رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

باحثة تكشف لـ«الدستور» مستقبل الوثيقة الصينية لإحلال السلام فى أوكرانيا

الباحثة هبة شكري
الباحثة هبة شكري

قالت هبة شكري، الباحثة بالمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، تعليقا على الخطة الصينية المرتقبة لإحلال السلام بين أوكرانيا وروسيا ووقف الحرب التي اندلعت فبراير الماضي 2022:  “يأتي مقترح السلام الذي طرحته الصين لوقف التصعيد الروسي الأوكراني، بالتزامن مع إحياء الذكرى الأولى لاندلاع الحرب الروسية الأوكرانية وفي وقت تصاعدت فيه حدة التصريحات بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الأمريكي جو بايدن، وأيضا في ظل غياب أي تسوية سياسية ممكنة في الأفق القريب”. 

 تفاصيل الوثيقة الصينية 

وأضافت “شكري” في تصريحات لـ"الدستور": “طرحت الصين الوثيقة المكونة من 12 بندا كجزء من جهود بكين الأخيرة لتقديم نفسها كوسيط سلام محايد، وفي ظل صراعها لتحقيق التوازن في علاقتها مع موسكو والعلاقات المتوترة مع الغرب مع ‏استمرار الحرب الروسية الأوكرانية‎؛ إلا أنه على الرغم من حصول المقترح الصيني على الترحيب من قبل موسكو، لكنه لم يلاق دعما من الغرب، بما فيه الولايات المتحدة الأمريكية، حيث شككت فيه كييف وواشنطن التي اعتبرته بمثابة ورقة مفاهيم للأمن العالمي من المنظور الصيني وقال حلف شمال الأطلسي إن بكين لا تتمتع بمصداقية كبيرة كوسيط”.

وتابعت: “بالفعل تتضمن الوثيقة مواقف الصين العامة وبلورة لرؤيتها لتحقيق السلام ودعوتها لوقف إطلاق النار من دون ذكر الآليات التي يمكن من خلالها إرساء السلام وإلزام الطرفين الروسي والأوكراني بالجلوس على طاولة المفاوضات. وتحمل الوثيقة العديد من المفاهيم الضبابية العامة، من دون شرحها أو توضيح موقف كل من روسيا أو أوكرانيا، فعلى سبيل المثال نصت على احترام سيادة الدول من دون تحديد وضع الأراضي الأوكرانية التي استولت عليها روسيا، وعلى رأسها شبه جزيرة القرم”.

 

من جانب آخر، طالبت الوثيقة بالتخلي عن عقلية الحرب الباردة، حيث لا يجب أن يكون ضمان أمن دولة ما على حساب الآخرين، وأن أمن منطقة ما لا يجب أن يتم عبر تعزيز أو توسيع التكتلات العسكرية، ودعت إلى ضرورة أخذ المصالح والمخاوف الأمنية لكل الدول على محمل الجد ومعالجتها بصورة صحيحة، ولم تذكر الآليات المقترحة لتفادي ذلك. 

ودعت البنود الأخرى الواردة بالخطة إلى وقف إطلاق النار واستئناف محادثات السلام وإيجاد حل للأزمة الإنسانية ووقف ‏الهجمات على ‏المدنيين دون الخوض في التفاصيل، بالإضافة إلى الحفاظ على سلامة المنشآت النووية ‏وتسهيل تصدير الحبوب.‏ 

تعزيز صورة الصين عالميا 

وقالت شكري: يمكن النظر إلى الانطباعات الإيجابية المتوقع أن يتركها تدخل الصين كوسيط بين روسيا و أوكرانيا، من حيث إمكانية تحسين صورتها أمام الغرب وتعزيز مكانتها الأخلاقية من خلال تركيزها على "السلام والحوار"، وبالتالي يمكن أن يحول ذلك من النظرة الموجهة لها كدولة داعمة للحرب إلى وسيط سلام، ‏وهو ما يعتبر نصرا لبكين سواء نجح مقترح السلام أم لا. كما ستؤدي الوساطة الصينية إلى تحسين علاقات ‏الصين مع الولايات المتحدة وأوروبا، وتقديم الصين ‏كقوة عالمية تسعى إلى السلام وعلى الصعيد الآخر قد يساعد في إنهاء الصراع الذي يزعزع استقرار الاقتصاد العالمي. في الواقع، يعد بروز الصين كوسيط في الأزمة الروسية الأوكرانية مجازفة كبرى، حيث تخاطر الصين بالفشل في جهود الوساطة التي تبذلها، خاصة مع صعوبة الوصول لحلول وسط بشأن القضايا ‏الخلافية بين الغرب الداعم لأوكرانيا وبين روسيا، إذ ستكون خسائر الصين حال فشلت الوساطة كبيرة، حيث ستبدو بكين ضعيفة وغير كفء على المستوى الدبلوماسي ، وستتعرض للانتقاد لعدم استخدام ‏نفوذها على موسكو‎.

وتابعت: “‎لكن المكسب الوحيد للصين في جهود ‏الوساطة الفاشلة هو تحسين صورتها بشكل طفيف أمام الغرب وحتى وإن بدت لفترة وجيزة كقوة عالمية مسئولة ‏تسعى إلى السلام الدولي‎.‎ أما عن احتمالات تحقيق خطة السلام الصينية لأهدافها، فمن غير المرجح أن تنجح الصين في دفع الأطراف لاستئناف المفاوضات أو الضغط عليهما لتقديم تنازلات أو التوصل لحل وسط، ويرجع ذلك إلى عدم ثقة واشنطن والقوى الغربية في الصين التي ترى أنها تسعى إلى الحفاظ ‏على الحياد في أوكرانيا”.

 

واختتمت: في الوقت ذاته تدعم موسكو بشكل كبير على الجانب الآخر، حيث تعلن واشنطن، بشكل صريح عن شكوكها المتنامية تجاه الدعم الصيني لروسيا، وقد وصل الأمر لتهديد بكين بفرض عقوبات بشكل مباشر حال ثبت تورطها في تقديم الدعم لموسكو، وذلك رغم نفي الصين تقديمها لأي دعم مباشر مرارا. ويمكن القول أن فرص نجاح مبادرة الصين ضئيلة للغاية، خاصة مع فقدانها لأهم صفة يتعين على الوسيط أن يتسم بها، وهي "الحياد"، حيث تم تقويض ادعاء بكين بالحياد بشدة بسبب رفضها الاعتراف بطبيعة الصراع، خاصة مع تجنبها إطلاق لفظ " الغزو الروسي لأوكرانيا" حتى الآن، واستمرارها في تقديم الدعم الدبلوماسي والاقتصادي لموسكو‎.‎ على الصعيد الآخر، فلا تملك بكين أوراق ضغط حقيقية على الأطراف تمكنها من لعب دور الوسيط.