رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

انهيار «سيليكون فالى».. رعب اقتصادى فى الأفق (القصة الكاملة)

سيليكون فالي
سيليكون فالي

 مع إطلاق أول رصاصة في الحرب الروسية- الأوكرانية، وتوقعات الخبراء بـ"ركود اقتصادي طويل" مشابه لأزمة العام 2008، وقف الجميع ينتظر انهيار اللبنة الأولى، والتي سقطت في نهاية الأسبوع الماضي، مع الإعلان عن إغلاق بنك "سيليكون فالي الأمريكي" SVB.

- كيف بدأت الأزمة؟

 بدأت الاضطرابات عقب إعلان بنك سيليكون فالي "SVB" الذي يرتكز نشاطه في تمويل الشركات الناشئة التكنولوجية، بشكل مفاجئ عن إصدار 2.25 مليار دولار من الأسهم لتعزيز قاعدة البنك الرأسمالية بعد الخسارة الكبيرة التي مُنيت بها محفظته الاستثمارية، والتي بلغت 1.8 مليار دولار في مبيعات الأصول، وشعر المودعون بالخوف على أموالهم فقاموا بعمليات سحب كبيرة جدا وصلت ما يقرب من 42 مليار دولار في نهاية يوم الخميس الماضي.

 ومع تهافت أعداد كبيرة من المودعين لسحب أموالهم من البنك فشلت عملية زيادة رأس المال، ومع زيادة الطلب على سحب الودائع بدأت الأزمة في التكون والتبلور بشكل سريع للغاية، ففي أقل من 24 ساعة انقلب الوضع كليا.

 وبدأ البنك رحلة هبوط درامية وسريعة للغاية لسهم البنك في البورصة، لتظهر الكارثة بوضوح عندما فقد سهم "SVB Financial" نحو 60% من قيمته السوقية، لم تقف الخسائر عند هذا الحد وتواصلت ليفقد يوم الجمعة 70%، من قيمته السوقية، وهنا كانت قصة الانهيار قد تعمقت بقوة.

 - قرارات الجهات المالية الأمريكية عقب الأزمة

جاء قرار الجهات المنظمة للخدمات المصرفية في كاليفورنيا بوقف التداول في أسهمه وحجز ودائع عملائه التي تبلغ حوالي 175.4 مليار دولار، ليحدث أكبر انهيار مصرفي منذ الأزمة المالية العالمية في 2008.

وتعهدت المؤسسة الفيدرالية للتأمين على الودائع بتغطية أموال المودعين التي تصل مدخراتهم إلى 250 ألف دولار، كحد أقصى، لكن ليس هناك ما يضمن أن المودعين الذين لديهم مبالغ أكبر في حساباتهم سيستعيدون جميع أموالهم، وفق ما ذكرت صحيفة نيويورك تايمز في تقرير لها.

وقالت الفيدرالية للتأمين على الودائع إن البنك سيعيد فتح فروعه بحلول يوم الإثنين، حتى يتمكن المودعون من سحب مدخراتهم.

والتقت وزيرة الخزانة الأمريكية جانيت يلين بمنظمي البنوك، الجمعة، وأعربت عن ثقتها الكاملة في قدراتهم على الاستجابة للوضع، من جانبه قال البيت الأبيض، الجمعة، إنه يثق ويثق في المنظمين الماليين الأمريكيين، عندما سئل عن فشل "سيليكون فالي".

 

- أسباب انهيار بنك سيليكون فالي.. هل كان "الفيدرالي الأمريكي" وقرارات رفع الفائدة السبب؟ 

 

 قال عدد من الخبراء المصرفيين والاقتصاديين، إن أداء بنك سيليكون فالي خلال السنوات العشر الأخيرة لم يدل على أن المصرف سوف يواجه مشاكل مالية مع تضاعف قيمة أصوله، ففي نهاية عام 2016، بلغ حجم أصول بنك سيليكون فالي 45 مليار دولار، وسرعان ما تضاعف ليصل إلى 115 مليار دولار بنهاية عام 2020.

بفضل تدفق الأموال من الشركات الناشئة ، اشترى بنك سيليكون فالي كميات ضخمة من السندات  في 2021 تجاوزت قيمتها أكثر من 120 مليار دولار على غرار البنوك الأخرى، فيما احتفظ البنك بكمية صغيرة من الودائع في متناول اليد واستثمر الباقي على أمل كسب عائد.

 عقب اندلاع "الحرب الروسية- الأوكرانية"، وتأثر العالم اقتصاديا، وبدء مجلس الاحتياطي الفيدرالي في رفع أسعار الفائدة العام الماضي لتهدئة التضخم، بدأ تمويل الشركات الناشئة في الانخفاض بشكل كبير، وهو ما شكل ضغوطًا على العديد من عملاء البنك- الذين بدأوا بعد ذلك في سحب أموالهم وتلبية هذه الطلبات، مما اضطر بنك سيليكون فالي إلى بيع بعض استثماراته في وقت انخفضت فيه قيمتها، بعد طرح الفيدرالي الأمريكي سندات بعائد أعلى.

وأشار بعض الخبراء المصرفيين يوم الجمعة إلى أن بنكًا كبيرًا مثل بنك سيليكون فالي كان من الممكن أن يدير مخاطر أسعار الفائدة لديه بشكل أفضل.

- تداعيات الأزمة.. إفلاس بنك آخر في نيويورك

 

 قالت إدارة الخدمات المالية بولاية نيويورك، يوم الأحد، إنها استحوذت على بنك سيغنتشر "Signature" وألحقت صفة المستلم بالمؤسسة الاتحادية للتأمين على الودائع، وذلك في ثاني حالة إفلاس لبنك في غضون أيام، وكان البنك المقرض الشائع لشركات العملات المشفرة.

وذكرت الإدارة في بيان أن الودائع لدى بنك سيغنتشر بلغت نحو 88.59 مليار دولار في المجمل حتى يوم 31 ديسمبر الماضي،  ولم يرد بنك سيغنتشر على طلب للتعليق.

وقالت وزارة الخزانة وجهات تنظيمية أخرى بقطاع البنوك في بيان مشترك، أمس الأحد، إنه سيتم تعويض المودعين في بنك سيغنتشر وإن "دافعي الضرائب لن يتحملوا أي خسائر"، نقلاً عن "رويترز".

- تدخل حكومي  أمريكي.. وخطة لدعم المودعين في «سيليكون فالي»

 توصل المنظمون المصرفيون إلى خطة  أمس الأحد، لدعم المودعين في بنك "وادي السيليكون"، وهي خطوة حاسمة في وقف الذعر النظامي المخيف الناجم عن انهيار المؤسسة التي تركز على شركات التكنولوجيا.

ووفقاً للخطة الجديدة، سيتمكن المودعون في كل من بنك "SVB" المنهار، وبنك  سيغنيتشر في نيويورك، والذي تم إغلاقه يوم الأحد بسبب مخاوف من العدوى النظامية المماثلة، من الوصول الكامل إلى ودائعهم كجزء من التحركات المتعددة، التي وافق عليها المسئولون خلال عطلة نهاية الأسبوع.

 وسيتمكن أولئك الذين لديهم أموال في البنك من الوصول الكامل اعتباراً من اليوم الإثنين، وفقاً لما ذكرته شبكة "CNBC"، و"العربية. نت".

يأتي ذلك، بعدما صنفت وزارة الخزانة كلاً من "SVB"، و"Signature"، كمخاطر نظامية، مما يمنحها سلطة فك كلا المؤسستين بطريقة قالت إنها "تحمي جميع المودعين بشكل كامل". وسيتم استخدام صندوق تأمين الودائع التابع لمؤسسة تأمين الودائع الفيدرالية لتغطية المودعين، وكثير منهم غير مؤمن عليهم بسبب الحد الأقصى البالغ 250 ألف دولار على الودائع المضمونة.

- إنشاء برنامج تمويل جديد لـ «الاحتياطي الفيدرالي» يهدف لحماية المؤسسات المتضررة

 

وإلى جانب هذه الخطوة، قال الاحتياطي الفيدرالي أيضاً إنه يقوم بإنشاء برنامج تمويل جديد للبنك يهدف إلى حماية المؤسسات المتضررة من عدم استقرار السوق بسبب فشل "SVB".

وقال بيان مشترك من مختلف المنظمين المعنيين إنه لن تكون هناك عمليات إنقاذ ولن تكون هناك تكاليف يتحملها دافعي الضرائب مرتبطة بأي من الخطط الجديدة. كما لن يتم حماية المساهمين وبعض الدائنين غير المضمونين وسيفقدون جميع استثماراتهم.

وأوضح بيان مشترك صادر عن رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول ووزيرة الخزانة جانيت يلين ورئيس مجلس إدارة مؤسسة التأمين الفيدرالية مارتن غروينبيرغ، «نتخذ اليوم إجراءات حاسمة لحماية الاقتصاد الأميركي من خلال تعزيز ثقة الجمهور في نظامنا المصرفي».

وسيقدم الاحتياطي الفيدرالي قروضاً تصل إلى عام واحد للبنوك وجمعيات الادخار والاتحادات الائتمانية والمؤسسات الأخرى، وسيُطلب من أولئك الذين يستفيدون من التسهيل التعهد بضمانات عالية الجودة مثل "أذون الخزانة، وديون الوكالة، والأوراق المالية المدعومة بالرهن العقاري".

وقال بنك الاحتياطي الفيدرالي في بيان، "سيعزز هذا الإجراء قدرة النظام المصرفي على حماية الودائع وضمان التوفير المستمر للمال والائتمان للاقتصاد". كما أن "الاحتياطي الفيدرالي مستعد لمواجهة أي ضغوط سيولة قد تنشأ".

كما ستقدم وزارة الخزانة ما يصل إلى 25 مليار دولار من صندوق استقرار الصرف كدعم لأي خسائر محتملة من برنامج التمويل. وقال مسؤول كبير في الاحتياطي الفيدرالي إن برنامج الخزانة لن يكون هناك حاجة إليه على الأرجح وسيظل موجوداً فقط كإجراء وقائي.