رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الصبر ينفد

الآن أشعر بوضوح بأن غيمة سوداء، أكثر سوادًا من أى وقت، فوق الإسرائيليين والفلسطينيين، الاثنين على حد سواء، الاشتعال عرفناه دومًا وسنعرفه لسنوات أخرى، لكن الوضع الآن محتقن ومشبع بالكثير من الوقود، وكل الاحتمالات مفتوحة.

قتل الجيش الإسرائيلى ٦ فلسطينيين فى مخيم جنين شمال الضفة الغربية الأسبوع الماضى، وأصيب ١٥ آخرون، السلطة الفلسطينية قالت إن حكومة نتنياهو اختارت مسار التصعيد، وحماس بدأت تغضب، والحديث فى الخلفية يدور عن احتمالات مواجهة عسكرية قبل رمضان أو أثناءه، الاحتقان سيد الموقف، والصبر بدأ ينفد، ومصر تبذل جهودًا كبيرة للتهدئة، عدد العمليات أصبح صعبًا. 

اقتحام الجيش الإسرائيلى للمخيم، كان لاغتيال الفلسطينى عبدالفتاح خروشة، فهو منفذ العملية الفلسطينية قرب بلدة حوارة، والتى تسببت فى قتل ٢ من الإسرائيليين الأحد قبل الماضى، حيث أطلق النار عليهما وهما داخل سيارتهما، عدد العمليات أصبح صعبًا.

بعد تنفيذه العملية، هرب «خروشة» إلى مخيم جنين، وكانت هناك مخاوف إسرائيلية من أن يحاول تنفيذ هجوم آخر. ولكن لم يستطع، وتمت تصفيته.

على طريقة أفلام هوليوود، تسللت قوات إسرائيلية إلى المخيم بسيارة نقل عادية بدت كسيارة منقولات تابعة لشركة عربية، ثم حاصرت المنزل ثم بدأت الاشتباكات، وكانت التغطية لفريق العملية من السماء باستخدام طائرات مسيرة وقوة نيران كثيفة، تضمنت إطلاق صواريخ محمولة تجاه المنزل.

وسط الفوضى نُفذت العملية وأصيب اثنان من فريق وحدة اليمام الإسرائيلية، وفى نفس الوقت، اقتحم الجيش الإسرائيلى مخيم عسكر فى نابلس، مسقط رأس خروشة، واعتقل اثنين من أبنائه، وتحول المخيم فى لحظات إلى ساحة مواجهة، إطلاق نار وصواريخ، الجحيم كان هناك.

بعد العملية، قال نتنياهو بفخر: «لقد نفذ جنودنا الشجعان عملية شجاعة فى قلب عرين القتلة»، لكن الجميع يعرف أن التداعيات ستكون خطيرة، فرفعت القوات الإسرائيلية حالة التأهب تحسبًا لأى رد فلسطينى على العملية، عدد الردود على العمليات أصبح صعبًا.

تصفية «خروشة» يتعلق بجانبين، الأول هو الرد الانتقامى على العملية التى نفذها فى حوارة، والتى تسببت فى مقتل إسرائيليين، والجانب الثانى يتعلق بـ«حوارة» نفسه. فهو أسير محرر قضى فى السجون الإسرائيلية ٣ سنوات، بعد إدانته بالتخطيط لعملية، وأطلق سراحه قبل ثلاثة أشهر، وهو قيادى فى حماس من مخيم عسكر الجديد فى نابلس. 

المرة السابقة، عندما خطط خروشة لعملية لم يستطع تنفيذها فى عام ٢٠١٩، حصل خروشة ونجله محمد على سلاح من نوع كارلو، وكانا فى طور الاستعداد لتنفيذ العملية لكن تم اعتقالهما وحكم على الأب بالسجن ٤٠ شهرًا من الاعتقال، وأفرج عنه نهاية عام ٢٠٢٢. أما نجله محمد فقد حكم عليه ٣٦ شهرًا وأفرج عنه خلال العام الماضى، واشترك «خروشة» فى عدة نشاطات لحركة حماس منها مسيرات ومهرجانات الانطلاقة.

بعد شهور من الإفراج عنه بسبب العملية التى لم يستطع تنفيذها، نجح فى تنفيذ عملية أخرى قبل ١٠ أيام، بالنسبة لإسرائيل قتل إسرائيليين هو التوقيع على شهادة وفاة، الصبر الإسرائيلى ينفد بسرعة.