رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حتى وإن خسرت المغرب.. فقد انتقمت

جريدة الدستور

لم أكن من محبي رياضة كرة القدم يوما، ولا أعرف الفرق بين «الفاول والأوف سايد»، كلاهما مصطلحات كروية آخر معرفتي بها صوت المعلق الرياضي، بالطبع أدرك أهمية معرفة الرياضات الشهيرة لكل دولة، لأن كل من الدول تلك برعت في الرياضة تلك بسبب عوامل البيئة المحيطة وغيرها من العوامل، ولكني أركز على البيئة وبالبيئة لا أقصد شكل الطبيعة فقط، بل كذلك الوضع السياسي والاقتصادي وغيره من العوامل المشكلة للبيئة، فمثلا، يبرع سكان كينيا وتحديدا من قاطني الجبال وخاصة قبيلة الماساي في ألعاب القوى والركض، يرجع جزء من هذا للبيئة كونهم لعبوا وكبروا وركضوا في جبال تسلقها يحتاج لأقدام سريعة وواثقة وتقدر على القفز والجري والمراوغة.

في عالم التسويق يقآل إن أنجح الإعلانات تلك التي تربط المنتج عاطفيا مع الجمهور، وفي كرة القدم كذلك، لذلك لم يكن غريبا أن يستخدمها نيلسون مانديلا كوسيلة لتوحيد شعبه من أعراق مختلفة، يوما ما أحد تلك الأعراق قاتل وقتل العرق الآخر، وكذلك كوريا الشمالية التي دفعت فريقها لصنع سابقة كروية واستخدمت الفريق كأحد أزرع القوى الناعمة في الخارج، أما آخر مباريات كأس العالم بين المغرب والبرتغال سمعت أكثر من مرة، وبأكثر من لسان، ومن ثقافات متعددة جمل مختلفة تمنى فيها المشجعون فوز كل من فرنسا والمغرب وتتويج المغرب حتى تثأر من فرنسا التي ذاقتهم قيظ الاستعمار، ولكن نسيوا أن فرنسا اليوم ليست المستعمر، ومعظم من قتل وأحرق ونهب لم يعد على الأرض، ورغم أن الرياضة يجب أن تكون فقط رياضة وساحة للامتاع والاستمتاع، سأتناسى أن البرتغال اليوم ليست البرتغال التي احتلت أفريقيا لأحكي لكم عن المستعمر المغمور البرتغال.


تعد "المملكة المتحدة" أشهر صاحب جيش غاز، ولكن في واقع الأمر، كانت الامبراطورية الاستعمارية البرتغالية أول وآخر امبراطورية أوروبية في الخارج سواء كأول محتل دخل وآخر محتل خرج، واحتلت من الشمال الأفريقي المغرب وغرست أنيابها في حياة أجداد "أسود الأطلسي" حتى أنه أطلق عليها اسم "المغرب البرتغالي" ولُقب ملك البرتغال "ألفونسو الخامس" بلقبه "الإفريقي" بسبب فتحه لشمال القارة عبر المغرب، وكأن أحد أهداف هذا الاحتلال اقتصادي تجاري، ترتب عنه وجود الإمبراطورية البرتغالية شرق رأس الرجاء الصالح، ورغم أن لاستعمار الفعلي لشمال القارة كان عملية متأخرة ومعقدة، بدأت وانتهت بنزاعات عنيفة ولكن في شرق أفريقيا كان الأمر أكثر سهولة في بدايته رغم أنه انتهى بما يسمى بحملات التهدئة في تسعينيات القرن التاسع عشر تبعتها بقرن تقريبا حروب التحرير في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، ومحاولات إحلال السلام التي لعبت مصر وحاكمها آنذاك جمال عبد الناصر دورا عمليا واستراتيجيا، بعدما قام البرتغاليين في في أنغولا وغينيا بيساو وموزمبيق والرأس الأخضر وساو تومي وبرينسيبي بسن طرائق عديدة للحكم الرسمي، على أساس الأجهزة السياسية والعسكرية والدينية، انخرطت أشكال الرقابة هذه في المجتمعات المحلية وأثرت عليها بشكل مختلف. 

ومع ذلك، حتى النهاية، كان العمل القسري والضرائب، والتمييز العنصري، والسياسة الاستبدادية، والاستغلال الاقتصادي الركائز الأساسية للاستعمار البرتغالي في إفريقيا، نتيجة لذلك، تم استكشاف معظم ساحل غرب إفريقيا في الفترة من عام 1415 إلى القرن السابع عشر، تُظهر الخرائط المحفوظة من هذه الفترة فهماً دقيقًا بشكل ملحوظ للخط الساحلي المعقد لأن تلك الموانئ كانت نقطة خروج الصادرات الأفريقية في المقام الأول من الذهب والعاج والفلفل، وياليت الأمر اقتصر على ما سبق بل تم نقل أكثر من 175000 من العبيد إلى أوروبا والأمريكتين خلال هذه الفترة.

في عام 1600، بمشاركة الهولنديين والإنجليز، نما حجم تجارة الرقيق بشكل كبير.