أسرة المبتهل سعيد حافظ: أدى مكان 6 مشايخ في أغنية "يا حبيبى كان زمان" وقنبلة أفقدته بصره (حوار)
قالت عالية سعيد حافظ، ابنة المبتهل الراحل سعيد حافظ، إن والدها لم يولد كفيفا ولكن فقد بصره إبان العدوان الثلاثي الغاشم على مصر، بعد أن انفجرت قنبلة أصابت عيناه، لافتة إلى أن والداه قدما له الرعاية اللازمة ليطور من نفسه وكان الله معينا له حتى خرج صوته للنور.
وأضافت عالية أن المبتهل الراحل محمد عمران كان صديقا مقربا له بل كان “توأم روحه” وسجلا سويا “أدركنا يا الله”، و قدم للجمهور أغنية “ياحبيبى كان زمان” مع الفنان محمد الحلو وحل محل 6 مشايخ فى الأغنية، وإلى نص الحوار..
كيف فقد الشيخ سعيد حافظ بصره وهو طفل إبان فترة العدوان الثلاثى على مصر ؟
كان والدى يحكى لنا قصة فقدانه لبصره ويقول أن عمره كان حوالى 6 أو 7 سنوات، وكان يلهو مع أصدقاءه من الأطفال، وكان ذلك فى فترة العدوان الثلاثى على مصر، وأثناء اللهو عثروا على شئ يشبه “الكوز”، وبمحاولة فحصه انفجر بهم، إذ كان عبارة عن قنبلة، ما أدى لانقطاع أطراف بعض الأطفال والكبار المتواجدين ومنهم من فقد حياته، وتناثرت شظايا أصابت عينى الشيخ سعيد، ونُقِلَ على الفور للمستشفى ولكن دون جدوى، فقد شاء الله وأراد أن يعيش طيلة حياته مكفوف البصر.
كيف تعامل والداه معه بعد تعرضه لحادث فقدان بصره؟
ألحقاه بالكتاب ومركز رعاية المكفوفين من بعده حتى يطورا منه خاصة حينما تلاحظ حسن صوته وحبه لكتاب الله.
متى حفظ الشيخ سعيد حافظ القرآن الكريم؟
كان الوالد يحكى لنا أنه وبعد فقدانه لبصره اصطحبته والدته إلى كُتَّاب القرية ليحفظ القرآن الكريم وأتم حفظه ولم يبلغ العاشرة من عمره، ومنذ صغره لاحظ عليه شيخ الكتاب النبوغ وحب كتاب الله وحسن الصوت، وكان يطلب منه قراءة القرآن ويستمع له باهتمام ، ,كان والدى وهو صغير يقلد الشيخ محمد رفعت والشيخ عبد الباسط عبد الصمد وغيرهم.
كما كان يستمع للقراء والمنشدين باهتمام في كل المناسبات الدينية ويقلدهم فى الإنشاد والتواشيح.
كيف تلاحظ حسن صوته وكيف ذاعت شهرته ؟
أخبرنا والدنا أنه حين لاحظ عليه من حوله حسن الصوت ومحاكاة الكبار فى التلاوة والإنشاد أشار الجميع على والده الحاج حسن حافظ بأن يذهب به إلى المركز النموذجي لرعاية وتوجيه المكفوفين وبالفعل ألحقه ولده بِـ(قسم الموسيقى العربية) لكي يحفظ ويتعلم المقامات الموسيقية، وبالفعل حَصُلَ على دبلوم الموسيقى.
من باب الحظ سجلت معه الإذاعية آمال فهمي حلقة من برنامجها الشهير (على الناصية) الذي كان يُذاع على إذاعة البرنامج العام، وعندما سألته عن أمنياته أجاب قائلاً أنه يتمنى الإلتحاق بمعهد الموسيقى العربية بالقاهرة ، واستمع إلى الحلقة أحمد شفيق أبوعوف والذى استفسر عن والدى وساعده فى الإلتحاق بمعهد الموسيقى العربية قسم أصوات، ثم أخذ يحفظ الطقاطيق والموشحات والأدوار الصغيرة.
قصة اعتماده فى الإذاعة كمطرب ثم تحوله لمبتهل بناءا على رغبته؟
كان الموسيقار أحمد شفيق أبوعوف قد أسس فرقة موسيقية، إلتحق والدى بها، ثم سجل له مصطفى سليمان مُعِدّ أحد البرنامج حلقة تليفزيونية، وعندما أذيعت طلبت لجنة الإختبار بالإذاعة شريط تسجيل هذه الحلقة ثم أرسلت لوالدى ليمثل أماهم للاختبار، وبالفعل حضر واجتاز الإختبار وتم إعتماد الشيخ سعيد حسن حافظ كمطرب بالتليفزيون المصرى عام 1973 وعام 1974 أعتمده مدحت عاصم مطرباً بالإذاعة المصرية، ومن وقتها كان والدى يتمنى أن يكون مبتهلاً دينياً مثل الشيخ سيد النقشبندي والشيخ نصرالدين طوبار والشيخ إبراهيم الإسكندراني ، فذهب إلى الإذاعي أحمد الملاح يطلب منه أن يكون مبتهلاً دينياً كباقي المبتهلين بالإذاعة المصرية، فطلب منه التقدم بطلب إلتحاق إلى لجنة إختبار القراء والمبتهلين بالإذاعة المصرية، وتقدم بالطلب وتم الإختبار، وفي عام 1979 صدر قرار إعتماد الشيخ سعيد حسن حافظ مبتهلاً دينياً بالإذاعة المصرية.
ما قصة مشاركة الشيخ مع محمد الحلو في الأغنية الشهيرة يا حبيبى كان زمان؟
تقابل الفنان محمد الحلو مع والدى رحمه الله وأخبره أنه يريده في مسألة عمل، وبعد أشهر قليلة عاود الفنان محمد الحلو الإتصال به، وأبلغه بحاجته إلى عدد من المشايخ ليردوا خلفه فى أحد الأعمال الفنية، فقال له والدي “لماذا عدد من المشايخ من الممكن أن أرد وحدى” وبالفعل شاركه العمل الفنى منفردا وكان لوالدى فضلا كبيرا فى نجاح هذه الأغنية وانتشارها انتشارا واسعا، وأضفى ودوده طابعا مميزا جدا على هذا العمل الفني.
ما أبرز ما كان يدوربينك وبين الشيخ سيد حافظ من حديث دائما؟
"أنا أكثر من أشبه والدى فى كل شئ.. فأنا أشبهه تماما فى الشكل، وأخذت منه الكثير من الطباع منه، والدى كان محبا لأهل البيت وكان عاشقا للسيدة نفيسة، كان دائما ما يصطحبنى إلى مسجد السيدة نفيسة برفقته، وكنا نمكث هناك وقتا طويلا، كنا نصل ظهرا ونظل هناك طوال اليوم وحتى فجر اليوم التالى، ونُصلى الفجر ثم نرحل.
كان والدي حريصا أيضا على أن يُحفظنى كتاب الله وأنا صغيرة.
كيف كان الشيخ سعيد حافظ الإنسان داخل بيته ومع أسرته؟
كان والدى شخصية مرحة عفوية كان دائم المزاح والضحك، وكانت العلاقة بيننا علاقة صداقة، أنا أشبهه فى العديد من الأشياء، وكان الوالد يحب الناس ويحب التجمعات وجلسات الأصدقاء، وكان الجميع يتوافد على مكان تواجده لدراسة القرآن وحفظه
كان والدي إنسانا هينا لينا يحب الجميع والجميع يحبه.
التقطت والدتة عالية وزوجة الشيخ سعيد حافظ الحديث قائلة، كان هناك فارق في السن بينى وبين زوجى الراحل، ولكنى أحببته حبا كثيرا وحتى بعد وفاته مازالت أحبه وأشعر أنه ليس بعيدا عنى.
فقد أديت له عمرة بعد وفاته وطلبت من الله أن أراه وجاء لى فى الرؤيا، ودائما ما أحاول أن أكون على تواصل معه عن طريق الصدقات الجارية والدعاء.
إلى من كان يستمع الشيخ سعيد حافظ ؟
والدى عشق كل ما هو قديم، كان يستمع دائما للشيخ محمد رفعت والشيخ عبد الباسط عبد الصمد، كما كان حريصا على الذهاب للإذاعة والحصول على تسجيلات للفنانة وردة والفنان محمد فوزى والفنانة فيزة أحمد وغيرهم
هل كان يتبع مدرسة معينة فى الابتهال أو الإنشاد؟
كان محبا للشيخ النقشبندى ولكنه كان له اسلوبه الخاص المتفرد وأصبحت له مدرسة فى الابتهال والإنشاد يتبعها الكثير.
من كان صديقا له من عظماء التلاوة والابتهال؟
كان هو والشيخ محمد عمران رحمهما الله أصدقاء مقربين، كان عمران “توأم روحه” وكانا يسمعان بعضهما فى الإبتهالات وسجلا سويا “أدركنا يا الله” والذى كان يذاع على الإفطار فى رمضان، وكان صديقا أيضا للشيخ نصر الدين طوبار وكان أبى محبا للجميع.
من أكثر من لازمه خلال فترة مرضه من أبناء دولة التلاوة فى مصر؟
:عم أحمد رمضان"، نجل الشيخ محمود رمضان، كان أكثر من لازمه فى فترة مرضه، وأيضا كان يزوره بصفة دائمة الشيخ محمود التهامى نجل الشيخ ياسين التهامى، والشيخ ياسر الشرقاوى.
بأى مرض رحل الشيخ سعيد حافظ عن عالمنا وفى أى عمر؟
أصيب أبى بغيبوبة سكر، كان فى المنزل وتفاجأنا بتعرضه لحالة إغماء تم نقله على إثرها للمستشفى، وظل أيام حتى توفاه الله، عن عمر يناهز الـ65 عاما.
الشيخ سعيد حافظ هو من مواليد مركز ومدينة القصاصين بمحافظة الإسماعيلية، ولد في 9 أكتوبر 1951، ويرجع أصول العائلة الأب والجد من مدينة المنشأة بمحافظة سوهاج.
في عام 2000 بدأت رحلات الشيخ سعيد حافظ إلى الخارج أبرزها المغرب 2003 بصحبة الفنان محمد ثروت، وأسبانيا 2004، ثم أغادير أواخر 2004، ثم شارك بمهرجان (قرطاج) بتونس 2005، ثم المغرب مرة أخرى 2006، معهد العالم العربي بباريس 2014، وكانت آخر سفرياته إلى مهرجان الإنشاد الديني بالجزائر 2015.
كان حافظ يتمنى عودة “التواشيح” الدينية التى تُؤدى ببطانة على غرار ما قدمه الشيخ طه الفشنى والشيخ على محمود والشيخ محمد الطوخى ومحمد الفيومى وغيرهم.
كان عاشقا للسيدة نفيسة رضي الله عنها وكان يؤدي الإبتهالات والمدائح النبوية في مسجدها
كانت آخر أمسية دينية سجلها للإذاعة المصرية سجلها مع الإذاعي أبوبكر بدوي بإذاعة القاهرة الكبرى بتاريخ 31 أغسطس 2015 في الإحتفال بالذكرى الخامسة عشر لرحيل شيخ المبتهلين الشيخ إبراهيم الإسكندراني والتي أقيمت بمسجد السيدة زينب رضي الله عنها بالقاهرة، وأدى فيها توشيح (يا أيها المختار) مع البطانة التي كان فيها العديد من المبتهلين والمنشدين الشباب.
رحل سعيد حافظ عن عالمنا فى الرابع من شهر يناير عام 2016.
