رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

في يوم إحياء ذكراها.. كيف رصدت الأعمال الأدبية كارثة تشيرنوبل؟

الأعمال الأدبية
الأعمال الأدبية

37 عامًا مرّت على كارثة تشيرنوبل، التي توافق السادس والعشرين من أبريل كل عام، التي وقعت في المفاعل رقم 4 من محطة تشيرنوبل للطاقة النووية، في يوم السبت 26 أبريل من عام 1986، قرب مدينة بريبيات في شمال أوكرانيا السوفيتية، وغطت آثاره المدمرة ثلاثة أرباع أوروبا، حيث كان ما يقرب من 200 موظف يعملون في مفاعل الطاقة النووي بأوكرانيا، لقى منهم 36 شخصًا مصرعهم، وأصيب أكثر من 2000 شخص. 

لعبت العديد من الأعمال الأدبية دورا كبيرا في رصد هذه الكارثة، والتي تعد أكبر كارثة نووية شهدها العالم، وخلال السطور التالية نستعرض أبرز هذه الأعمال.

صلاة تشرنوبل

نقل كتاب "صلاة تشرنوبل" أصوات من وقعت عليهم المأساة في صمت، حيث أجرت الكاتبة والصحفية البيلاروسية سفيتلانا أليكسفيتش بإجراء مقابلات مع 500 ناجٍ وناجية من الانهيار ورجال الإطفاء ومن تم تكليفهم بدفن وجه الأرض الملوث وإطلاق النار على كل الحيوانات بالمنطقة، وقصصهم التي كشفت عن الخوف والغضب واللا يقين المستمر معهم رغم تنظيف آثار الكارثة جيدًا لكنها الآثار التي لا تمحى من نفوس البشر. 

ونقلت "سفيتلانا" أصوات الضحايا داخل روايتها في شكل مونولوج بصدق وعاطفة لا تسعها اللغة جسدت التغيرات النفسية التي أحدثتها الكارثة، والتحولات الجينية التي تركت أثرًا كبيرًا لدى السكان هناك، ولكل الساعين في البقاء ولكن بدلًا من المضي قدما قررت "سفيتلانا" الرجوع للكارثة ووصفتها بأنها أسوأ بكثير من معسكرات الاعتقال ومصارعة المجهول.

36 سنة تشيرنوبل

ربط د.محمد المخزنجي في كتابه "36 سنة تشيرنوبل" والصادر عن دار الشروق للنشر والتوزيع، بين حريق مفاعل تشيرنوبل الكهرو نووي - 1986، ومحرقة حرب روسيا في أوكرانيا - 2022؛ باعتبارهما نتاج موجتيْن من نار سوداء واحدة، انطلقت شرارة إشعالهما من منابع الحماقة البشرية ذاتها، وإن اختلفت أطيافها، وأدوار شياطينها، ليُشوى في لظاها أبرياء البشر وتتفحَّم إبداعات الإنسان وجمالات الأرض. 

جرسا إنذار من ناقوس تشيرنوبل المنكوبة عينها، يحذران من نار سوداء ثالثة، يرى المؤلف إنها لن تكون إلا نووية، ونهائية، يشعلها قِلة من عظيمي النفوذ وضيعي النفوس، الذين يديرون عالمنا بالتسلط والخبث والحيلة، فهل من نجاة؟!

1986

تجرى أحداث رواية "1986.. ليلة تبدلت فيها الحياة" لمؤلفها عمرو كامل عمر، خلال الفترة ما بين 26 أبريل 1986، ليلة انفجار مفاعل "تشيرنوبل" المروع بأوكرانيا، والذي يعتبر أكبر كارثة نووية شهدها العالم، حتى يوم 20 أبريل من عام 2016 في ذكرى مرور ثلاثين عاما على الحادث. 

وتعتبر رواية اجتماعية، وتحمل أحداثا شيقة وتقلبات مثيرة تمُر بها بطلة الرواية كلارا وأمها مارجاريتا.

ومن أجواء الرواية نقرأ:

تنظر كلارا كعادة كل يوم جهة اليمين إلى عجلة الملاهي الدوارة بكبائنها الصفراء، والتي تمُر بها في طريقها إلى المنزل، فتجذب تنورة والدتها وتشير بإصبعها إلى العجلة، فتجيبها مارجاريتا بأن الأمر قد بات وشيكًا، ولم يتبقَّ سوى خمسة أيام على افتتاح حديقة الملاهي بالمدينة بشكل رسمي، وتعدها بأنها ستحضر الافتتاح يوم عيد العمال الذي بدأت زينته تملأ شوارع المدينة وتكسوها باللون الأحمر.

تصعد مارجاريتا إلى شقتها في الطابق الثامن بالمبنى 7أ الكائن بشارع سبورتيفنايا، فتخرج المفتاح من جيبها وتفتح الباب بهدوء شديد، وتهمس في أذن ابنتها أن تدخل بهدوء هي الأخرى وأن لا تحدث ضوضاء لكيلا تزعج والدها النائم في الغرفة. 

ثم تتوجه إلى المطبخ لتعد وجبة الهولوبتسي؛ ملفوف الكرنب الذي يحبه كثيرًا زوجها أليكسي، الشاب الثلاثيني الذي يعمل في وحدة الإطفاء التابعة لمنطقة تشيرنوبل.

تخلع كلارا حذاءها وتطيح بقدميها كل فردة في اتجاه، ثم تنزل بجسدها الضئيل أسفل الأريكة لتحضر دميتها صوفيا، لتجلسها إلى جوارها على الأريكة وتأكل باستمتاع ثمرات الفراولة التي غسلتها لها أمها بعناية.

لودميلا

وترصد رواية "لودميلا" للكاتبة السورية لينا كيلانى، والصادرة عن دار الهلال عام 2016، استعادة للظلال الإنسانية لكارثة انفجار المفاعل النووى تشيرنوبيل.

من أجواء الرواية نقرأ:"الجيل الذى شهد كارثة انفجار المفاعل النووى تشيرنوبيل، فى الخامس والعشرين من أبريل 1986، يتذكر القلق العام المترتب من آثار تلك "القيامة الصغرى" هذا الجيل لا يمكن أن ينسى أيضا ذلك التاريخ المحفور بدماء وغبار ذرى وموت طارد الصغار والكبار، أولئك الذين لم يملكوا حيلة للفكاك من الإعصار النووي، لكن الجيل التالى لا يذكر تلك الكارثة، فالاتحاد السوفيتى نفسه تفكك واختفى اسمه، وورثته روسيا، لكن القلق من تكرار الانفجار فى أى مكان آخر بالعالم مازال قائمًا".