رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أين سنكون من النظام العالمى الجديد؟

تغيرات متسارعة وأحداث متلاحقة تضرب العالم منذ سنوات. التحولات كشفت عن حدتها جائحة كورونا وما خلّفته من تداعيات سياسية واقتصادية وصحية على المستوى العالمي. 
ولم يكد العالم يتعافى مما خلفه الوباء حتى استيقظ على الحرب الروسية الأوكرانية في 24 فبراير من العام الماضي لتكون أشد وطأة من جائحة كورونا، فهذه الحرب عززت الحديث بل اتخاذ الإجراءات الفعلية لتأسيس نظام عالمي ودولي جديد بخلاف القائم منذ نهاية الحرب الباردة بل منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، وسط مطالبات وتحركات من قوى كبرى وإقليمية لتغير تركيبة وبنية النظام الدولي القائم.
دعوات التحول نحو نظام عالمي جديد تقودها بعض الدول الكبرى مثل الصين وروسيا في ظل تصاعد حدة الخلافات والتنافس مع الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا، إلا أن هذا التحول سيكون عنيفًا وقد بدأت بوادره بالحرب الأوكرانية والحروب الاقتصادية وآلية العقوبات وحروب الطاقة والعملات.
التغير في النظام العالمي والدولي قادم لا محالة، لكن التساؤل أين ستكون الدول العربية وخاصة مصر من هذا النظام؟
هل ستكون المنطقة مجرد ترس يحدد له دور معين في النظام الجديد أم سيصبح لها دور فاعل ومؤثر ومبادر خاصة على المستوى الاقتصادي والعلمي والتكنولوجي وليس فقط اتباع سياسات رد الفعل والتماهي مع سياسات الدول الكبرى، والتي أضرت المنطقة طوال العقود الماضية وجعلتها مسرحًا للتدخلات وإثارة الإضرابات وانتشار الجماعات الإرهابية التي خربت الأوطان وشردت الشعوب ونشرت التطرف.
إلا أن الأمر الذي يبعث على التفاؤل أن دول المنطقة العربية وخاصة التي تعرضت للتدمير والتخريب منذ عام 2011 بدأت تستعيد عافيتها وانتصار مبدأ "الدولة الوطنية"، وأهمية هذا الكيان الجامع في حفظ حياة ومقدرات وثروات الشعوب من خلال مؤسسات قوية ومتماسكة أدرك الجميع أهميتها في حماية الماضي والحاضر ورسم المستقبل.
المنطقة العربية لا تحتمل المزيد من الصراعات الداخلية أو التدخلات الأجنبية، وحسنًا فعلت دولها حتى الآن في الحفاظ على حالة الحياد وتجنب حالة الاستقطاب الدولي وسط سعى القوى المتصارعة في الحرب الأوكرانية لجذب المزيد من الحلفاء والداعمين إلى جانبها لتكون وقودًا في هذا الصراع. 
لكن ييقى السؤال الذي يحيرنا إلى متى ستستطيع دول المنطقة الحفاظ على حالة الحياد وهل ستقدر على التمسك به في حال اتساع دائرة الصراع الدولي؟، وهل ستكون قادرة على استغلال التطورات الجارية لحصد المزيد من المكاسب وحجز دور فاعل لها في النظام الجديد؟