رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«خير طول السنة» من «الزفاف» إلى «العلاج».. مصر تقتحم عالم «السياحة المودرن»

السياحة في مصر
السياحة في مصر

تعد السياحة من أهم القطاعات التى يمكنها أن تقود الاقتصاد الوطنى إلى تحقيق معدلات نمو مرتفعة، خاصة فى ظل ما تزخر به مصر من إمكانات سياحية لا تتوافر فى أى دولة أخرى على مستوى العالم.

وتدرك الحكومة هذه الحقيقة، لذا تنفذ استراتيجية متكاملة لتنمية السياحة تستهدف تحقيق نمو سريع فى هذا القطاع الحيوى المهم بنسبة تتراوح بين ٢٥٪ و٣٠٪ سنويًا، بناءً على توجيهات القيادة السياسية، وتتضمن اهتمامًا خاصًا بتنويع الأنماط السياحية.

وأظهرت دراسة تسويقية لأحد بيوت الخبرة بالتعاون مع وزارة السياحة والآثار، أن السائحين المحتملين لزيارة مصر ينقسمون إلى عدة شرائح رئيسية، أولاها من يبحثون عن استكشاف الثقافة والآثار «السياحة الثقافية»، إلى جانب سياحة المغامرات، وسياحة الاستجمام، وسياحة العائلات، والسياحة الثقافية والترفيهية معًا، بالإضافة إلى السائحين الذين يبحثون عن التجربة السياحية المتكاملة متعددة التجارب والأنماط السياحية.

لكن خلال الفترة الأخيرة ظهر عدد من الأنماط السياحية الجديدة، التى تختلف عن الأنماط التقليدية المعتادة، وتحظى باهتمام خاص من قِبل وزارة السياحة والآثار، تستعرض «الدستور» أبرز ملامحها فى السطور التالية.

حفلات زواج «غير تقليدية» للأجانب فى المدن الساحلية.. وعروض خاصة لقضاء «شهر العسل»

قالت غادة شلبى، نائب وزير السياحة والآثار لشئون السياحة، إن الوزارة تعمل، حاليًا، على تنويع الأنماط السياحية المتاحة أمام الوافدين إلى مصر، من أجل جذب أكبر عدد منهم، وتلبية رغباتهم كاملة، وتحسين تجربتهم بصفة عامة.

وأضافت أن «من الأنماط السياحية التى بدأنا التركيز عليها، خلال الفترة الأخيرة، ما يعرف بـ«سياحة الزفاف»، والتى تتضمن إقامة حفلات الزفاف فى مصر، سواء فى مناطق ساحلية، مثل شرم الشيخ أو الغردقة وغيرهما، أو داخل الأماكن الأثرية».

وواصلت: «الوزارة وبالتعاون مع القطاع الخاص، بدأت العمل على إحياء هذا النمط السياحى، بدءًا من السوق الهندية، فقد شهدت مدينة شرم الشيخ إقامة حفل زفاف هندى، وحضر العروسان من الهند بصحبة المدعوين، وتمت إقامة حفل الزفاف فى أحد فنادق شرم الشيخ».

وأكملت: «لاقى حفل الزفاف مردودًا كبيرًا، وبدأنا التنسيق مع الشركات المختصة لإقامة حفلات مماثلة، ومحاولة استقطاب أثرياء العالم وأكبر الاتحادات المسئولة عن تنظيم حفلات الزفاف، لإحياء هذا النمط الذى يحقق معدلات إنفاق مرتفعة، ويسهم فى رفع الإشغالات الفندقية».

واختتمت بقولها: «اتجاهنا إلى خلق أنماط سياحية جاء بناءً على طلب من منظمى الرحلات الأجنبية، وبعد مشاورات ولقاءات مستمرة للتعرف على متطلبات السائحين».

وقال أحمد الشيخ، رئيس شعبة «السياحة والفنادق» فى جنوب سيناء، إن مدينة شرم الشيخ تستطيع تنفيذ كل الأجواء المصاحبة لحفلات الزفاف، فى ظل توافر الكثير من أماكن التصوير الطبيعية والمناظر الخلابة بها، والتى يمكن أن تستضيف جلسات التصوير المصاحبة لمثل هذه الحفلات «الفوتوسيشن».

وأضاف «الشيخ»: «صحراء شرم الشيخ تستطيع أن تخلق للزوجين أجواءً غير تقليدية فى حفلات الزفاف، والفنادق تستطيع أن تلبى كل المتطلبات لإنجاح هذا النمط السياحى، ويمكنها أن تقدم عروضًا بصفة مستمرة لقضاء شهر العسل».

جذب «المغامرين» من كل العالم لقضاء تجربة فريدة فى «أم الدنيا»

هناك أيضًا ما يعرف بـ«سياحة المغامرات»، التى تعد هى الأخرى واحدة من الأنماط السياحية الأعلى نموًا على مستوى العالم، خاصة مع بدء كثير من دول العالم وضعها على رأس أولوياته، نظرًا لعوائدها الكبيرة.

وقالت غادة شلبى إن «سياحة المغامرات من الأنماط السياحية التى بدأنا العمل عليها، خلال الفترة الماضية، وأعدنا فتح منتج السياحة الصحراوية من جديد، لكن بمجموعة من المعايير والضوابط، على رأسها تنظيم مثل هذه الرحلات من خلال شركات السياحة».

ووصف المغامر والناشط البيئى، على عبده، مصر بأنها مليئة بالأماكن التى يستطيع المغامرون ممارسة هواياتهم فيها، بداية من مئات الكيلومترات الصحراوية، التى يستطيع من خلالها المغامرون تنفيذ رياضاتهم بسهولة.

وقال «عبده»: «هناك الآلاف من المغامرين الذين يتمنون تنفيذ مغامراتهم فى مصر، وهو ما ينبغى الاستفادة منه، فى ظل أن كل مغامر لديه ملايين يتابعونه على مستوى العالم، ما يخلق سائحين محتملين من مختلف الجنسيات، كما أن تصويره وهو يجرى مغامرته داخل الأراضى المصرية، يعد ترويجًا كبيرًا للسياحة المصرية».

واعتبر أن «لدينا أزمة فى تسويق الموارد الطبيعية التى نمتلكها، وهناك بلدان مجاورة لا تمتلك مقوماتنا، لكن لديها تسويق جيد، استطاعت من خلاله أن تستقطب المغامرين من مختلف بلدان العالم».

وبَيَّن أن أنشطة المغامرات متعددة، مثل القفز بالمظلات، والسير مسافات طويلة، وركوب الأمواج الخطيرة، والتزحلق على الجليد، والغوص فى أماكن يصعب الوصول إليها، وتسلق الجبال، وركوب الدراجات الهوائية أو البخارية لمسافات طويلة، مختتمًا بالإشارة إلى ضرورة تشجيع «السياحة الفردية» فى مصر، فى ظل أن أغلب المغامرين يأتون بشكل فردى.

استقطاب «الأثرياء» بتسهيل إجراءات الهبوط والرسو للطائرات واليخوت الخاصة

استقبل مطارا سفنكس والجونة، خلال الأشهر الماضية، عددًا من السائحين القادمين إلى مصر بطائراتهم الخاصة، لزيارة مقاصدها الأثرية، فى نمط سياحى جديد تشهده البلاد، ويُعرف بـ«سياحة الأثرياء».

وقالت مصادر إن مطار الجونة استقبل خلال نوفمبر الماضى وفدًا مكونًا من ١٥ من مالكى الطائرات الخاصة من نحو ١٥ دولة من دول البحر المتوسط، فضلًا عن زائرين من السعودية والإمارات وقطر.

من جهته، كشف رامى فايز، عضو جمعية مستثمرى مرسى علم، عن أن نمط سياحة مالكى الطائرات الخاصة يحتاج إلى العديد من المتطلبات، مثل تسهيل الموافقات الأمنية من سلطة الطيران المدنى ومن المطارات التى ستهبط الطائرات فيها، إضافة إلى متطلبات خاصة بالطائرات نفسها عند الهبوط من أعمال صيانة وخلافها.

وأضاف أن فتح مطار سفنكس لاستقبال الطائرات الخاصة سيدفع أثرياء العالم لزيارة المعالم الأثرية فى مصر، وخاصة مع قرب افتتاح المتحف المصرى الكبير الذى ينتظره الملايين على مستوى العالم، والذى سيمثل إضافة كبيرة للسياحة المصرية.

وأشار إلى أن «سياحة اليخوت» من ضمن الأنماط السياحية التى تندرج تحت بند «سياحة الأثرياء»، والتى تعمل الدولة المصرية على تنشيطها، من خلال تسريع إنهاء الإجراءات الخاصة بالرسو، وإنشاء مرسى عالمى لليخوت بمدينة شرم الشيخ، لافتًا إلى أن هناك نحو ٦٥٠ ألف يخت خاص فى حوض البحر المتوسط، يمكن استقطابها، بما يمثل دعمًا كبيرًا لقطاع السياحة.

قطارات لربط «السياحة الشاطئية» بالمقاصد الأثرية

قالت مصادر إن وزارة السياحة والآثار تعمل على ربط السياحة الثقافية بالسياحة الشاطئية، عبر تسهيل انتقال الزوار من المقاصد الأثرية المختلفة فى وادى النيل إلى السواحل المصرية على البحرين الأبيض والمتوسط.

وذكرت المصادر أن الوزارة تسعى، من خلال ذلك، لتقديم منتج سياحى متكامل للزوار، ومن أجل ذلك تعمل على تعزيز خطوط الطيران الداخلية، التى تربط الأقصر وأسوان وأبوسمبل بشرم الشيخ والغردقة. 

وقال رامى فايز، عضو جمعية مستثمرى مرسى علم، إن هذا المنتج سيكون عنصر جذب لكثير من السائحين، وخاصة المهتمين بالاستمتاع بالشواطئ وممارسة الأنشطة البحرية، ولديهم الشغف كذلك بالسياحة الثقافية فى القاهرة والأقصر وأسوان، مثل المعابد والمتاحف والمواقع المختلفة.

وذكر أن القطارات السريعة التى وفرتها الدولة، ستدعم هذا المنتج الجديد، عبر تسهيل عملية الانتقال بين هذه المحافظات.

إقامة فنادق بجوار مياه الآبار الاستشفائية

تعتبر السياحة الصحية، حاليًا، من ضمن أولويات الدولة، وجرى تشكيل لجنة عليا مشتركة للسياحة الصحية، بمشاركة وزارتى السياحة والآثار والصحة والسكان، فمنتج السياحة الصحية يستطيع جلب الملايين من السياح، وتجرى حاليًا مشاورات للتغلب على المعوقات التى تقف أمام تقدم وتطور هذا النمط السياحى، وعلى رأسها تسهيل عملية إصدار فيزا للمرضى، وتسهيل عملية دخولهم، إضافة إلى خلق مجتمعات سياحية بالمناطق التى تضم الآبار والنباتات.

وقال كريم المنباوى، عضو غرفة شركات السياحة، رئيس لجنة السياحة بالغرفة الأمريكية، إن السياحة العلاجية من أهم أنواع السياحة حول العالم، وللنهوض بها فى مصر لا بد من العمل على هذا الملف بشكل مؤسسى، فهناك جهود فردية من بعض الأطباء لجلب المرضى لتلقى العلاج داخل مصر، لكنها لا تكفى.

وأوضح «المنباوى»: «تقنين هذه النوعية من السياحة سيثمر منتجًا سياحيًا متكاملًا، فمصر لديها أطباء متميزون ومستشفيات على أعلى مستوى، لكن يتبقى عمل منظومة متكاملة، تضم أشهر الأطباء والمستشفيات والأمراض التى يمكن علاجها فى مصر بكفاءة».

وتابع: «فيما يخص السياحة الاستشفائية، فإن مصر تضم نحو ١٣٥٦ بئرًا، جميعها تناسب علاج أمراض مزمنة كثيرة، ولدى مصر نباتات طبية متنوعة فى سانت كاترين، فى جنوب سيناء، تساعد فى علاج الكثير من الأمراض، إضافة إلى أن رمال الصحراء الغربية تساعد فى علاج أمراض الروماتيزم والعظام وغيرها».

وأضاف: «لا بد من أن نروج لهذه الموارد، ونحدد مدد العلاج بكل منطقة علاجية، والأمراض التى يمكن الشفاء منها».

من جهته، كشف المهندس عادل الجندى، مدير عام الإدارة الاستراتيجية بوزارة السياحة والآثار، المسئول عن ملف السياحة العلاجية، عن أن الوزارة بدأت العمل على هذا الملف بشكل مؤسسى، عبر تشكيل لجنة لوضع تصور حول السياحة الصحية، موضحًا أن السياحة الصحية تضم الكثير من الأنواع، هى: السياحة الطبية والسياحة الاستشفائية والسياحة الروحانية.

وحسب «الجندى»، جرى الاتفاق بين وزارتى السياحة والصحة على التعاون الشامل، لإعداد منظومة للسياحة الصحية، تتضمن المستشفيات والأطباء، فضلًا عن إتاحة السياحة الترفيهية لأسرة المريض.

وتابع: «جرى التوافق على تطوير المحيط العمرانى للمستشفيات التى ستدرج ضمن منظومة السياحة الطبية، بالتعاون مع الجهات المعنية»، مؤكدًا أن السياحة الطبية ستجلب العديد من الوفود الخارجية.

ولفت إلى أنه بالنسبة للسياحة الاستشفائية، فالآبار التى تمتلكها مصر تستطيع علاج أمراض الروماتيزم والصدفية والعظام وغيرها، ولهذا جرى التوافق مع شركاء التنمية من الجهات المختلفة، على تحليل هذه المياه لمعرفة قدرات كل بئر أو نبع، لخلق منتج سياحى متكامل بمستوى عالمى، مثل دول بلغاريا وسلوفاكيا والتشيك والأردن.

وأشار إلى أن مصر تمتلك الموارد التى تسمح لها بالمنافسة فى هذا المجال، بل والتفوق على دول كثيرة، لأنها تملك الكثير من الآبار والنباتات الطبية، موضحًا ضرورة دراسة فترات دفن السائح أو الزائر فى الرمال، لتحقيق الهدف المرجو.

وتابع: «تجرى حاليًا دراسة المواصفات المطلوبة لإنشاء فنادق علاجية، بجوار الموارد الطبيعية المشار إليها، ويجرى التشاور بين الجهات المعنية لإطلاق تأشيرة للسياحة الصحية وتسهيلات للسياح».

مدن مائية داخل المنتجعات لجذب العرب والأجانب

سياحة العائلات من الأنماط السياحية التى تحرص وزارة السياحة عليها، وذلك بهدف جذب الأسرة كاملة كسياح، وليس الاعتماد على فردين فقط.. وهو نمط ناجح جدًا، لدرجة أن هناك دولًا تقدم نفسها كوجهة مناسبة للعائلات. وقال محمد عيد، مدير إدارة التسويق بأحد المنتجعات السياحية المهتمة بسياحة العائلات، إن السياحة العائلية من أهم الأنماط السياحية، لكنها تحتاج إلى تجهيزات لوجستية، مثل وجود مدن مائية داخل المنتجعات السياحية، موضحًا: «من أكثر الأمور التى تجذب العائلات هى المدن المائية، لأنها تعجب الأطفال وتجعلهم لا يشعرون بالملل.. كما أن هذا المنتج يجذب السياحة الداخلية من الأسر المصرية، وأقل أسرة تملك طفلين». وأضاف «عيد»: «لا بد أيضًا من وجود حفلات طوال اليوم، تناسب الأطفال، ومناطق ألعاب لهم، وتقديم الطعام الذى يفضلونه»، مؤكدًا أن سياحة العائلات لا تستهدف سوقًا معينة، فكل الأسواق مستهدفة، خاصة دول الخليج والدول الأوروبية، فهذا النمط يجذب الكثير من الأسر».