رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مع اقترابها.. هل يجوز صيام ليلة النصف من شهر شعبان فقط؟

ليلة النصف من شعبان
ليلة النصف من شعبان

«هل يجوز صيام يوم 15 من شعبان المعروف بليلة النصف من شعبان فقط؟».. سؤال كثر البحث عنه عبر مواقع التواصل الاجتماعي ومواقع الإنترنت وعبر محركات البحث، في الآونة الأخيرة، منذ قدوم شهر شعبان لعام 1444هجريًا، عن صيام تلك الليلة فقط، لا سيما وأن للشهر الكريم فضلا كبيرا وميزة لدى المسلمين في إحياء تلك الليلة كونها من الأيام المستحبة عند الله تعالى لرفع الأعمال إضافة إلى إحيائها من قبل المسلمين بأمرين ذكرى تحويل القبلة، ورفع الأعمال إلى الله.

صيام يوم 15 شعبان 

حثّت دار الإفتاء الأمة الإسلامية على اغتنام فضل هذه الليلة المباركة من خلال إحياء ليلها وصيام نهارها، واستدلت الدار بما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم من أحاديث عديدة تخص شعر شعبان بالفضل والتعظيم، فعن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، قال: «إذا كانت ليلة النصف من شعبان فقوموا ليلها وصوموا يومها؛ فإن الله ينزل فيها لغروب الشمس إلى سماء الدنيا فيقول: "ألا من مستغفر فأغفر له؟ ألا مسترزق فأرزقه؟ ألا مبتلى فأعافيه؟ ألا كذا ألا كذا؟ حتى يطلع الفجر"، رواه ابن ماجه.

وعن فضل صيام النصف من شعبان، روي عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما أنه قال: قلت يا رسول الله، لم أرك تصوم شهرًا من الشهور ما تصوم من شعبان، قال: «ذلِكَ شَهْرٌ يغفل الناسُ عنه بين رجبٍ ورمضان، وهو شَهْرٌ تُرفَع فيه الأعمالُ إلى رب العالمين؛ فأُحِبُّ أن يُرفَع عملي وأنا صائمٌ» رواه النسائي.

أما فضل صيام يوم النصف من شعبان على نحو مفصل فهو يتحقق باتباع هدي النبي صلى الله عليه وسلم الذي كان يحرص على صيام الأيام البيض من كل شهر عربي، ومن بين هذه الأيام اليوم الخامس عشر من الشهر، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "أوصاني خليلي بثلاث، لا أدعهن حتى أموت: صوم ثلاثة أيام من كل شهر، وصلاة الضحى، ونوم على وتر".

كما يتحقق فضل صيام يوم النصف من شعبان أيضًا بالاجتهاد في العبادة والعمل الصالح والتقرب إلى الله عز وجل بالنوافل حيث صيام التطوع، وخصوصًا في ليلة 15 شعبان التي يطلع الله فيها إلى عباده ليغفر لهم إلا لمشرك أو مشاحن، مع العلم أن الشرك بالله من السبع الموبقات وهو من أعظم الكبائر، أما الشحناء فهو حقد المسلم على أخيه بغضًا له لهوى نفسه.

ليلة النصف من شعبان 

تصادف ليلة النصف من شعبان من مساء الاثنين 6 مارس 2023، وحتى صباح يوم الثلاثاء الموافق 7 مارس، وفق الحسابات الفلكية، وهي الفترة من غروب شمس الاثنين وحتى موعد أذان فجر الثلاثاء، كما أنها الليلة التي يستحب الإكثار في الدعاء بها بجميع الأوقات المختلفة.

وكانت دارُ الإفتاءِ المصريةُ، استطلعت هلالَ شهرِ شعبان لعام 1444 هجريًّا بعد غروب شمس يوم الإثنين 29  من شهر رجب، الموافق 20 فبراير 2023، بواسطة اللِّجان الشرعيةِ والعلميةِ المنتشرةِ في أنحاء الجمهورية.       

وأعلنت أنه تحقق شرعًا من نتائج هذه الرؤية البصرية الشرعية الصحيحة ثبوتُ رؤية هلالِ شهر شعبان لعامِ 1444هجريًّا.

وتعد ليلة النصف من شعبان، هي ليلة عظيمة قد عظمها الله تعالي‏،‏ وعظمها رسول الله صلى الله عليه وسلم‏،‏ فتعظيم الرسول لها كان بدعائه ربه والتبتل إليه فيها كما روت السيدة عائشة رضي الله عنها أنها قالت: فقدت رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فخرجت، فإذا هو بالبقيع، رافعا رأسه إلى السماء، فقال لي: «أكنت تخافين أن يحيف الله عليك ورسوله؟»، قالت: قلت يا رسول الله ظننت أنك أتيت بعض نسائك.

وقالت دار الإفتاء إن علماء الأمة اهتموا ببيان فضل ليلة النصف من شعبان؛ فأوردوا في فضلها الكثير من الأحاديث النبوية الشريفة؛ قال الشيخ تقي الدين بن تيمية في "اقتضاء الصراط المستقيم" (2/ 136، ط. دار عالم الكتب-بيروت): [وليلة النصف من شعبان قد رُوِي في فضلِهَا من الأحاديث المرفوعة والآثار ما يقتضي أنها مُفَضَّلة، وأنَّ من السلف من كان يخصّها بالصلاة فيها، وصومُ شهر شعبان قد جاءت فيه أحاديث صحيحة] اهـ.

وقيل في دعاء يومها وليلتها أنها موعد للنزول الإلهي إلى السماء الدنيا حيث جاء: «إن الله عز وجل ينزل ليلة النصف من شعبان إلى السماء الدنيا، فيغفر لأكثر من عدد شعر غنم كلب». (مسند الإمام أحمد/26018).

وتعظيم الله تعالى لها يكون باطلاعه تعالى على خلقه، لينزل عليهم فيها رحمته ومغفرته، كما أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله ليطلع في ليلة النصف من شعبان فيغفر لجميع خلقه إلا لمشرك أو مشاحن». (سنن ابن ماجه/1390)، واستثنى من مغفرته المنزلة في تلك الليلة: المشرك والمشاحن، وتقع الشحناء غالبا بسبب النفس الأمارة بالسوء التي تؤذي الناس; فتفسد الود والوئام القائم بينهم.

وقد نصح النبي صلى الله عليه وسلم المسلمين في ليلة النصف من شعبان بالبعد كل البعد عن كل ما قد يؤدي إلى بث الفرقة والشحناء بين الناس فقال: «لا تحاسدوا، ولا تناجشوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا، ولا يبع بعضكم على بيع بعض، وكونوا عباد الله إخوانا المسلم أخو المسلم، لا يظلمه ولا يخذله، ولا يحقره التقوى هاهنا- ويشير إلى صدره ثلاث مرات- بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم، كل المسلم على المسلم حرام، دمه، وماله، وعرضه» (صحيح الإمام مسلم/2564).

فضل ليلة النصف من شعبان 

وعن فضل تلك الليلة، أوضحت الإفتاء أن اهتمام العلماء ببيان فضلها أنَّ كثيرًا منهم في العصور المختلفة قد أفرد أجزاءً حديثية ورسائل علمية في بيان فضل ليلة النصف من شعبان وبيان خصائصها، ومنها:

- "ليلة النصف من شعبان وفضلها" للحافظ ابن الدبيثي صاحب "الذيل على تاريخ بغداد" [ت: 637هـ].

- "الإيضاح والبيان لما جاء في ليلتَي الرغائب والنصف من شعبان" للإمام ابن حجر الهيتمي [ت: 974هـ].

- "التبيان في بيان ما في النصف من شعبان" للشيخ علي القاري [ت: 1014هـ].

- "فضائل ليلة النصف من شهر شعبان" للشيخ سالم السنهوري [ت: 1015هـ].

- "رسالة في فضل ليلة النصف من شهر شعبان" للشيخ محمد حسنين مخلوف العدوي المالكي [ت: 1355هـ].

- "حسن البيان في ليلة النصف من شعبان" للشيخ عبد الله بن الصديق الغماري [ت: 1413هـ].

- "ليلة النصف من شعبان في ميزان الإنصاف العلمي" للإمام الرائد الشيخ محمد زكي الدين إبراهيم [ت: 1419ه]. وغير ذلك.

أقرأ أيضاً

ليلة العتق والمغفرة.. الأعمال المستحبة في ليلة النصف من شعبان