رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

من أمنياتنا الإسعاف الفورى لمتألم مصرى‎‎

أكتب هذه السطور من واقع نجتازه من بلاد العم سام، أى الولايات المتحدة الأمريكية، والقصة فى سطور واقعة تألم السيدة «ج» من وجع فى الأسنان، وبعد زيارة الطبيب المختص، وعمل كل الخطوات من فحص الأسنان بكل دقة، وعمل كل ما لزم لتنقية الأسنان،  أوصى بنوعين من الدواء، وأرسل اسم الدواءين إلى الصيدلية القريبة من مسكننا.
ومن المنزل تحدثت مع مسؤولة بالصيدلية عما إذا كان وصلهم اسم الدواء المطلوب، ومن المنزل تحدثت مع واحدة من المسئولين بالصيدلية، فكان الرد:
- نعم وصلتنا رسالة الطبيب، والدواء سيكون جاهزًا بعد ساعتين، كان الحديث فى الساعة الثالثة والنصف بعد الظهر، فكان رد متلقية الرسالة: نعم وصلتنا رسالة الطبيب والدواء يكون جاهزا للاستلام بعد ساعتين أى فى الخامسة والنصف.
ملحوظة؛ أكتب هذه السطور فى الساعة الرابعة والنصف مساءً، وأنا أستعد للتوجه إلى الصيدلية التى تبعد عن المسكن بمسيرة خمس عشرة دقيقة، وقبيل التوجه للصيدلية كتبت هذه السطور مع الشوق والحنين إلى موطننا الأصلى مصرنا الغالية، والسؤال هنا: متى نصل إلى هذا الأداء، ونحن أمة لها تاريخ يفوق الغرب بآلاف السنين، مع ملاحظة أن الصيدليات يمكنها إرسال الأدوية المطلوبة حتى مسكن طالب الدواء.
أكتب هذه السطور مع إيضاح بأن الطبيب المعالج مصرى المولد، وقد مارس عمله بكل دقة، وهو من أرسل ما نسميه روشتة الدواء للصيدلية مباشرة وليس ليد المريض، وهكذا تسير الأمور، الطبيب يخاطب الصيدلية التى نتعامل معها، أى القريبة إلى المسكن، والصيدلية تعد الدواء ليكون جاهزا، وأكرر أنه من الممكن إرسال الدواء إلى المنزل لمن لا يستطيع التوجه بنفسه أو بأحد معاونيه.
إنه حلم واقعى لمصرى مولدًا ونشأة يعيش فى الولايات المتحدة وقلبه فى موطنه الأصلى مولدًا ونشأة، ويتوق أن ينال المصريون ذات الخدمات فى بلادهم، وليس هذا بمستحيل، فمصر عريقة الجزور يحلم بها القاصى والداني.
وعودة إلى القصة، فقد توجهت إلى الصيدلية قبيل الموعد بربع الساعة، وعندما سألت المسؤولة عن الدواء الذى يخص شريكة حياتى وأعطيتها الاسم، وتاريخ الميلاد، نظرت إلى الجهاز الذى أمامها وتوجهت إلى مكان وضع الأدوية ولكنها لم تجده، فأنا حاضر قبيل موعدى بربع الساعة، فأسرعت إلى حاملة أدوية لم توزع بعد على أماكن حفظها قبيل التسليم، فلم يكن الدواء قد وزع بعد حيث موعد وصولى كان قبيل ربع الساعة، لكنها لم تقل كلمة، بل توجهت إلى حاملة أدوية لم توزع بعد على موقع طالبيها ثم ناولتنى دواءين هما ما طلبه الطبيب، وعدت إلى المنزل قبل موعدى بربع الساعة.
أذكر هذه الواقعة على سبيل دقة المواعيد وسلاسة المسؤولين لم تقل كلمة واحدة، حيث حضورى كان قبيل الموعد الذى أفدت به بنحو ربع الساعة، حيث لم يكن المطلوب قد وزع على مواضع زبائن الصيدلية التى يدخلها المئات ربما الآلاف، حيث العمل بها من التاسعة صباحا حتى التاسعة مساء.
وتعلمت الدرس الأفضل، هو الوصول فى الموعد المعطى من مصدره ومن الممكن التوجه إلى الصيدلية فى موعد آخر أو فى يوم آخر، فالدواء المطلوب يظل فى مكانه لطالبيه قد يكون فى اليوم التالى أو أبعد، فالدواء يظل فى مكانه إلى أن يحضر صاحبه وإن تعذر موعد الذهاب إلى يوم آخر، فالدواء يبقى فى موقعه إلى أن يطلبه صاحبه، وتعلمت الدرس فى حفظ الموعد وتمنيت دقة النظام فى بلادنا كما هو فى بلاد العم سام.
والسؤال: هل هذا الاهتمام والإعداد والمعاملة يمكن تطبيقها فى بلادنا ذات التاريخ العريق الذى سبق جل دول العالم بمختلف ألوانه ولغاته، الطبيب يبحث ويناقش المريض بكل هدوء ثم ينصرف المريض بلا ورقة فى يده، ولكن الطبيب الذى لديه كافة معلومات كل مريض يراسل الصيدلية التى دونت لقربها من بيت المريض، وما أن يعود إلى بيته يخاطب الصيدلية، فيكون الرد نعم وصلنا حاجتك من الأدوية وستكون معدة بعد ساعتين من الآن، هل نحلم أن يكون مثل هذا النظام فى بلاد الشرق الأوسط ومصر فى مقدمتها؟، أم تكفينا أحلامنا، والعهدة على الحالمين أو الطامعين؟