رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«الرواية والمعرفة».. جديد الناقد والأكاديمى الدكتور عادل ضرغام

الرواية بين المعرفة
الرواية بين المعرفة الفلسفية والنظرية

صدر حديثا عن الهيئة المصرية العامة للكتاب كتاب "الرواية بين المعرفة الفلسفية والنطرية " للكاتب والناقد الأكاديمي الدكتور عادل ضرغام.

 

وافتتح الناقد الأكاديمي الدكتور عادل ضرغام، مقدمة كتابه بطرح سؤال “ماذا تفعل بنا الرواية؟”، سؤال صعب لأن الإجابة عنه تحتاج معرفة ربما ليست متاحة لنقاد الأدب بشكل كبير، فناقد الأدب-ربما تحت تأثير نزعات ونظريات ومناهج- أصبح لا يتوجه في العقود الأخيرة نحو معرفة شمولية تأخذ من كل العلوم، وتتحرك في إطار واسع تكفل لصاحبها الإجابة عن الأسئلة المربكة التي لا تجد بغيتها في شكل محدد ومباشر، ولكنها تحتاج مواجهة من نوع خاص، مواجهة تستقوي بكثير من المعارف والخبرات التي لا تتاح لكثيرين من الذين يظلون لاهثين خلف مناهج مرتبطة بالموضات التي تلحّ علينا كل عقد زمني أو عدد من السنوات.

 

وأضاف ضرغام: “يبدو الأمر في كثير من الأحيان- أي ارتباطنا الخاص بالرواية في العقود الأخيرة- وثيق الصلة بالتحول في الحياة وأنماطها، وفي الاكتشافات العلمية، فمع هذه الاكتشافات العلمية فقد الشعر- الفن السامي- كثيرا من بريقه، لأن ما يقدمه من اكتشافات وانزياحات عن طريق الخيال أو الغلو في استخدام الخيال الخاص الذي يجمع بين مجالين لا يصحّ الجمع بينهما على المستوى الواقعي، ويجعل هذا الدمج أو التداخل مبرّرا شعريا وفنيا، فقد الكثير من الجدة والطزاجة، لأنها تحقق بشكل أو بآخر، ولهذا نجد الاتجاهات الشعرية المرتبطة بالعادي أو السيري أو السردي بشكل عام لها وجود ملموس إلى حدّ بعيد”.

 

ولفت إلى أن “الارتباط بالرواية- في جانب من جوانبه- ارتباط بالعادي والشبيه بالحياة، فخطاب الرواية خطاب مواز للحياة، يعيد تصويرها وتشكيلها في إطار فني، وابتعاد في الوقت ذاته عن خطاب شعري استعاري متعال في صيغه القديمة، لأنه- بالرغم من تعاليه ومحاولة إسدال اختلافه- أصبح ملموسا ومتحققا بالفعل في كثير من جوانب الحياة، والرواية تحقق هذه النمذجة العادية من الالتحام بالبسيط والهش، وإعادة تدويره ومقاربته، وفق بنائها الخاص المنفتح على كل الأشكال الكتابية الأخرى”.

 

وأشار إلى أن “انشداد الرواية إلى الحياة يفكك سلطة الخيال الجامحة في الشعر، ويحرر المتلقي من الثبات الشعري إلى الحركة السردية، فالشعر مقاربة من الثبات، والرواية مقاربة سردية حركية داخل حدود الفضاء المكاني والزماني، تعطي نوعا من الإيهام بالمشابهة، وفي إطار ذلك يشير أورهان باموق في كتابه (الروائي الساذج والحساس) إلى أن القارئ للرواية يتصور نفسه داخل الأحداث، ويشعر أن عالم الرواية أكثر واقعية من الواقع نفسه”.

 

وتابع ضرغام: “الرواية بالرغم من خصوصيتها الهجينة في انفتاحها على فنون أخرى، وقدرتها على تطويع الآليات الفنية وتوجيهها نحو منطق بنائي خاص بها، تصنع لنفسها من خلال تطورها المستمر قدرة لافتة على مقاربة الموضوعات والأفكار بشكل مختلف، ينبع من كينونتها المنفتحة على الإضافة، حيث تستطيع أن تقدم للقارئ شيئا لا يستطيع فن أخر أن يقدمه، فالسبب الوحيد لوجودها في رأي هرمان بروخ فيما نقله ميلان كونديرا في كتابه (فن الرواية) يتمثل في كونها تقول شيئا لا يمكن أن يقوله سواها، فالرواية التي لا تكشف جانبا من الوجود ظلّ مجهولا إلى الآن رواية غير أخلاقية”.

 

ويري ضرغام “خصوصية الرواية - بوصفها فنا- تتمثل في قدرتها على تقديم عالم مواز، وهذه سمة ليست سهلة، لأنها تفتح بابا لعمليات المشابهة والمغايرة، وتقدم مقترحات وإمكانات للحركة تمثل بدائل مستمرة، وهي في إطار ذلك تقدم معرفة جزئية انطلاقا من صياغة الشخصيات والنماذج البشرية من خلال إطار فني يبعدها عن المباشرة، فأثر هذه الشخصيات والنماذج الروائية كبير، لأنها قُدمت بعناية واهتمام كبيرين، وفي كثير من الأحيان تتحول هذه الشخصيات الروائية إلى نماذج عليا للدلالة على العواطف الإنسانية، لكونها أصبحت علامات دالة يقاس من خلالها مدى الابتعاد أو الاختلاف أو المغايرة مع كل تجل كتابي يضاف إلى تاريخ فن الرواية. وتصبح الشخصيات الروائية ذات حياة وديمومة مستمرين في الكتابات التالية".