رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«الدم ده دمى».. سوريون يروون لـ«الدستور» وقائع الموت والدمار فى الزلزال

الزلزال
الزلزال

الأرض ترتج بمَن عليها، الناس يصرخون فى بيوتهم: «زلزال».. تبدأ المبانى فى السقوط على ساكنيها، يركض من يستطيع إلى الشوارع، لا يلتفت إلى شىء خلفه، لا ملابس، لا طعام، ولا أوراق ثبوتية، ولا أى شىء، الكل يفر من الموت.. وتتفاقم المأساة فى مشهدها الأليم: ضحايا يقضون نحبهم تحت الأنقاض، وآخرون لا يزالون محتجزين أسفلها، وحشود أخرى تفترش العراء فى الصقيع القارس.

كانت ذلك باختصار وقائع ما جرى فى الدقائق الأولى للزلزال المدمر الذى ضرب دولتى سوريا وتركيا، ووصلت تبعاته إلى عدد من الدول المحيطة، فجر الإثنين الماضى، مُخلّفًا آلاف الضحايا من الموتى والمصابين والمشردين والأحياء السكنية المهدمة.

ولأن الإنسان هو الخاسر الأكبر والشاهد الأول على تلك الكارثة، استمعت «الدستور» إلى شهادات حية ممن عاشوا وقائع الزلزال منذ اللحظات الأولى فى سوريا، لمعرفة ما لم تلتقطه عدسات الكاميرات من مآسٍ مدمرة تعرض لها البشر فى تلك المنطقة.

هبة الأحمد: عِشنا 30 ثانية من الرعب الحقيقى

حكت هبة الأحمد، من اللاذقية فى سوريا، أنها وأفراد أسرتها كانوا نائمين، وفجأة شعروا بأن الأرض تميل بهم، قائلة إنهم عاشوا ٣٠ ثانية من الرعب الحقيقى، حيث كادت البناية تسقط فوقهم.

وروت: «ركضنا جميعًا إلى الشوارع ننتظر مصيرنا المظلم، وشعرت بأن قلبى كان يخرج من مكانه، وحاولت الاطمئنان على أختى القاطنة فى تركيا، ولم أستطع التوصل إليها، ولم تكن هناك تغطية لشبكة المحمول».

وأكملت: «حاولنا التواصل مع أناس فى تركيا، وبعد محاولات عديدة توصلنا إليها، فاكتشفنا مأساة أكبر، وهى أن أبناءها عالقون تحت المبنى وقد خرجوا لتوهم»، متابعة: «مناطق كثيرة باللاذقية وحلب تعرضوا لأضرار كارثية، ونتمنى أن تأتى إلينا المساعدات، لأن الأضرار فى كل مكان، والمشردون لا يريدون أكثر من مأوى».

هوشنك حسن: المبانى آيلة للسقوط «أصلًا».. وفرق الإنقاذ بلا خبرة

قال هوشنك حسن، رئيس تحرير وكالة «نورث برس» السورية، من مدينة القامشلى، إن الزلزال وقع تقريبًا الساعة ٤.١٨ فجرًا حسب التوقيت المحلى لسوريا، وشدته كانت ٧.٩ على مقياس ريختر.

وأضاف أن معظم السكان كانوا نائمين وقت حدوث الزلزال، ولذلك كانت الصدمة كبيرة، بجانب أن غالبية الأهالى لم يسبق لهم أن تعرضوا لكوارث طبيعية بهذه القوة والقسوة.

وأشار إلى أن الأهالى هرعوا إلى الشوارع والساحات العامة، وهناك أبنية انهارت تمامًا، وأرقام الضحايا تتصاعد، والحصيلة متجددة دائمًا نتيجة وجود عائلات كثيرة من السكان تحت الأنقاض.

وأوضح «حسن» أن الأزمة الثانية هى أن فرق الإنقاذ التى تحاول انتشال الضحايا العالقين تحت الأنقاض تنقصها الخبرة، موضحًا أنه عقب ١٢ سنة من الحرب والمعارك أصيبت البنية التحتية بالهشاشة وأصبحت غالبية الأبنية آيلة للسقوط.

وأوضح الإعلامى السورى أن معظم الأهالى لا يزالون فى الشوارع بعيدًا عن الأبنية خشية حدوث موجات زلزالية أخرى تتسبب فى انهيارات جديدة.

 

مجيب دندن: الحصار الأمريكى فاقم الكارثة وأصاب أنظمة الرعاية الصحية بالعجز

شدد النائب السورى مجيب دندن، من مدينة حلب، على أن آثار الزلزال كارثية، وهناك آلاف الضحايا والجرحى، وأن آلاف الأبنية انهارت.

وأضاف: «الحصار الجائر الذى تفرضه الولايات المتحدة بحق السوريين فاقم الكارثة وأصاب أنظمة الرعاية الصحية بالفشل».

وتابع: «الرئيس بشار الأسد ترأس اجتماعًا لمجلس الوزراء لتقييم الوضع، وإعداد خطة طوارئ على مستوى البلاد تشرف على تنفيذها لجنة مركزية برئاسة رئيس مجلس الوزراء السورى». وأكد «دندن» أن خطة الطوارئ تحشد كل الإمكانات فى مختلف الوزارات والمؤسسات العامة، إضافة إلى مؤازرة القطاع الخاص لتعزيز عمليات الإنقاذ وانتشال الأحياء من تحت الأنقاض.

واختتم: «يتابع مجلس الشعب من خلال أعضائه حسن تنفيذ خطة الطوارئ، إضافة إلى المبادرات الشخصية من قِبل أعضاء المجلس فى محافظاتهم».

محمد اليوسف: يوجد محتجزون تحت الأنقاض حتى الآن

كشف محمد اليوسف، من سكان حلب، عن حجم الدمار الذى تعرضت له المحافظة، مشيرًا إلى أن الكثير من الأحياء تهدّم تمامًا، وهناك الآلاف من المشردين فى الشوارع.

وقال: «هناك ناس كثيرون تدمرت بيوتهم وتدمرت سياراتهم، العالم تشرد فى الشوارع، ولم تعد هناك بيوت يسكنون فيها، وحتى هذه اللحظة لم تأت أى مساعدات، ولكننا كشباب نحاول المساعدة بشتى الطرق»، مضيفًا: «شكلنا جروبات، ووضعنا بها أرقام الأتوبيسات التى من الممكن أن تنقل الناس لكى يكونوا بأمان، وأى شخص لديه مأوى يعلن عنه ليتوجه إليه المتضررون».

وتابع: «نحن الشباب نساعد الكل، ولكن لا تسعفنا الإمكانات، هناك ناس حتى الآن تحت الأنقاض، حتى إننا لا نستطيع إخراج الضحايا الذين توفوا تحت الخراب»، مُكملًا: «لدينا منازل فارغة ومراكز إيواء، وهناك آخرون يبيتون فى المساجد والكنائس والصالات الرياضية».

وحكى عن مأساة عائلته، قائلًا: «للأسف توفيت ابنة خالتى وطفلتها وابنة عمة والدتى، السقف وقع عليهن»، مضيفًا: «نحن نعيش حالة من الحزن ونحاول المساعدة قدر ما نستطيع، ولكن إمكاناتنا محدودة».

حسن زغير: قضينا ليلتين فى الشوارع

قال حسن زغير، مواطن سورى، من ناحية نبل فى محافظة حلب: استيقظت مدينة حلب بالكامل فجرًا على إثر الزلزال الذى استمر قرابة من أربع إلى خمس دقائق.

وأضاف: «جميع الأهالى بدأوا فى الخروج إلى الشوارع خوفًا من الهزات الارتدادية، والعديد من مساجد حلب تضرر وهناك مآذن تهدمت، كما تضررت مناطق أثرية كثيرة مثل قلعة حلب وقبة منارة الجامع الأيوبى وانهارت مبانٍ فى مناطق الفردوس والكلاسة وصلاح الدين».

وأشار «زغير» إلى أن استعدادات الدفاع المدنى ضعيفة جدًا بسبب العقوبات على سوريا، مضيفًا أن المساعدات لم تصل لسوريا، وأنه وصل فريق إنقاذ واحد فقط قادمًا من الجزائر.

وأوضح أن الأهالى عاشوا ليلتى الإثنين والثلاثاء فى الشوارع والساحات بعيدًا عن الأبنية خوفًا من حدوث موجات زلزالية أخرى.

واختتم بالدعاء للشهداء والمصابين وتوجيه الشكر لقوى الدفاع المدنى وفرق الإنقاذ على ما بذلوه من جهود رغم ضعف الإمكانات وشح الموارد.

نجلاء حداد: كأنه يوم القيامة.. ومكثنا 24 ساعة تحت المطر 

كشفت نجلاء حداد، مديرة مدرسة ثانوية فى حلب، عن أن جميع السكان أصيبوا بالفزع والذهول لحظة وقوع الزلزال، وخلال لحظات الاهتزاز أيقنوا أن الموت هو المصير المحتوم.

وقالت: «اعتقدت أننى سأموت مع عائلتى فى هذه اللحظة، وشعرت بأنه يوم القيامة، كل شىء كان يهتز من حولنا، وركضنا جميعًا إلى الشوارع لساعات طويلة، خائفين من المكوث حول المنازل».

وتابعت: «الجميع ركضوا، الناس تركت بيوتها، وعندما نزلنا إلى الشوارع وجدنا جميع السيارات تقف إلى جانب الطريق، الجميع خائف من العودة إلى المنازل، أنا وأسرتى مكثنا يومًا كاملًا تحت المطر والبرد خائفين داخل سيارتنا، والبعض يبيت حتى الآن داخل سيارته».

سامر مسلمانى:  العيادات والصيدليات قدمت المساعدات مجانًا

أكد سامر مسلمانى، من مدينة حلب، وناشط فى مجال العمل الخيرى، أن سكان المدينة ما زالوا مصدومين وخائفين مع احتمالية حدوث موجات زلزالية تابعة. وأضاف أن المستشفيات والمراكز الصحية مليئة بالمصابين والجثث، وأن التلاحم الشعبى كان واضحًا جدًا فى تلك الأزمة، حيث فتح الأطباء عياداتهم الخاصة لاستقبال الجرحى والمصابين مجانًا، كما فتحت أسر كثيرة بيوتها لاستقبال المتضررين ومن انهارت منازلهم. وتابع: «فتحت سلطات محافظة حلب ١٢٦ مركز إيواء، ومبانى حكومية وكنائس ومساجد وأندية لاستقبال الأهالى المتضررين، كما قدمت المستشفيات الخاصة والجمعيات الأهلية والصيدليات المساعدة مجانًا». وأوضح أن غالبية الأهالى أصيبوا بصدمة كبيرة، وأن كبار السن والمعمرين أكدوا أن سوريا لم يسبق لها أن شهدت زلزالًا بهذه القوة والسوء. وأشار إلى أن الزلزال ترك صورًا قاسية فى ذاكرته لن ينساها، مثل مشهد لأم ولدت طفلها وهى تحت الأنقاض ثم ماتت، بينما عاش الطفل ليخرج من موت شبه مؤكد إلى الحياة. ونوه بمساعدة الشباب والرجال لفرق الإنقاذ والدفاع المدنى فى أداء مهامهم لانتشال الأحياء والجثث من تحت الأنقاض. وتابع: «استنفرت المحافظة فرق الإطفاء والإسعاف ومتطوعى الهلال الأحمر والجمعيات الخيرية.. حاليًا تواصل فرق الإنقاذ عملها أملًا فى انتشال أحياء من تحت الأنقاض». وقال «مسلمانى» إن السوريين يوجهون نداءً إنسانيًا للعالم أجمع لرفع العقوبات عن سوريا وإرسال المساعدات، لأن الشعب السورى فى أمسّ الحاجة للمساعدة فى نكبته الحالية التى فاقمت آثارها الحرب التى استنزفت الموارد والأرواح.

مروة الغفرى:  الناس دهسوا بعضهم خلال التدافع

وصفت مروة الغفرى، صحفية سورية، الزلزال الذى وقع بالكارثة المروعة، مشيرة إلى أنها شاهدة على مأساة مرعبة عاشها آلاف السوريين اللاجئين فى مدينة غازى عنتاب التركية.

وتحدثت عن اللحظات الأولى للكارثة، قائلة: «كنا نائمين والمبنى اهتز بالكامل بشكل مفزع وقوى، وبعدها نزلنا من الأبنية وهدأ الزلزال قليلًا، عبرنا من بين الدمار الذى خلّفه، وكان الناس يصرخون بشكل هستيرى تمامًا، والشباب يحاولون حمل الشيوخ والأطفال». وأكملت: «كانت الهزات مستمرة، لم نستطع العودة للمنزل، ولا توجد أى خدمات متاحة، وفتحت البلديات المساجد للمشردين، وذهبنا لمركز إيواء، ولكن وقع زلزال قوى ثانٍ بعد الظهر، فبدأ الناس فى التدافع حتى إنهم دهسوا بعضهم البعض».

أحمد الأدلبى: فى الهزة الثانية تهدمت الحوائط

قال أحمد الأدلبى إنهم شعروا بأول هزة فى فجر الإثنين، ثم أحسوا بهزة أخرى فى السابعة صباح اليوم نفسه، ثم هزة قوية فى الواحدة والنصف ظهرًا. وأضاف: «نحن نعيش فى منزل مكون من ٦ طوابق، عندما حدثت أول هزة تشقق السقف، ومع استمرار الهزات بدأت الحيطان تتشقق، ونزلنا جميعًا إلى السيارة»، مضيفًا: «كل فترة أصعد لأتفقد البيت وأنزل مرة أخرى، ونحن الآن فى الشارع خائفين، يحاوطنا البرد والبيوت التى سقطت بجانبنا».

محمد أمين: نحاول انتشال الجثامين بأدوات بسيطة

ذكر محمد أمين، من منطقة جنديرس فى ريف عفرين شمال سوريا، أن شمال البلاد من أكثر المناطق التى تضررت من الزلزال، مشيرًا إلى أن هذه المنطقة تسيطر عليها القوات التركية. وقال إن المنطقة تحتاج إلى مساعدت فورية، لأنه ليس هناك أى معدات مجهزة لإنقاذ الناس، مكملًا: «يحاول السوريون مساعدة بعضهم، وانتشال الجثث من تحت الأنقاض بأنفسهم بأدوات بدائية للغاية، ولكن الأمر لا يفلح تمامًا أمام كِبر حجم الكارثة».

زياد رستم: نصب خيام إيواء فى الملاعب

ذكر زياد رستم، من الرئاسة المشتركة لمكتب الطاقة بالإدارة الذاتية شمال شرق سوريا، أنه يقيم بمنطقة سد الفرات، وتحديدًا مدينة الطبقة التى تبعد نحو ١٠٠ كم عن حلب، لكنه شعر بالزلزال.

واستطرد: «الإدارة الذاتية نصبت خيامًا كثيرة فى الساحات والملاعب وفتحت الصالات الرياضية لإيواء المشردين».