رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"لبس الجبّة والقفطان وأحب العزلة".. تفاصيل حياة طه حسين فى الأزهر

طه حسين
طه حسين

حياة أديب الأدب العربي طه حسين مليئة بالتفاصيل والحكايات، رصدها الكاتب حمدى البطران في كتابه "طه الذي رأي" الصادر عن دار كلمة للنشر، ومن بين هذه الحكايات، قصة التحاقه بالتعليم في الجامع الأزهر.

وذكر البطران، أنه قبل أن يسافرَ الشيخُ الصغير طه حسين، إلى القاهرة، اشترى له أبوه، جبّة وقفطانًا ونعلًا جديدًا وعمامة وطربوش أحمر يلفُّ عليه شال العمامة الأبيض، ووجد نفسَه في القطار، وسط ضجيج المسافرين والركّاب.

وبعد ساعاتٍ من السفر، كان في القاهرة، وجد نفسه مع مجموعة من المجاورين زملاء شقيقه، فأحاطوا بهما، وأجهزوا على ما كان الأخوين يحملانه من الطعام.

 

كيف كانت حياة طه حسين في الأزهر؟

وأضاف البطران: “لم تكن حياة طه في الأزهر هيّنةً أو سهلة، ولم تكن طريقه مفروشة بالورد، فطالما تركه أخوه وحيدًا في حجرته لساعاتٍ طوال، وكم قاسى من الحرمان معتمدًا على العسل الأسود والفول والمخلل والكرّات”.

 

تلاوة سورتي الكهف والعنكبوت

وتابع: “إلى أن كان يومُ أن ذهب لامتحان القرآن الكريم توطئةً لانتسابه للأزهر الشريف، ذلك الامتحان الذي جاءه على حين غرة، إذ علم عنه بعد أحد دروس الفقه مباشرةً، إذ ما أن تلا بعض الآيات من سورة الكهف وأخرى من سورة العنكبوت حتى قال له أحد الممتحنين: انصرف يا أعمى فتح الله عليك”.

 

وصول طه حسين إلى صحن الجامع الأزهر

واستكمل: “شعر طه آنذاك بالراحة عندما وصل إلى صحن الجامع الأزهر، بعد صلاة الفجر، ويستمع إلى أصواتٍ محدّدة تُطَمئنه وتريحه، صوتٌ فاتر، لشيخٍ يبدأ الدرس مع تلاميذه، كصوت الذي استيقظ من نومه وأدّى الصلاة ولم يتناول شيئًا من الطعام”.

صفات طه حسين في الأزهر

وأضاف: “كان مكان طه حسين معروفًا ومحدودًا، كمجلسه في كلٍّ غرفة سكنها، كان مجلسه عن شماله إذا دخل الغرفة، يمضي فيجد حصيرًا ألقي عليه بساط قديم يجلس عليه في أثناء النهار، يتحوّل إلى سـرير ينام عليـه في أثناء الليل، كان شقيقه يلقى له وسادةً يضع عليها رأسه ولحافًا يلتف فيه”.

وتابع: “كان المكان الذي يجلس فيه شقيقه، يحاذي مجلس طه حسين من الغرفة وهو يرتفع عـن مجلسه ويتكون من حصيرٍ فوقه بساط، وفوقه فراش من الصوف وفوق هذا كلّه مرتبة فوقها ملاءة، ثم وسائد رُصّتْ عليها يسند عليها الفتى وأصفياؤه ظهورَهم، عندما يكونون في زيارته، بينما الصبي يسند ظهره إلى الحائط الصلب”.

 

تفاصيل يوم طه حسين أثناء دراسته في الأزهر

وقال البطران: “في الصباح، كان شقيقه يقوده حتى يجعله يجلس في حلقة الحديد، فيُجلسه على كرسي، ويتركه إلى حيث محاضراته، وكان طه حسين يستوعب الأحاديث، وكانت تضايقه تلك السلسلة الطويل من الأسماء التي تسبق الحديث، فلما ينتهي الدرس يأتي شقيقه لينقله إلى درس الفقه، وعندما كان ينتهي الدرس كان التلاميذ ينصرفون ويظل طه حسين قابعًا في مكان حتى يأتي صاحبه، فيقوده من يده بغير كلام ويمضي به حتى يخرجه من الجامع الأزهر، فيلقيه في الغرفة، فيجلس على فراشه".

وأضاف: “في الطريق كان طه حسين يقلّب خواطره في عالم الأصوات، خواطر أصوات الطريق، وخواطر ما سمع من أستاذ الحديث، وما سمع من أستاذ الفقه، كان يقلب تلك الخواطر عند عودته من الجامع، كان شقيقه يتركه في الغرفة ليعدَّ له طعام الإفطار، من الفول الذي يغرقه السمن أو الزيت، وعندما كان يتناول طعام الإفطار مع شقيقه لا يتكلمان، ولا يتبادلان إلا كلماتٍ قليلة، وعندما كان يشترك معهما بعض الزملاء يكون الإفطار صاخبًا، فكان يشاركهما زميل أو اثنين أو ثلاثة”.

وتابع: “كان شقيق طه حسين يهمله في وجود زملاءٍ على الفطار، ويتركه ولا يكلمه، فكان طه ينزوي في ركنه يمارس هوايته في الاستماع، كان يحب أن يسمع ما يقوله زملاء شقيقه الأكبر وهم يتناولون طعامهم على طبلية صغيرة في حجرة طه وشقيقه”.