رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

التعددية الدينية.. والإساءة للأديان

التعددية الدينية أى تعدد الأديان، والعقائد سماوية ووضعية هى إرادة إلهية أرادها الله للإنسان حتى يكون هناك اختيار يمكن على أساسه أن يحاسب الله الجميع كل على حسب إيمانه واعتقاده وتمسكه بما يؤمن . (من ليس لهم ناموس هم ناموس لأنفسهم) (الإيمان ما وقر فى القلب وصدقه العمل) . كما أن فلسفة الأديان كلها وبلا استثناء اجتمعت واشتركت فى المقاصد العليا التى تعتمد على الأرضية الإنسانية وعلى العمل الصالح والإيمان بالله الواحد الذى تتم عبادته بطقوس مختلفة وعقائد متعددة.

 هذا باختصار يعنى أن كل من يؤمن بدين أيًا كان اسمه سماويًا أو وضعيًا، لا حق له البتة فى أن يتصور أو يتخيل أنه هو المحاسب لغيره. نعم من حقه أن يؤمن بصحة دينه وصحيح معتقده، ولكن فى نفس الوقت لا بد أن يدرك أن الآخر من حقه أيضًا أن يؤمن بصحيح دينه. ما دون ذلك من ممارسات شاذة ضد الآخر الدينى لا علاقة إطلاقًا بجوهر الدين الذى يؤمن به هذا المسىء، لأن الإساءة هى نوع من رفض الآخر، إضافة إلى عدم الإيمان بهذه التعددية الدينية التى أرادها الله سبحانه وتعالى.


فهل الإساءة للآخر الدينى تقتصر على المختلفين فى الدين؟ الجواب: لا. فطوال التاريخ نجد الصراع بكل مستوياته وأشكاله يتم بين أصحاب الدين الواحد. فما معنى ذلك؟ هذا يعنى أن كل الصراعات والمواجهات والتساؤلات التى تتم بين أصحاب الدين الواحد أو مع مختلفى الدين تعنى فى المقام الأول أنها صراعات سياسية محضة تأخذ مسمى الدين والدين وكل الأديان منها براء. فهل الفتنة الكبرى كانت صراعًا دينيًا أم صراعًا سياسيًا؟
 

هل الحروب التى كانت بين الكاثوليك والبروتستانت لمدة ثلاثين عامًا راح ضحيتها الملايين كانت حرب دينية أم سياسية؟ هل الحملات
الصليبية التى روعت واستعمرت الشرق فى حملات باسم المسيح كانت لها علاقة بالمسيحية وقيمها التى تدعو لقبول الآخر العدو قبل الصديق؟ أم أنها كانت حروبًا استعمارية استهدفت الشرق المزدهر حينها لسلب ثرواته التى كانت ستحل مشاكل العرب الاقتصادية والسياسية؟ هل الإساءة لدين الآخر تعنى انتصارًا لدينك؟ أم هى إساءة تفعلها أنت أيها المسىء لدينك قبل دين الآخر، حيث إنك تقول إن دينى لا يقبل الآخر ولا يؤمن بالتعددية. وهذا يعنى أن ما يتم فى إطار الإساءة للأديان بشكل عام هو إساءة لدين المسىء. هذا بخصوص قيام ذلك السويدى المتطرف دينيًا وسلوكيًا ونفسيًا والذى قام بحرق القرآن الكريم . فهل هذا مسيحى يدرك قيم المسيحية وحبها للآخر؟ وهل حرق القرآن يعنى إسقاط الإسلام؟ أم هو إسقاط لكل القيم الدينية الصحيحة والأخلاقية القويمة؟ . فهذا التطرف وكل من هو على شاكلته لا ولن يمس الدين ولن يسقطه لأن الأديان حسب تعدديتها التى أرادها الله هى فى حماية الله وإلا كانت قد سقطت منذ آلاف السنين . الأهم هو أن يتم ذلك الفعل الإجرامي تحت شعار كاذب هو ما يسمى بحرية التعبير!! فهل هذه الحرية حرية مطلقة؟ إذن هى الفوضى بذاتها . وهل تلك الحرية تعنى الإساءة للآخر؟ هنا تتحول هذه الحرية إلى صراعات بلا حدود بما يتنافى مع فلسفة الحرية. وعندما تسىء لدين الآخر، هل تقبل هذا الآخر أن يسىء لدينك؟ 
 

وهل يتصور هؤلاء أن مثل هذه السلوكيات تدخل فى إطار الحرية؟ إذن لماذا ترفضون تلك الحرية عندما تتم معارضة السامية وهى سياسة وليست دينًا؟ لماذا ترفضون الحديث عن النازية وتتم محاكمة من يتقول بها؟ أليست هذه حرية رأى؟ . هنا لا بد من تدخل المنظمات الدولية لوضع حدود لمثل هذه الممارسات حتى لا تكون تلك الصراعات السياسية واجهة لمسميات دينية العالم فى غنى عنها، فكفى ما يحتوى هذا العالم من مشاكل ومواجهات. حمى الله مصر وشعبها العظيم من شر الفتن والفتانين.