذراعيها لكل من ضاقت به الأرض وتقطعت به السبل وأجبرته الظروف علي ترك موطنه، فكانت له الحصن الحصين والملاذ الآمن الأمين، لقد رددنا بالأفعال وكان في ردنا الدليل علي كذب الادعاءات والأقاويل التي زعمت بأن دورنا قد تقلص أو أن ريادتنا قد تأثرت. ترفّعت مصر دائما عن الصغائر وأرضت ربها والضمائر، فكانت عند حسن ظن أهلها وكنا عند حسن ظن الآخرين بنا، حفظ الله أوطاننا وأعانكم وأعاننا.