رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"العيدية".. من عطية الخليفة الفاطمى لرعاياه إلى طقس شعبى

العيدية
العيدية

على الرغم من تغير الحكام في مصر وتنوع أسماء العملات على مدار العصور، فإن "العيدية" ظلت حاضرة كطقس شعبي يمثل جانبًا من جوانب احتفال المصريين بالأعياد ولا سيما "عيد الفطر". 

 

من عطية الدولة إلى هدية الأقارب 

تعرف المصريون على العيدية بصورة مغايرة لما هو معروف اليوم، فقد بدأت مع الدولة الفاطمية التي كانت تهديها لرعاياها، لكنها اليوم صارت هدية الآباء والأعمام والأخوال لأطفالهم .  

 

بين أستاذ التاريخ أحمد الصاوي في كتابه عن طقوس رمضان والعيد والذي حمل عنوان "رمضان زمان" أن العيدية لفظ أطلقه الناس على ما كانت توزعه الدولة أو الأوقاف من نقود في موسمي عيد الفطر وعيد الأضحى كتوسعة على أرباب الوظائف. 

 

وأشار إلى أن العيدية مدينة بظهورها كحق مكتسب لموظفي الدولة لسياسة ذهب المعز وسيفه الشهيرة، إذ يؤثر عن الخليفة الفاطمي المعز لدين الله أنه عند دخوله مصر بعد فتحها على يد جوهر الصقلي وجد الناس في جدل ونقاش بين مؤيد ومشكك في صحة نسبه إلى البيت النبوي فوقف وسط الناس وقد لوح بسيفه قائلا هذا نسبي ثم أعقب ذلك بإخراج بعض الذهب وهو يصيح وهذا حسبي. 

 

وقد استخدم المعز لدين الله الفاطمي حسبه ونسبه في توطيد دعائم خلافته الشيعية فكان يغمر رعاياه في كل مناسبة بالأعطيات ومظاهر الترف والبهجة. 

 

وقد حرص الفاطميون على توزيع العيدية مع كسوة العيد، وعندما كان الرعية يذهبون إلى قصر الخليفة صباح يوم العيد للتهنئة كان الخليفة ينثر عليهم الدراهم والدنانير الذهبية من أعلى أحد أبواب قصر الخلافة.

 

ولفت الصاوي إلى أن الاهتمام الأكبر بالعيدية والتي عرفت باسم الرسوم كان يقع في عيد الأضحى لأن عيد الفطر كان يعرف لديهم بعيد الحلل والكسوات. 

 

 التحول إلى طقس شعبي

بعد نهاية العصر الفاطمي، توقفت الدول المتعاقبة عن صرف العيدية لأرباب الوظائف المدنية واكتفت بصرفها للجنود من المماليك، وكثيرا ما تعرض بعض السلاطين لاعتداءات المماليك بسبب قلة أو تأخر نفقة العيد وربما أدى تذمر المماليك إلى عزل السلطان عند عجزه عن إرضاء رغبات مماليكه.

 

وكانت النقود التي كانت تصرف بها العيدية محصورة في  الدنانير الذهبية والدراهم الفضية والفلوس النحاسية، ولكن منذ القرن التاسع الهجري أصاب الضعف النقود الإسلامية فاختفت الدنانير والدراهم وحل محلها "الدوكات" من ضرب البندقية و"الإفلوري" من ضرب فلورنسا بإيطاليا، ثم ريالات "مارياتريزا" النمساوية وما إلى ذلك من عملات أوروبا. 

 

مع حلول العهد العثماني، اختفى طقس منح الدولة العيدية إلى الموظفين، وصارت عادة شعبية احتفظ بها الناس إلى اليوم تعبيرًا عن فرحتهم بقدوم العيد.