رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

تجار المستعمل يتحدَّثون لـ«الدستور» عن تجارة «الكانتو» في مصر

سوق المستعمل
سوق المستعمل

يستعدّ عشاق الدراما الرمضانية لمتابعة مسلسل «سوق الكانتو» في رمضان 2023، ويخوض بطولته النجم أمير كرارة مع نخبة من النجوم.

وتم طرح البوسترات الرسمية للعمل، وغلب على أزياء العمل طابع منتصف القرن العشرين، وظهر أمير كرارة وفتحي عبد الوهاب وهما يرتديان قبعة على رأسيهما، بينما تظهر مي عزالدين بـ«برنيطة».

العمل يقدم قصة الشاب طه، أحد العاملين في سوق الكانتو، يدخل في صراعات مع عدد من المحيطين به حتى يصطدم بالاحتلال الإنجليزي، ويقع في حب مع إحدى الأجنبيات التي تقدم دورها الفنانة مي عزالدين.

مسلسل سوق الكانتو

بالتزامن مع عرض مسلسل سوق الكانتو في رمضان 2023، تحدَّثت «الدستور» مع تجار المستعمل عن تجارة «الكانتو في مصر».

أصبح سوق المستعمل في مصر أو كما يُطلق عليه «الكانتو» منافسًا قويًا للجديد خاصة أن أسعاره تقل عن الجديد ذاته بنسبة تصل إلى 50% على بعض السلع والبرندات العالمية، ما يُمثل عاملاً جذَّبًا للكثيرين في ظلّ ارتفاع أسعار السلع في المحلات والأسواق المحلية.

وتُعدّ أسواق الكانتو بالمحافظات ملاذ الفقراء والأجانب المقيمين في مصر، يساعدهم على توفير متطلباتهم من الملابس المستعملة بأسعار رمزية.

أصبحت مصدرًا لتوافد أغلب المواطنين محدودي الدخل

في مدينة المنصورة، تحديدًا في المنطقة المجاورة لـ سكة القطر، يقف رجل أسمر اللون، قصير القامة، نحيل، كثّ اللحية، له عينان أقفل أجفانهما الكسل، فكأنَّه لم يستيقظ من نومهِ بعد. يُنادي بصوتٍ رخيم «القطعة بعشرة جنية». يترضّ حولهُ عدد لا بأس به من الرجال والسيدات، يبيعَ لهم الملابس المستعملة ذات السعر المُنخفض.. هكذا يفعل الحاج رضا عثمان، الذي بلغ الستين من عمره، حيثُ اعتادّ على تجارة المستعمل منذُ ما يقرب من خمسة عشر عامًا، حتَّى أصبحت مهنته الأساسية.

تحدَّثت «الدستور» مع «رضا» عن سوق المُستعمل أو كما يُعرف بسوق «الكانتو في مصر»، والذي أكد على أنَّها أصبحت مصدرًا لتوافد أغلب المواطنين محدودي الدخل لشراء الملابس ومستلزمات الأسر المصرية من أحذية وشُنط وغيرها، خاصَّة في ظل ارتفاع الأسعار وبشكل ملحوظ في جميع الأسواق.

وقال «رضا» إنَّ جميع المنتجات بأسعار تبدأ بالفعل من 5 جنيهات وحتَّى 100 جنيه، بينها سلع تحمل ماركات عالمية وذات جودة رائعة، مُشيرًا إلى أنَّ هناك نسبة إقبال ملحوظة من المواطنين، بسبب مغالاة البعض من التجار الكبار وأصحاب المحلات الكُبرى.

وأضاف الرجل الستيني؛ أنَّ لديه زبائن تأتيه من كل مكان لشراء الملابس المستعملة، نظرًا للظروف الراهنة والأسعار المرتفعة في الأسواق والمحالات التجارية الكبيرة. 

وتابع «رضا» أنَّ سوق المستعمل يضمّ الملابس القديمة والمستعملة والتي بها عيوب صناعية أو ما يُطلق عليها «ديفوهات» وهي تجارة ازدهرت خلال الفترة الأخيرة لجذب المواطنين لشراء الملابس التي يُعاني أسواقها من انخفاض معدَّلات الأسعار.

واختتم الرجل حديثه: «هناك تنوع كبير في أنواع الملابس مناسبة لجميع الأذواق، وتُلبّي احتياجات الكثير بأسعار مناسبة في متناول المواطن العادي.

الأسعار تبدأ من 10 جنيهات

بالاتجاه نحو بائعٍ آخر على بُعد خمسين مترًا بطولِ شارع السكة الحديد بمدينة المنصورة، وجدنا شاب بلغ الثلاثين، يُدعى «مصطفى محمد»، أسمر الوجه برَّاق العينين، يدل لون بشرته على أنَّه صعيدي الأصل، وكان يقف تحت مِظلَّة أكل عليها الدهر وشرب، أمَّا حافَّة طاقيَّته فكانت تصل إلى أطراف أذنيه، يُروّج لبضاعته وهو يفترسُ في وجه المارة: «تعالى يا أستاذ اشتري ببلاش بالصلاة على النبي».

وقال «مصطفى» وهو تاجر ملابس مستعملة، إنَّه يشري «البالات» التي تضمّ مئات الكيلوجرامات من الملابس، يبلغ سعر «البالة» الواحدة قرابة الـ15 ألف جنيه، ويفرش في الأسواق ويبيعها للمواطنين بأسعار مُخفضّة.

وأوضح الثلاثيني، أنَّه على الرغم من بداية موسم التخفيضات الشتوي مُبكرًا في بعض المحالات التجارية والمولات الكُبرى، فإنَّ المواطنين مستمرون في شراء الملابس المُستعملة، وهو الأمر الذي ازداد خلال الأعوام الأخيرة، بسبب ارتفاع الأسعار عالميًا.

وأضاف أنَّ هناك مواطنون لا يستطيعون شراء ملابس جديدة يصل القطعة منها إلى 400 جنية، في ظل ارتفاع أسعار السلع عالميًا، مُشيرًا إلى أنَّ الأسعار في أسواق المستعمل تبدأ من 10 جنيهات وتصل إلى 200 جنيه.

وكالة البلح الملاذ الأخير للمصريين والأجانب

وفي السياق، أكد «أحمد ربيع» تاجر مستعمل بوكالة البلح، والتي تُعدّ أشهر الأسواق الموجودة في القاهرة وأقدمهم، يقصدها كل الفئات، خاصَّة بعدما باتت مصدراً للأستوكات الأوروبية ومقصدًا للأجانب وطلبة الجامعات الباحثين عن جديد قليل السعر وجيد الخامة. 

ويقصد الأجانب على اختلاف طبقاتهم الاجتماعية وكالة البلح لشراء احتياجاتهم من الملابس والأجهزة والأحذية والشُنط، وغيرها من الأغراض التي يحتاجها كل شخص أو أسرة في الحياة اليومية.

وأشار إلى أنَّه مع ارتفاع الأسعار الذي شهده العالم نتيجة الحرب الروسية الأوكرانية، والتي كانت سببًا في انخفاض معدّلات الاقتصاد في العديد من دُول العالم، وارتفاع في الأسعار على مستوى العالم، أصبحت وكالة البلح الملاذ الأخير للمصريين، والأجانب المقيمين في مصر، حيث تمتاز بضائع السوق بأسعار منخفضة مقارنة بباقي أماكن البيع المختلفة.

إقبال المواطنين على سوق المستعمل يرجع إلى ارتفاع الأسعار

بدورها أكدت الدكتورة هدي الملاح الخبيرة الاقتصادية، مديرة المركز الدولي للاستشارات الاقتصادية ودراسات الجدوى، على أنَّ إقبال المواطنين على سوق المستعمل، يرجع إلى الوضع الاقتصادي الذي يشهدهُ العالم، من بينها مصر، وذلك بسبب الحرب الروسية الأوكرانية.

وقالت الخبيرة الاقتصادية، في تصريح خاص لـ«الدستور»: إنَّ هناك الكثير يلجأ إلى سوق المستعمل، كونه أقل سعرًا في بيع المنتجات عن المحالات الأخرى، وأنَّ دخل المواطنين أصبح لا يستوعب الغلاء السائد عالميًا.

الدكتورة هدى الملاح

وأوضحت مديرة المركز الدولي للاستشارات الاقتصادية ودراسات الجدوى، أنَّ المحالات تستورد بضاعتها من الخارج، وبالتالي ارتفاع سعر الدولار أمام الجنية المصري، يُجبر التجار على رفع سعر المنتج بالمحال والمولات التُجارية، عكس سوق المستعمل، فيكونَ أقلّ تكلفة للمستهلك.

ولفتت إلى أنَّ سوق المستعمل، لا يعني المنتج المُهلك استعماله فقط، بل يكون فيه الجديد أيضًا، كذلك البرندات العالمية، والتي أصبحت مقصدًا للمصريين والأجانب وطلبة الجامعات الباحثين عن جديد قليل السعر وجيد الخامة.