رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

دراسات عالمية تكشف نسب التعافي في سياحة المدن بعد أزمة كورونا

متحف الحضارة
متحف الحضارة

كشفت أحدث دراسة عن نسب التعافي في سياحة المدن بعد أزمة كورونا، أن بعد ثلاث سنوات من تفشي الوباء، أصبح هناك حركة تيسير وتعافي في سياحة المدن، حيث تسير على قدم وساق، ومن المتوقع أن تتجاوز عشر مدن مستويات 2019 للسفر والسياحة كمساهمة في الناتج المحلي الإجمالي خلال العام الحالي.

وخلال السنوات القادمة نتوقع أن تستمر سياحة المدن في النمو بالنسبة لحركة السفر والسياحة، وبالتالي سوف ينمو الناتج المحلي الإجمالي تلقائيا نتيجة لهذا النمو - خاصة في مناطق آسيا والمحيط الهادئ والشرق الأوسط، والتي ستشهد نموا غير مسبوق.

وذلك بحسب دراسة لمركز أكسفورد للدراسات الاقتصادية بالتعاون مع المجلس العالمي للسفر والسياحة والمنظمة العالمية للسياحة.

وأكدت الدراسة أن عام 2020 شهد انخفاضا حادا في الطلب على السفر الدولي والمحلي على حد سواء مع ما يصاحب ذلك من خسائر في الناتج المحلي الإجمالي والتوظيف. فنتيجة للوباء انخفضت المساهمة الاقتصادية للقطاع على مستوى العالم بنسبة 50.4% لتصل إلى 5.3% من الناتج المحلي الإجمالي من أعلى مستوياتها قبل انتشار الوباء والبالغة 10.3%.

وقبل انتشار الوباء، كانت سياحة المدن الرئيسية تستأثر بما يقرب من نصف جميع الزيارات الدولية، وبسبب الوباء انخفض السفر إلى المدن الرئيسية بشكل حاد أكثر من الوجهات الأخرى بسبب اعتمادها الكبير على كل من السفر الدولي والتجاري، والتحول في الطلب إلى الوجهات الريفية أو الساحلية الأقل ازدحاما.

بحلول عام 2021 بدأت بوادر الانتعاش في حركة السياحة الدولية مع بداية الانفراج ورفع القيود وتحرير السفر الدولي، وأثر ذلك بشكل واضح في المدن التي تعمل كأسواق كبيرة للسياحة، ثم في عام 2022 بدأت سياحة المدن في التعافي الحقيقي، حيث تم رفع قيود السفر وعودة الطلب على السفر الدولي.

وأكد الدكتور سعيد البطوطي عضو مفوضية السفر الأوروبية والمستشار الاقتصادي لمنظمة السياحة العالمية، أن كل قطاعات السفر والسياحة لا تتعافى بنفس الوتيرة، ولكن تختلف معدلات التعافي بخصوص المناطق من العالم والأنماط السياحية، ويبدو أن مخاطر التحول الدائم نحو الوجهات الريفية متواضعة، حيث تظل العديد من المدن الكبرى وجهات مميزة تضم مناطق الجذب الرئيسية للزوار. ومن المهم جدا بالنسبة للقائمين على إدارة المدن الاستعداد الجيد واتباع السياسات الصحيحة في التنمية والتطوير والاستعداد لمعالجة المشاكل الناتجة عن الاكتظاظ وتجنب السياحة المفرطة Overtourism وتحميل البنية الأساسية فوق طاقتها والأثر السلبي على السكان المحليين.

وأضاف “البطوطي” في تصريحات لـ"الدستور": “حاليا مع استمرار تخفيف القيود الوبائية يجري تعافي حركة السياحة العالمية على قدم وساق، ويتدفق المسافرون على المدن للعيش والعمل والاكتشاف".

وتابع: “ففي عام 2019 كان الناتج المحلي الإجمالي المباشر Direct GDP للسياحة من المدن 734 مليار دولار أمريكي، والذي متوقع أن يكون خلال العام الحالي 582 مليار دولار أمريكي، ومتوقع أن يرتفع إلى 1.1 ترليون دولار أمريكي في عام 2032”.

وأوضح أن التقرير أشار إلى أن أكثر من نصف سكان العالم يعيشون في المدن (4.4 مليار شخص)، ومن المدن يتم توليد حوالي 80% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، ومن المتوقع أن يزداد هذا الرقم في العقود القادمة.

وأكد: “تلك المدن تشمل القديمة منها مثل القاهرة وأثينا وروما وباريس، وكذا المدن الكبرى مثل طوكيو ولاجوس ونيودلهي ونيويورك وغيرها، ويقدر البنك الدولي أنه بحلول عام 2050 متوقع أن 7 من كل 10 منا سيعيشون في المدن”.

على مدار تاريخ البشرية، واجهت المدن أزمات كبرى مثل الحروب والأوبئة والكوارث الطبيعية، وآخر تلك الأزمات جائحة COVID-19 والتي أثرت على جميع المدن دون استثناء (بعكس القرى) حيث انهار السفر الدولي الذي يشكل نسبة كبيرة من عائداتها، وأصبح الريف الهادئ والسواحل غير المزدحمة وجهات مفضلة للعديد من الأشخاص حول العالم.


نسبة إنفاق الزائرين

أما بخصوص التوظيف، ففي عام 2019 كان إجمالي العمالة المباشرة في السياحة (في المدن فقط) 18.4 مليون شخص، وأصبح العدد في العام الحالي 15.7 مليون، ومتوقع أن يصل إلى 25.2 مليون بحلول عام 2032.

وبخصوص إنفاق الزائرين خلال العام الحالي، تقع مدينة دبي على قمة المدن، حيث متوقع أن يصل إنفاق الزائرين بها 29.4 مليار دولار أمريكي، تليها مدينة الدوحة 16.8 مليار دولار أمريكي، ثم مدينة لندن 16.1 مليار دولار أمريكي.

معدلات التعافي بعد وباء كورونا

وبالنسبة لمعدلات التعافي من وباء كورونا بخصوص إنفاق الزائرين، تقع مدينة الدوحة على قمة المدن، حيث متوقع أن يتجاوز إنفاق السائحين فيها عام 2019 بنسبة +21%، كذلك الحال مدينة أورلاندو في ولاية فلوريدا الأمريكية +19% ومدينة أنطاليا التركية +15%.

وأضاف أن عام 2019، كانت مدينة باريس على قمة المدن من حيث الناتج المحلي الإجمالي المباشر Direct GDP من السياحة، حيث بلغ 38 مليار دولار أمريكي، تليها مدينة بكين الصينية بقيمة 34 مليار دولار أمريكي، ثم مدينة شنغهاي الصينية بقيمة 31.5.

 

مليار دولار أمريكي.

وخلال العام الحالي، متوقع أن تظل مدينة باريس على القمة بقيمة 35.7 مليار دولار أمريكي، وأيضا بكين بقيمة 32.6 مليار دولار أمريكي ومدينة أورلاندو بقيمة 31.1 مليار دولار أمريكي.

من المتوقع أيضا خلال العام الحالي أن تتجاوز عشر مدن المساهمة المباشرة في إجمالي الناتج المحلي للسياحة والسفر مقارنة بعام 2019، وعلى قمة تلك المدن مدينة الدوحة بنسبة +21%، ومدينة وارسو +15% ومدينة سانيا الصينية بنسبة +10%.


إجمالي العمالة المباشرة في السياحة

بخصوص التوظيف خلال العام الحالي، من المتوقع أن يعود التوظيف المباشر للسفر والسياحة خلال العام الحالي إلى مستويات عام 2019 في إحدى عشرة مدينة حول العالم، بل وتجاز العدد أرقام 2019 في كل من ريو دي جانيرو بالبرازيل بنسبة +18% وجوهانسبرج بجنوب أفريقيا بنسبة + 13% وشيكاغو بالولايات المتحدة أيضا بنسبة + 13%.

وخلال العقد القادم بين أعوام 2022 و2032 من المتوقع أن يتركز أقوى متوسط نمو سنوي في إجمالي الناتج المحلي للسياحة والسفر المباشر في منطقة آسيا والمحيط الهادئ مع هونج كونج، حيث متوقع أن يبلغ +15%، وبانكوك + 13.1%، وجاكرتا + 12.8%، كما أنه من المتوقع أيضا أن تشهد مدن الرياض وجدة السعوديتين نموا قويا.

في العقد القادم، ستصبح السياحة والسفر العالمي مرة أخرى محركا حاسما للنمو الاقتصادي، حيث ستنمو مساهمتها الإجمالية في الناتج المحلي الإجمالي بشكل أسرع من القطاعات الأخرى، وتولد 126 مليون وظيفة جديدة صافية بحلول عام 2032 على مستوى العالم.