رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

عالم آثار: "الإفروسنتريك" حركة مشبوهة تسعى للانتقام من اضطهادات الماضي

مسلسل كليوباترا
مسلسل كليوباترا

في الوقت الذي تستعد فيه منصة "نيتفليكس" الشهيرة لعرض المسلسل الوثائقي "الملكة كليوباترا" - يوم 10 مايو القادم - تعرض القائمين على المنصة والعمل الفني لسلسلة واسعة من الانتقادات الحادة، خاصة بعد ظهور شخصية الملكة في فتاة من ذوي البشرة السوداء (على عكس الحقيقة).

ولم يقتصر الأمر على الانتقادات المحلية فقط، بل تصدرت في الأيام القليلة الماضية، أخبار عدة من قبل وسائل إعلام عالمية حول أزمة المسلسل الوثائقي "الملكة كليوباترا"، ومدى تشويهها لتاريخ الحضارة الفرعونية في مصر، ونسبها إلى دول أفريقيا، كان أبرزهم موقع "نيوز وان" الأمريكي، وصحيفة "جريك سيتي تايمز" اليونانية.

حركة مشبوهة

ومن جانبه، يقول الدكتور حسين عبد البصير، مدير متحف الآثار بمكتبة الإسكندرية، إن "الأفروسنتريك" أو "الأفروسنتريزم" تُعد منظمة تابعة للولايات المتحدة الأمريكية، هدفها الرئيسي هو نسبة حضارات أخرى لأصحاب وذوي البشرة السوداء (الأمريكان من ذوي الأصول الأفريقية)، وتأثرت بأفكار أشخاص عديدة للغاية، أبرزهم الشيخ أنتدي ديوب، عالم الآثار السنغالي، الذي كان يروج دومًا لفكرة أن الحضارة المصرية تعود لأصول ذوي البشرة السوداء.

ويوضح "عبد البصير" في حديث خاص لـ "الدستور"، أن فكر هذه الحركة المشبوهة يعتمد على تصدير صورة معينة عن الحضارة المصرية القديمة، وهي الترويج لنشأة هذه الحضارة على أيدي أشخاص من ذوي البشرة السوداء، وذلك عبر الأعمال الفنية التي يتم تقديمها من خلال المنصات الشهيرة، كما حدث مؤخرًا في الترويج لمسلسل "الملكة كليوباترا".

ويضيف: "هؤلاء المفكرين الذين تبنت منظمة "الإفروسنتريك" أفكارهم المشبوهة، يدعون أن العرب اغتصبوا الحضارة الأفريقية، واستولوا عليها في الماضي لتصبح حضارة مصرية، بل وطردوا الأفارقة منها، ولكن كُل تلك الأقاويل ليست لها أي أساس من الصحة".

الدكتور حسين عبد البصير، مدير متحف الآثار بمكتبة الإسكندرية

 

انتقام من الماضي

ويستكمل عالم الآثار حديثه، مشيرًا إلى أن الحضارة المصرية عريقة للغاية، لذا يحاولون دومًا أن ينتسبوا إلى الحضارة الأعظم، كمحاولة منهم للرد على ما تعرضوا له من استعباد واضطهاد كبير داخل الولايات المتحدة الأمريكية، فقد تعرض ذوي البشرة السوداء للعنف طوال حياتهم، ويروجون حاليًا لأصولهم الأفريقية من خلال الاستيلاء على الحضارة المصرية.

ويتابع: "الحياة غير الإنسانية التي عاشها أصحاب البشرة السمراء في الماضي داخل الولايات المتحدة الأمريكية، منذ أن تم جلبهم من دول أفريقيا المختلفة، واستغلالها في زراعة القطن، والعمل داخل المزارع في الجنوب الأمريكي، جعلهم يشعرون بالاضطهاد طوال الوقت، ولم يجدوا حلول سوى الاعتماد على نسب أصولهم للحضارة المصرية القديمة".

حضارة عريقة

أما عن الأقاويل المتداولة بشأن نسب الحضارة المصرية لجنوب السودان، يؤكد "عبد البصير" أن الحضارة المصرية القديمة نشأت في الدلتا وجنوب الوادي، أما الحضارة السودانية فهي جزء من الحضارة المصرية (النوبة)، فهناك جزئين للنوبة، النوبة السفلى التي تمتد من أسوان إلى وادي حلف، والتي تقع داخل الحدود المصرية، وأيضًا النوبة العليا التي تعتبر جزءًا من الإمبراطورية المصرية في عصر الدولة الحديثة.

ويختتم مدير متحف الآثار بمكتبة الإسكندرية: "هناك حملات عدة تم إطلاقها في الآونة الأخيرة لوقف عرض مسلسل "الملكة كليوباترا"، ولم يقتصر الهجوم على الجهات المعنية فقط، بل كان للمصريين دورًا كبيرًا في مواجهة الأزمة عبر منصات التواصل الاجتماعي المختلفة، ونأمل في المستقبل تدشين سلسلة من الأفلام الوثائقية عن الحضارة المصرية عبر المنصات الشهيرة، لتوضيح كافة الحقائق المتعلقة بشأن الحضارة المصرية".