رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

المخطط الصهيونى

ما هى حكاية بيت العائلة الإبراهيمية الذي تم افتتاحه منذ أيام في دولة الإمارات ويضم كنيسة ومسجداً وكنيساً جنبًا إلى جنب؟.

منذ مجىء الكيان الصهيوني إلى المنطقة وهناك مخطط مصاحب له، هذا المخطط له ‏أبعاد تاريخية وثقافية وسياسية واقتصادية، تلك الأبعاد تهدف في مجملها إلى إقامة ‏مملكة صهيون من الفرات إلى النيل، تلك المملكة تشمل كل المسار والدروب التي ‏تواجد أو مر بها سيدنا إبراهيم في الكثير من بلاد المنطقة.‏

فيا ترى متى بدأت تلك الفكرة؟ وما هي المتغيرات التي حدثت لها وإلى أين ‏وصلت؟، في عام 1990 بدأت مراكز دراسات أمريكية في الكثير من الجامعات، ‏منها جامعة فلوريدا وبنسلفانيا، بمتابعة من‏CIA ‎‏، في التأسيس الفعلي للمشروع، ‏وقد تم اطلاق اسم "الدبلوماسية الروحية" عليه، وكان تحت إشراف هيلاري ‏كلينتون، إحدى أدوات الصهيونية الفاعلة، وأخذ حيزا كبيرا من اهتمام إدارة الرئيس ‏الأمريكي أوباما، ذلك المشروع كان خارطة طريق سياحية تشمل كل مسار ‏المناطق التي مر بها سيدنا إبراهيم أبو الأنبياء، ثم جاءت إدارة الرئيس الأمريكي ‏ترامب ليحوله إلى مرتكز هام لصفقة القرن، والتي تهدف إلى إذابة القضية ‏الفلسطينية داخل جدران هذا المشروع. ‏

يهدف هذا المشروع إلى الغاء قومية الدول وإذابة الهوية وتحويل مسار سيدنا ‏إبراهيم إلى فيدرالية ثقافية ومن ثم سياسية، تكون المحصلة سيطرة إسرائيل كليًا ‏على المناطق التي تواجد أو مر بها سيدنا إبراهيم، تلك السيطرة لن تكون دينية أو ‏عسكرية كما يروج البعض لها، بل ستكون ثقافية بشكل أساسي، وتعتمد على تقدم ‏إسرائيل التقني في الإدارة عن بُعد ومن ثم حوكمة الموارد الاقتصادية التي تزخر ‏بها المنطقة تحت إدارة إسرائيل بسبب تقدمها صناعيًا وتكنولوجيًا وامتلاك ‏الصهيونية لمعظم الشركات العالمية الكبرى.‏

ومن أهداف المشروع الصهيوني هو أن يكون بديلا سياحيا دينيا عن طريق مسار ‏العائلة المقدسة، ولأسباب عديدة، منها أن طريق العائلة المقدسة هو إثبات تاريخي ‏لمولد ومجيء المسيح الذي لا تعترف به اليهودية، فإسرائيل القائمة حاليًا وطبقًا ‏لمعتقدهم ينتظرون المسيح الملك الذي سيقيم مملكتهم من النيل للفرات على غرار ‏قوة مملكة داوود النبي التاريخية سابقًا، ومن هذا المنطق لن تسمح الصهيونية ‏بتفعيل مسار العائة المقدسة كمزار روحي عالمي، بل بالنسبة لهم مسار سيدنا ‏إبراهيم للسياحة الدينية والثقافية هو الملائم والطريق السليم لتحقيق حلمهم بمجيء ‏المسيح المزعوم بالنسبة لمملكتهم المنتظرة. ‏

فمنذ عام 1990، وهو التوقيت الذي بدأت فيه الدراسات لقيام المشروع، قامت ‏الإدارات الحاكمة الصهيونية بأمريكا بتهيئة الأجواء أمام قيامه، فكانت البداية من ‏دولة العراق، والتي هي مكان مولد سيدنا إبراهيم، فتم تدميرها عسكريًا وتمزيقها ‏ثقافيًا، وإخراجها من هويتها القومية وتحويلها إلى مجموعات أيديولوجية متناحرة، ‏وفي الوقت المناسب سيتم طرح الحل لوقف هذا التناحر، وهو أنهم أولاد سيدنا ‏إبراهيم وليس أولاد قومية وهوية دولة العراق التاريخية، ومن العراق إلى سوريا ‏في عام 2011 وما حدث بها من تكالب صهيوني عالمي لتدميرها كليًا على غرار ‏ما حدث في العراق، لكن هناك بعض العوامل التي منعت استكمال المخطط كليًا، وإن ‏كان تم تحقيق الهدف الثقافي منه وهو إفراغ المكون القومي للدولة، وإلى مصر ‏كانت العتبة القوية التي منعت تمدد المخطط في ثورة 30 يونيو، ولكن ليس خفيًا ‏أن المخطط حقق أهدافه في مصر ثقافيًا بتفريغ المكون الشخصي من الهوية ‏القومية وتحويله إلى مسطح ثقافي غريب قابل لسياقته في الاتجاه المعادي للهوية ‏المصرية، أما عن تركيا فهي فقط أداء أيديولوجية وسياسية يتم استخدام حكامها ‏لتحقيق أهداف المخطط وعند الوقت المحدد سيتم التخلص منها، أما الأردن فهو ‏تحت حصار تلك الصهيونية ولا تأثير منه على المشروع، وأخير فلسطين التي تم ‏ابتلاعها من ذلك المشروع، تلك هي الدول الأساسية التي مر أو تواجد بها سيدنا إبراهيم. ‏

فالمشروع الإبراهيمي هو مشروع حوكمة وعولمة مصغر في المنطقة، سيتم من ‏خلاله الإذابة الثقافية والسياسية والاقتصادية، وإدارته عن بُعد بيد الكيان ‏الصهيوني، فمثلا سيتم استخراج جواز سفر لسكان ذلك المشروع باسم الجواز ‏الإبراهيمي سيكون له بعض المميزات التي سيحصل عليها حامله في كل دول ‏العالم، واقتصاديًا سيكون هناك عملة موحدة ربما رقمية باسم الإبراهيمية، ‏وستحل الجنسية الإبراهيمية مكان الجنسية الأمريكية وقوتها في العالم، تلك هي ‏مملكة إسرائيل التي يتم التخطيط لها والتي قطعت شوطًا كبيرا في إقامتها.‏