رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

البابا فرنسيس يلتقي الأساقفة والكهنة والشمامسة في جنوب السودان

بابا الفاتيكان خلال
بابا الفاتيكان خلال اللقاء

التقى قداسة البابا فرنسيس، بابا الفاتيكان، اليوم السبت، الأساقفة والكهنة والشمامسة والمكرسات والمكرّسين والإكليريكيين في كاتدرائيّة القديسة تريزيا الطفل يسوع في جوبا.

جاء ذلك في إطار زيارته الرسوليّة إلى جنوب السودان

وقال بابا الفاتيكان: «تخالجني منذ فترة طويلة الرغبة في أن ألتقي بكم؛ لهذا أريد اليوم أن أشكر الله أنا ممتن للمونسينيور تومب تريل على تحيته ولكم جميعًا على حضوركم؛ لقد سافر البعض منكم ساعات طويلة ليكون هنا لا زلتُ أحمل محفورة في قلبي بعض اللحظات التي عشتها قبل هذه الزيارة: الاحتفال في ساحة القديس بطرس عام ٢٠١٧، والذي رفعنا خلاله الصلاة إلى الله من أجل عطية السلام؛ والخلوة الروحية لعام ٢٠١٩ مع القادة السياسيين الذين دُعوا من خلال الصلاة لكي يأخذوا في قلوبهم القرار الحازم لتحقيق المصالحة والأخوَّة في البلاد. نحن بحاجة أولاً إلى هذا: لأن نقبل يسوع، سلامنا ورجائنا».

وتابع: «في حديثي أمس استلهمت من مجرى مياه النيل الذي يمرُّ في بلادكم وكأنه عمودها الفقري، في الكتاب المقدس، غالبًا ما يرتبط الماء بعمل الله الخالق، الرحمة التي يروي بها عطشنا عندما نجد أنفسنا تائهين في الصحراء، الرحمة التي يطهرنا بها عندما نسقط في مستنقعات الخطيئة؛ في المعمودية، قدسنا الله "بغسل الميلاد الثاني والتجديد من الروح القدس".

وواصل: «من وجهة نظر بيبليّة، أُريد أن أنظر مُجدّدًا إلى مياه النيل، من جهة تفيض في مجرى المياه هذا، دموع شعب غارق في المعاناة والألم، ويعذِّبه العنف؛ شعب يصلي مثل صاحب المزامير (على أنهار بابل هناك جلسنا فبكينا) في الواقع، تجمع مياه النهر العظيم أنين جماعاتكم المتألِّمة، وصراخ ألم العديد من الأرواح المحطمة، ومأساة شعب هارب، وأسى قلوب النساء، والخوف المطبوع في عيون الأطفال، ولكن في الوقت عينه، تُعيدنا مياه النهر العظيم إلى قصة موسى، وبالتالي فهي علامة تحرير وخلاص في الواقع، نجا موسى من تلك المياه وإذ قاد شعبه وسط البحر الأحمر، أصبح أداة خلاص، وأيقونة لخلاص الله الذي يرى معاناة أبنائه، ويسمع صرختهم، وينزل لكي يحرِّرهم، بالنظر إلى قصة موسى، الذي قاد شعب الله عبر الصحراء، لنسأل أنفسنا ماذا يعني أن نكون خدام الله في تاريخ مطبوع بالحرب والكراهية والعنف والفقر، كيف نمارس خدمتنا في هذه الأرض، على طول ضفاف نهر مغمور بدماء الأبرياء، بينما تحفر دموع الألم وجوه الأشخاص الذين أوكِلوا إلينا؟ لكي أحاول أن أُجيب، أريد أن أتوقّف عند موقفين لموسى: الطاعة والشفاعة|.

أضاف البابا فرنسيس أن أول ما يلفت انتباهنا في قصة موسى هو طاعته لمبادرة الله، ولكن لا يجب أن نفكر في أن الأمر كان دائمًا على هذا النحو: في البداية ادعى أنه يقوم وحده بمحاربة الظلم والقمع، إذ أنقذته ابنة الفرعون من مياه النيل، عندما اكتشف هويته سمح بأن يلمسه ألم وذلُّ إخوته، لدرجة أنه قرر في أحد الأيام أن يحقق العدالة بمفرده فقتل رجلا كان يسيء معاملة يهودي، لكن بعد هذه الحادثة، اضطر إلى الهروب والبقاء في الصحراء لسنوات عديدة، هناك عاش فترة من التأمُّل الداخلي: لقد فكر في مواجهة الظلم بمفرده، ونتيجة لذلك، وجد نفسه هاربًا، مضطرًا للاختباء، والعيش في عزلة، يختبر شعور الفشل المرير، ما هو خطأ موسى؟ الاعتقاد بأنه المحور، والاعتماد فقط على قواه. لكنه بذلك أصبح أسيرًا لأسوأ الأساليب البشرية، كالردِّ على العنف بالعنف.

وختم البابا فرنسيس كلمته بالقول لذا أريد أن أشكركم على ما تقومون به في وسط الكثير من المحن والمصاعب، أشكركم باسم الكنيسة كلها على تفانيكم وشجاعتكم وتضحياتكم وصبركم. أتمنى لكم، أيها الإخوة والأخوات الأعزاء، أن تكونوا على الدوام رعاة وشهودًا أسخياء، يتسلّحون فقط بالصلاة والمحبة، ويسمحون لنعمة الله بأن تُدهشهم فيُصبحوا أدوات لخلاص الآخرين؛ وأنبياء قرب يرافقون الشعب، وشفعاء بأذرع مرفوعة. لتحفظكم مريم العذراء القديسة.