رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

كابينت «متكال»

لا تزال دراما الحكومة الإسرائيلية محل اهتمام وجدل وربما محل انتقاد أيضًا، قبل تشكيلها كانت التوقعات صادمة، هناك من تحدث عن انتفاضة، وضم الضفة الغربية وغور الأردن، ومستوطنات هنا وهناك، وقرارات عنيفة، بعد شهور قليلة يمكننا أن نرى الملامح والخطوط العريضة.. نعم هى حكومة يمينية، ما كنا نتوقع فى أسوأ كوابيسنا أن يكون وزير الأمن الداخلى «بن غفير» هو المتحكم فى قرارات إطلاق النار.

لكن ما كان مستبعدًا حدث، وسيحدث الكثير والكثير، عن تلك الحكومة كُتب وسيكتب. لكن دعونى أخبركم شيئًا عن رمانة الميزان، عمن بيده إيقاف العاصفة قبل أن تهب، وتهدئة النيران قبل أن تشتعل. هو «الكابينت»، الذى بلا شك يضم بن غفير، المتطرف وعديم الخبرة، ولكن اليد العليا هى لآخرين.

بنظرة إلى باقى الأعضاء، سنفهم من بيده القيادة الحقيقية فى إسرائيل، وبشكل أكثر دقة من بيده دفة القيادة الأمنية.

ها هم الأعضاء: «بنيامين نتنياهو، رئيس الحكومة الإسرائيلية، وهرتسى هليفى، رئيس الأركان، ورئيس الشاباك، رونين بار، ورئيس الموساد، دافيد برنياع» هم خريجو وحدة النخبة فى الجيش الإسرائيلى «سرييت متكال»، أما وزير الأمن يوآف جالانت فكان قائدًا للكوماندوز البحرى. 

«سرييت متكال» ليست وحدة عادية أو سهلة، ليس كل جندى إسرائيلى بإمكانه أن يلتحق بها، هى وحدة النخبة فى القوات الخاصة فى الجيش الإسرائيلى، ضمن أربع وحدات: النخبة فى الجيش الإسرائيلى مع الأسطول الثالث عشر ووحدة شيلداغ والوحدة ٦٦٩، فيها يتم التدريب على جميع أنواع القتال، تقوم الوحدة بالمهام الخاصة.

الوحدة تهتم على نحو خاص بجمع المعلومات الاستخباراتية خارج حدود إسرائيل، أحيانًا يطلقون عليها وحدة «الاستياء»، ووفقًا لمهمتها، فإن مقاتلى «الوحدة» مدربون وماهرون فى جميع أنواع القتال: فى البر والجو والبحر، منذ تشكيل الوحدة حتى عام ٢٠٢١ كانت القاعدة الدائمة للوحدة هى معسكر سيركين فى بتاح تكفا، ثم انتقلت إلى قاعدة دائمة فى جنوب إسرائيل، اكتسبت «متكال» شهرتها بعد عملية الإنقاذ فى عنتيبى، والتى كان يقودها «يونى نتنياهو» شقيق رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الذى كان قائدًا للوحدة.

فى تاريخ الوحدة يوجد العديد من كبار قادة الجيش الإسرائيلى، بمن فيهم ثلاثة رؤساء وزراء: إيهود باراك، الذى كان قائد الوحدة، ولاحقًا رئيس الأركان الرابع عشر، وبنيامين نتنياهو الذى كان قائدًا لفريق، ورئيس الوزراء الأسبق نفتالى بينيت، الذى كان مقاتلًا فى «متكال».

ما يمكننا أن نطلق عليه «كابينت متكال»، هم القيادة الحقيقية لإسرائيل الآن، لا بن غفير، ولا سموتريتش، ولا درعى، ولا أى من مرتدى القبعات المنسوجة «الكيباه». 

الخلفية المتشابهة لهذه القيادة «من متكال» تشير مرة أُخرى إلى القدرة على كشف المشكلات وتقييمها ووضع حلول لها فى مراحل مبكرة، والأهم من كل مما سبق هو «لجم» فريق الكيباه عن القرارات المتهورة الناجمة عن قلة الخبرة، التى يمكن أن تدفع التصعيد إلى أقصاه، ونستيقظ صباح يوم بارد لنجد أنفسنا أمام الانتفاضة الثالثة.

والحقيقة أن الصدام ما بين فريق «متكال» وفريق «القبعات» مستمر ولا يتوقف ولا يهدأ، تمامًا مثل العمليات فى الضفة الغربية. 

فريق «متكال» هو من امتنع عن تنفيذ قرارات هدم منازل بالقدس الشرقية، ومنع مسيرات المتدينين فى الأقصى، ومنع «بن غفير» الذى أراد مواجهة عسكرية مع غزة على غرار حارس الأسوار فى مايو ٢٠٢١.

لا أحد يعلم إلى متى سيستمر الصدام بينهما، ولكن ما يمكننا تأكيده أن هذه الصدامات، وفريق «متكال» هو السبب الوحيد فى منع الانتفاضة الثالثة حتى الآن.