«وحوي يا وحوي».. رحلة «الفوانيس» إلى عالم «الميتافيرس» (تفاعلي)

"هاتوا الفوانيس يا ولاد.. هاتوا الفوانيس"، أغنية الفنان محمد فوزي التي عاشت منذ أكثر من 55 عامًا، مزج فيها الشاعر عبدالعزيز سلام كلماتها مع ألحان وغناء محمد فوزي، لتملأ أرجاء البيوت المصرية عند حلول شهر رمضان احتفالًا بالشهر الكريم، فالأطفال تمسك "الفوانيس" وترتسم البهجة على وجوههم ويلعبون سويًا بها، إلا أن الشكل الذي نراه عليها اليوم مر بالعديد من التطورات عبر الزمان، بدأ من العهد الفاطمي حتى الآن ولا زال في تطور كلما مرت السنون.

ولعل آخر تطوراته لم يكن في مصر إنما ليس أمرًا مستحيلًا أن يُطبق في دول أخرى، وهو مهرجان الفوانيس المضيئة بسول في عالم ميتافيرس، عبارة عن مهرجان سنوي يعقد كل شهر نوفمبر في مدينة سول بكوريا الجنوبية حيث تُزين مئات الفوانيس وسط المدينة بالأضواء البراقة، مما يضيء المدينة ليلًا خلال أوائل الشتاء، وفي السطور التالية نتحدث عن تطورات شكل "الفانوس" منذ بداية ظهوره وحتى وصل لشكله الحالي، وما إذا كان من السهل أن تختفي صناعته ليحل محله عالم "الميتافيرس" أم لا.

الفوانيس ظهرت قبل "الإسلام" 

في البداية، عليك أن تعرف أن كلمة "فانوس" أصلها إغريقي، تعني وسيلة للإضاءة وعرفها الإغريق القدامى مثل المشاعل والمصابيح، أما عن رحلة "الفانوس" نستعرضها لك من خلال أداة "فلوريش":

من الجلود والصفيح إلى الخشب والأغاني

ولم يكن الفانوس قديمًا على شكله الذي نراه عليه اليوم، إنما مر بالعديد من التطورات، نستعرضها لك من خلال أداة "فلوريش":

بعد التعرف على رحلة الفانوس حتى ظهر بشكله الحالي، ستكون جولتنا التالية مع عدد من تجار ومصنعي الفوانيس، تحدثوا عن نسب الإقبال على شراء الفوانيس وأسعار الخامات التي يستخدمونها في الصناعة، أيضًا الأشكال الأكثر طلبًا في البيع، كذلك تطورات الصناعة التي أكدوا أنها من المستحيل انقراضها وتحولها إلى شكل افتراضي، فهي تراث متأصل في المصريين، والاستغناء عنه ليس سهلًا.

سالم: المناطق الشعبية الأقل سعرًا

البداية كانت مع سالم علي، أحد تجار الجملة بمنطقة الموسكي في القاهرة، قال إن الإقبال على شراء الفوانيس يبدأ من منتصف شهر رجب، وكلما اقترب شهر رمضان زاد الطلب عليها، إلا أن هذا العام يعتبر الأضعف إقبالًا بسبب ارتفاع أسعار الخامات المستخدمة في صناعته، وبالتالي ارتفاع أسعار المنتجات نفسها، ووسط ارتفاع أسعار كل المنتجات أصبح المواطن الذي كان يشتري أكثر من فانوس يكتفي بواحد فقط حتى لا تنقطع عادة شراء الفوانيس، إضافة إلى انتشار "فيديوهات" لكيفية صناعة فانوس بأبسط الأدوات.

ولفت "علي"، في حديثه مع "الدستور"، إلى أن أسعار الفوانيس متغيرة، لكن المناطق الشعبية تجد فيها الأقل سعرًا، مشيرًا إلى أن أشكال "الفوانيس" الأكثر طلبًا عنده هي الشخصيات الكرتونية مثل "بوجي و طمطم" و"فنانيس"، وغيرهم خاصة للأطفال.

أميرة: مضطرين لرفع أسعار منتجاتنا

ومن القاهرة إلى الإسكندرية، كان حديثنا التالي مع أميرة فرج عبدالتواب، التي كانت شكواها من ارتفاع أسعار الخامات التي جعلتها تضطر لرفع أسعار منتجاتها ولو بنسبة صغيرة رغم أن خاماتها كلها محلية، وهي متخصصة في فوانيس "الهاندميد"، التي تستخدم فيها هيكل حديدي سمكه 8مم، أما عن أسعار الخامات فقارنت بين العام الماضي والحالي، فالشمع ارتفع سعره من 50 جنيهًا إلى 190 جنيهًا للكيلو وأقل كمية تحتاجها 1000 كيلو، والحديد وصل سعره إلى 40 جنيهًا.

"الفانوس قبل الزيادات دي كان الصغير منه ممكن يكلفني 25 جنيهًا، لكن دلوقتي مش أقل من 60 جنيهًا"، بتلك الجملة أجابت "أميرة"، خلال حديثها مع "الدستور"، عن تساؤلات عملائها عن رفع الأسعار، مشيرة إلى أن النتيجة أن الطلب أصبح ضعيفًا هذا العام، وإلى جانب ارتفاع أسعار الخامات ترى أيضًا انتشار مصنعي الفوانيس بشكل يشبه الغزو ساهم أيضًا في قلة الإقبال على أماكن بعينها للشراء، مؤكدة أنه ليس هناك شكلًا معينًا يزيد الطلب عليه عن غيره، ورغم ارتفاع الأسعار إلا أن تلك الصناعة مستحيل اختفائها لأنها بهجة الصغار والكبار.

هبة: "الربر" و"الريزن" أحدث الأشكال 

المحطة التالية كانت في المنصورة، حيث كان حديثنا مع هبة أسامة، أحد مصنعي فوانيس رمضان في مدينة السنبلاوين، وهي متخصصة في صناعة الفوانيس الخشب والخرز والخيامية، قالت إن هذا العام شهد ارتفاعًا كبيرًا في الخامات التي تستخدمها، ومنها القماش الخيامية ارتفع من 350 إلى 500 جنيه، أيضًا الحديد ارتفع سعره 10 جنيهات، كذلك الشمع زاد من 100 إلى 160 جنيها للكيلو، لافتة إلى أن الشكل الأكثر طلبًا عليها هو الفانوس الخشبي المزين بالاسم والصورة، مؤكدة أنه رغم تلك الزيادات إلا أن الفانوس طلب أساسي لكل طفل في رمضان. 

وعن أشكال الفوانيس الجديدة، ذكرت "هبة"، في حديثها مع "الدستور"، أن نوعي "الربر" و"الريزن" هما الأحدث هذا العام، وكلاهما المادة الخام لهما مستوردة لذا أسعارها مرتفعة، مشيرة إلى أن الأشكال الأكثر طلبًا هي فوانيس الشخصيات الكرتونية مثل بوجي وطمطم، مؤكدة أنها صناعة خالدة تعتبر من أهم مظاهر الاحتفال بالشهر الكريم.

ولفتت إلى أن هناك منتجات يتم تصديرها، لكن من خلال شركات شحن دولي، ويصل إليها السعر الأساسي الذي تعرضه هنا في مصر، لكن يزيد على العميل تكلفة الشحن الدولي والجمارك.

سلامة: تجارة الفوانيس أصبحت صعبة

ومن المنصورة إلى الدقهلية، حيث كان حديثنا مع سلامة السيد، أحد مصنعي الفوانيس في شبرا الخيمة، والمتخصص في الفوانيس الخشبية أو الليزر، قال إن سوق صناعة الفوانيس أصبح واسعًا بعد أن كان مقتصرًا على فئة معينة، وذلك لأنه تم الترويج له على أنه من أنجح المشروعات الصغيرة، كما تعددت طرق التسويق للمنتجات، سواء من خلال مواقع التواصل الاجتماعي أو التسويق من خلال إضافة مميزات على منتجك تجعل العميل يتمسك بالتعامل معك مثل إمكانية الاستبدال، أيضًا هناك التسويق عن طريق زيارة مكاتب الجملة وعرض منتجك ليكون لك مكان عند حاجتهم للشراء، وغيرها، وبالتالي أصبح هذا السوق صعب، وزاده أزمة ارتفاع أسعار الخامات.

"الخامات اللي بستعملها كلها مستوردة"، قالها "السيد"، خلال حديثه مع "الدستور"، عن أسعار الخامات، فاللوح الخشبي 3مم ارتفع سعره من 90 جنيهًا إلى 150 جنيهًا، والمواتير ارتفعت من 15 جنيهًا إلى 25 جنيهًا، أيضًا الماكينات التي تصدر الصوت داخل الفانوس، وانتقل للحديث عن الأشكال الأكثر رواجًا، فهو يرى أن الانفتاح الذي مكنهم من الاطلاع على السوق الخارجي والمواقع الأجنبي ودخول ماكينات الليزر في الصناعة خلقت "تريند" هو ما يتحكم في تحديد الشكل الذي يُباع بنسبة أكبر من غيره.

أنس: الإقبال على الشراء قل 50%

محطتنا الأخيرة كانت في دمياط، فكان حديثنا مع أنس مجدي، أحد مصنعي الفوانيس الليزر و"الهاندميد"، الذي يرى أن الإقبال على الشراء قل بنسبة 50% مقارنة بالعام الماضي، مما أثر على نسبة البيع: "السنة اللي فاتت مكنتش ملاحق على الشغل وكنت عايز ازود مكنة و2 و3"، منتقلًا للحديث عن زيادة أسعار الخامات، فأنبوبة الأمير الكبيرة زادت من 10 جنيهات إلى 20 جنيهًا، والخشب الأبلكاش زاد من 70 جنيهًا إلى 135 جنيهًا، وماكينة الصوت زادت 3 جنيهات.

وعن عمليات التصدير، تحدث "أنس" لـ"الدستور"، أنه العام الماضي كانت له صادرات إلى المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية عبارة عن فوانيس ومفارش خيامية، وذلك من خلال شركة شحن دولي، لعدم امتلاكه بطاقة تصديرية، مؤكدًا أنه رغم حالة الركود إلا أن الفوانيس لا يمكن أن تختفي: "دي عادة عندنا في رمضان حتى اللي مش معاه هيحاول يشتريه".

كيف تستخرج بطاقة تصديرية

حديث "أنس" عن البطاقة التصديرية جعلنا نبحث عن كيفية استخراجها، ووجدنا أنها خدمة متاحة لأي تاجر يرغب في تصدير بضائع للخارج، لكن يجب أن يكون مسجلًا في سجل المصدرين التابع للهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات فيمكنك استخراج البطاقة التصديرية مباشرة، والتي يجب اتباع الخطوات التالية لاستخراج البطاقة، والتي نوضحها في "الانفوجراف" التالي:

رئيس شعبة لعب الأطفال: 

بعد الحديث عن ارتفاع الأسعار وما سبّبه من أزمة في الشراء والبيع، تواصلنا مع بركات صفا، رئيس شعبة الهدايا ولعب الأطفال باتحاد الغرف التجارية، الذي قال إن حجم إنتاجنا من الفوانيس العام الماضي حوالي 5 مليون فانوس، أما العام الحالي وصل إلى 2 مليون فانوس فقط، مرجعًا سبب التراجع في كمية الإنتاج إلى تراجع قيمة الجنيه المصري مقارنة بسعر الدولار، الذي ارتفع من 15 جنيهًا العام الماضي إلى 30 جنيهًا هذا العام، مشيرًا إلى أنه كان من المفترض أن تزيد أسعار الفوانيس بنسبة 100%، لكن لأن المنتجات أصبحت مصرية فالزيادة أصبحت 5% فقط، مشيرًا إلى أنه لا يمكن التحكم في أسعار الفوانيس أو تثبيتها لأن كثير من الخامات المستخدمة في تصنيعها مستوردة، وأسعارها ارتفعت للضعف.

ولفت "صفا"، خلال حديثه مع "الدستور"، إلى أن هناك صادرات إلى الأردن وليبيا وإيطاليا وغزة والإمارات، لكن ليس بنسبة كبيرة، مناشدًا وزارة الصناعة باستثناء وحدة الصوت والضوء التي تدخل في تصنيع فوانيس رمضان، من قرار وزارة التجارة والصناعة بحظر استيراد الأجزاء المفككة، للأصناف المدرجة بالقرارين الوزاريين رقم 43 لسنة 2016 و44 لسنة 2019 باعتبارها مستلزم إنتاج مصانع مرخص لها بتصنيع هذه المنتجات، موضحًا أن منع استيرادها خلق سوق سوداء وأسهم في رفع أسعارها للضعف.

وختامًا، قمنا بعمل مقارنة بين أسعار الفوانيس في العام الماضي والحالي، بناء على تصريحات رئيس شعبة الهدايا ولعب الأطفال، من خلال الانفوجراف التالي:

أشهر أغاني رمضان