رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

انضمام مصر إلى بنك التنمية الجديد «بريكس»

منذ أيام صدق السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، على اتفاقية تأسيس بنك ‏التنمية الجديد التابع لتجمع "بريكس" ووثيقة انضمام مصر إلى البنك، ويعد ‏تجمع "بريكس" من أهم التجمعات الاقتصادية على مستوى العالم، والذي يضم ‏في عضويته كلا من البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا، و"بريكس" هي اختصار للحروف الأولى باللغة الإنجليزية للدول المكونة للمنظمة، ‏وهي: البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا، ويمثل التجمع نحو 30% ‏من حجم الاقتصاد العالمي، و26% من مساحة العالم و43% من سكان العالم، ‏وتنتج أكثر من ثلث إنتاج الحبوب في العالم.‏


وأنشأت الدول الأعضاء بنك التنمية الجديد برأسمال 100 مليار دولار لتمويل ‏مشاريع البنية الأساسية والتنمية المستدامة في الدول الأعضاء، فضلًا عن ‏اقتصادات السوق الناشئة والدول النامية الأخرى، ووافق بنك التنمية الجديد على ‏قبول مصر كعضو جديد، وتم الإعلان عن ذلك أثناء اجتماعات قمة قادة دول ‏البريكس في ديسمبر 2021، وأقرت مصر العضو الرابع الجديد، حيث تم قبول ‏عضويتها ضمن التوسعة الأولى لنطاق انتشار البنك عالميا، وسبقها، منذ سبتمبر ‏‏2021، كل من بنجلاديش، والإمارات العربية 
المتحدة وأوروغواي‎.‎


وتم إنشاء بنك التنمية الجديد من قبل دول "البريكس" على أساس اتفاقية حكومية ‏دولية، تم توقيعها في قمة البريكس السادسة في مدينة فورتاليزا البرازيلية في ‏يوليو 2014‏‎.‎ والغرض من أنشطة البنك هو تمويل مشاريع البنية التحتية، ‏والتنمية المستدامة، في دول البريكس والبلدان النامية، ووافق طيلة فترة عمله، ‏منذ أن تم إنشاؤه، على أكثر من 90 مشروعاً بإجمالي 32 مليار دولار، لدعم ‏مجالات، مثل النقل وإمدادات المياه والطاقة النظيفة والبنية التحتية الرقمية ‏والاجتماعية والبناء المدني.‏
والسؤال المطروح هل سيصبح هذا البنك هو الإدارة المالية للنظام العالمي ‏المترقب الجديد بقيادة دول البريكس والبديل لصندوق النقد الدولي؟ بكل تأكيد فكرة إنشاء البنك لا تخلو من مضمون السؤال والسبب أن التوقيت الزمني لإنشاء البنك ‏والدول الناشئة له دلائل قوية على ما يحتويه السؤال من مضمون، ففي  شهر ‏مارس 2014 قررت روسيا ضم جزيرة القرم وفي نفس العام شهر يوليو تم ‏تأسيس بنك التنمية الجديد "بريكس" في مدينة شنغهاي الصينية، ذلك التوقيت ‏المتزامن ليس محض صدفة، بل هناك ترتيبات كبيرة منذ سنوات من تلك الدول ‏وأهم تلك الترتيبات هو إحياء طريق الحرير الصيني البرمائي، والذي قطع شوطا ‏كبيرا في إحيائه، وفي حال العمل به بالتأكيد سيجعل الصين المركز العالمي ‏السياسي والاقتصادي، وسيسهم في عزل دولة أمريكا عن العالم بسبب موقعها ‏وبعدها عن اليابسة "خلف البحار"، وهنا العلاقة المهمة بين ذلك الطريق وجزيرة ‏القرم، فهناك فرع شمالي للطريق يمتد شمال الصين عبر شرق أوروبا ومرتكزه هو ‏جزيرة القرم حتى البحر الأسود وصولا إلى البندقية، لذلك ستصبح جزيرة القرم ‏والبحر الأسود هما المدخل الوحيد والمهم إلى كامل أوروبا، من هنا جاء الارتباط ‏بين قيام روسيا بضم جزيرة القرم والاستيلاء كاملا على البحر الأسود في الحرب ‏الأخيرة وبين طريق الحريري، وما يتم الترتيب له اقتصاديًا وماليًا بقيام بنك التنمية ‏الجديد "بريكس".‏

والسؤال المطروح الأخير، ماذا يعني انضمام مصر إلى ذلك البنك أو بالحري ما ‏الفائدة؟ رجوعًا أيضًا إلى طريق الحرير الصيني ذلك الطريق سيصل إلى قناة ‏السويس كمرتكز بحري هام يتحكم في تجارة الشرق الأوسط فهو يمر من الصين ‏إلى فيتنام وإندونيسيا وبنجلادش والهند وسيريلانكا وجزر المالديف وشرق إفريقيا ‏على طول الساحل الإفريقي متجها إلى البحر الأحمر مرتكزًا في قناة السويس إلى ‏البحر المتوسط نحو أوروبا حتى يصل إلى الساحل الصيني، وهنا السبب في قيام ‏مصر بشق تفريعة قناة السويس الجديدة وقيام العديد من الشركات الصينية ‏والروسية والهندية بالتواجد والاستثمار اللوجستي مبكرًا في ذلك المكان.‏
‏ ‏
وذلك يوضح دور مصر الكبير في ذلك الطريق الذي سيكون بمثابة الحزام الحاكم ‏للعالم وكل نقطة ارتكاز فيه ستمثل تأثيرا كبيرا في القرار السياسي والاقتصادي ‏العالمي، ولا ننسي الأهم وهو متي قررت الصين إحياء هذا الطريق؟ في سبتمبر ‏عام 2013 أعلن الرئيس الصيني عن مبادرة جديدة لتعزيز التعاون الاقتصادي ‏بين دول العالم وفي أكتوبر دعا إلى إحياء طريق الحرير الصيني الذي يرجع تاريخ إنشائه إلى عام 3000 قبل الميلاد، وأخيرًا هنا الربط الهام تاريخيًا، والذي لم يشير ‏إليه أحد من قبل وهو تاريخ ثورة 30 يونيو 2013 العظيمة وقرار الصين في ‏أكتوبر من نفس العام لإحياء هذا الطريق.  ‏