رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

السيناريو القاتم: هل تواجه إسرائيل تصعيدًا فى خمس جبهات؟ (تحليل)

صاروخ من لبنان على
صاروخ من لبنان على مستوطنة شلومي

تتزامن أيام الأعياد التي تشمل شهر رمضان الكريم، وعيد الفصح اليهودي، وعيد الفصح المسيحي مع التوترات والعنف المعتادين في تلك الفترة من كل عام في إسرائيل، قبل يومين بدأ التصعيد السريع من الحدود الشمالية لإسرائيل مع سوريا ولبنان، إلى الجنوب مع غزة وإلى الشرق في الضفة الغربية.

وهو ما طرح سؤالاً مهما حول اندلاع مواجهات في عدد من الجبهات وهو السيناريو القاتم الذي حذرت منه المؤسسة الأمنية والعسكرية في إسرائيل خلال الأعوام الأخيرة.

جبهة الأقصى

الجبهة الأولى والتي غالباً ما تندلع منها شرارة التصعيد في شهر رمضان من كل عام هي المسجد الأقصى، التي بدأت بدعوات من اليهود المتطرفين لإقامة طقوس ذبح القرابين داخل الحرم الإبراهيمي بمناسبة عيد الفصح اليهودي فيما منعت الحكومة الإسرائيلية إقامة طقوس الذبح وألقت الشرطة الإسرائيلية القبض على أحد مطلقي الدعوات.

عندما أطلقت الدعوات اليهودية، قامت الفصائل الفلسطينية بإرسال دعوات إلى الشباب الفلسطيني للذهاب إلى المسجد الأقصى والاعتكاف بعد صلاة العشاء به، وبدأ المتحصنون في ترديد هتافات داخل المسجد، وأغلقوا أبوابه من الداخل بالعوائق والتحصينات وسدوا المداخل.

لاحقاً حاولت القوات الإسرائيلية تفريق المتواجدين داخل الأقصى من الخارج لكنها لم تنجح فقامت القوات الإسرائيلية باقتحام المسجد القبلي ونشبت مواجهات حادة بين الفلسطينيين المتحصنين داخل المسجد والقوات الإسرائيلية، واعتقلت القوات الإسرائيليية حوالي 350 فلسطيني – أرقام غير رسمية.

جبهة لبنان

وأطلق نحو 34 صاروخا على شمال إسرائيل من لبنان، أمس الخميس، واعترضتها القبة الحديدية بعضها، وأورد الجيش الإسرائيلي في تقرير أن صفارات الإنذار أطلقت في بلدة شلومي وقرية بتسيت الحدوديتين، وأوضح أنه تم اعتراض 25 قذيفة ن قبل الدفاعات الجوية، فيما سقطت 5 قذائف داخل السيادة الإسرائيلية. وأكّدت إسرائيل أن هذا القصف جاء من نيران فلسطينية وليست هجومًا مباشرًا من حزب الله.

ولاحقاً قامت إسرائيل منتصف ليلة الجمعة، بشن غارات على جنوب لبنان، حيث رد الجيش الإسرائيلي بغارات، وسمع، دوي انفجارات في محيط مدينة صور. وأكدت قوة الأمم المتحدة الموقتة في جنوب لبنان (يونيفيل) في بيان فجر الجمعة أن الطرفين "لا يريدان الحرب"، داعية اياهما إلى التهدئة.

جبهة غزة

بعدما أوضحت لبنان أنها ستعاقب مطلقي الصواريخ، وبعد إرسال حزب الله عبر الوسطاء إنه خارج المعادلة، ولا لم يطلق الصواريخ، أُطلق 44 قذيفة  من القطاع تجاه بلدات إسرائيلية في غلاف غزة، اعترضت القبة الحديدية 12 منها، في حين سقطت 14 قذيفة في مناطق مفتوحة واثنتين في البحر، فيما شنّت مقاتلات إسرائيليّة سلسلة غارات على أهداف في قطاع غزّة بحسب بيان للجيش الإسرائيلي.

وقال مصدر أمني في غزّة إنّ الطائرات الحربيّة الإسرائيليّة هاجمت ثلاثة أهداف لحماس في المنطقة التي أطلقت منها الصواريخ يوم أمس، وفي غزة تم قصف 11 هدفا، بما في ذلك موقع لإنتاج العبوات الناسفة التابعة لحماس، ومراكز بحث وتطوير مهمة في جباليا وأنفاق اقتربت من السياج الحدودي.

جبهة الضفة

بعد عودة الهدوء النسبي في ساحات القطاع ولبنان، قتلت اسرائيليتين، في العشرينات من العمر وأخرى تبلغ من العمر 40 عاماً ظهر يوم الجمعة في هجوم اطلاق نار حيث استهدفت مركبة إسرائيلية قرب بلدة "حمرا" في منطقة غور الأردن في الضفة الغربية. وأكد الجيش الإسرائيلي إن قواته تُمشّط المنطقة، في محاولة للعثور على المنفذين، فيما عقد المسؤولين الإسرائيليين الاجتماع لتقييم رد انتقامي، على الهجوم.

البلدات العربية

الجبهة الخامسة والتي لم يثبت أنها انضمت إلى التصعيد حتى الآن، لكن دخولها على خط المواجهة يسبب قلق داخل القيادة الإسرائيلية هي البلدات العربية داخل إسرائيل.

اندلعت مظاهرات تضمنت اشتباكات مساء أمس بين السكان العرب وقوات الشرطة في أم الفحم وسخنين والناصرة. واعتقلت الشرطة 12 من سكان الناصرة وسخنين وكفر مندا للاشتباه في "سلوكهم الفوضوي" واثنين آخرين من سكان أم الفحم للاشتباه في قيامهم بقذف الحجارة وإحراق الإطارات خلال أعمال الشغب في المدينة - إلى جانب عشرات الشبان. 

كيف تتحرك إسرائيل؟

قرر الجيش الإسرائيلي تعزيز القوات القتالية النظامية من المشاة والمدفعية - في كل من القيادة الشمالية والقيادة الجنوبية. على مستوى عالٍ من الاستعداد، سواء في الشمال أو في الجنوب أو في دائرة الرقابة الداخلية

أعلن الجيش الإسرائيلي صباح اليوم الجمعة، أنه يحشد في المنطقتين الجنوبية والشمالية، مقابل قطاع غزة ولبنان، قوات نظامية من سلاحي المشاة والمدفعية، وذلك في أعقاب مداولات أمنية جرت خلال الليلة الماضية بعد الاجتماع السياسي الأمني المصغر (الكابينت).

بالنسبة لإسرائيل فإن التهديد الأكبر والذي كانت تحذر منه الأجهزة الأمنية والعسكرية خلال الأشهر الأخيرة هو اشتعال كل الجبهات في وقت واحد، حيث تكمن الخطورة في تقارب الجبهات جغرافياً فيكون تاثير الهجمات منها أقوى، بينما تظل جبهة الشمال أكثر خطورة، وحزب الله أكثر جرأة على تنفيذ هجمات، الجبهات الأخرى.

لا يمكن اعتبار التصعيد خلال الأيام هي تحقيق للسيناريو القاتم الذي تخشاه إسرائيل وهو اشتعال كل الجبهات في وقت واحد، فحتي هذه اللحظة لم يخرج التصعيد وإطلاق الصواريخ من كل الجوانب عن الحدود المتعارف عليها، فيما أظهرت كل الأطراف بشكل ضمني أن ليست لديها رغبة في الدخول في مواجهات كبيرة تمتد لعدة أيام.

التصعيد الحالي يمثل لإسرائيل نموذجاً مُصغراً لما يمكن أن تكون عليه حرب مفتوحة ومتعددة الجبهات في وقت آخر.  

وكانت إسرائيل قد أجرت عددا من المناورات العسكرية لمحاكاة هجوم متعدد الجبهات، فمن الناحية التكتيكية فإن التصعيد الحالي قد يعتبر “بروفا” للحرب الحقيقية، واختباراً لمدى كفاءة المناورات والاستعدادت للحرب المفتوحة.