رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

رسائل لن تصل إلى عمر خورشيد.. الفرص الضائعة (12)

الرسالة 12
عزيزى عمر خورشيد

تجدد اللقاء وها نحن نتحدث من جديد
لا أخفى عليك أننى عندما أخلو بنفسى، وهذا لا يحدث إلا نادرا..!

عندما أكون على وسادتى فى آخر الليل...!
يزدحم ذهنى بالعديد من الأفكار والمزيد من الأشياء التى تلح على لأحدثك عنها.
يناقشها عقلى بتأن، ويقرر أن أختار هذه الفكرة أو تلك.
أنام قريرة العين، فأنا لم أعد فى حيرة من أمرى عما أكتب لك...؟!
أغمض عينى باطمئنان وأنام كالطفل ثم أستيقظ فى اليوم الجديد وأحاول تذكر ما اختاره عقلى أمس لأجده ذهب أدراج الرياح.
تبخر تمامًا وكأنه لم يكن؟!
قررت أن أترقب ذهنى فور أن يعمل فأدون كل ما يطرأ فى لحظتها.
أستغرق كل وقتى فى انتظار ما يطرحه؟!

أنتظر وأنتظر دون جدوى حتى يجد الملل والضجر طريقه إلى؟!

من ثم أغضب وأستسلم وأنام.
لتهاجمنى الفكرة فى الحلم.. وتتبخر قى الصباح كالمعتاد...!
وهكذا دواليك أترقب وأنتظر، أتجهز وأنسى فيتبخر كل شىء.

إنها لعنة الكتابة، وحيرة الكاتب، وتمرد إلهامه عليه..؟!

يا إلهى كم نعانى...!

عزيزى عمر خورشيد

فور أن أخلو بنفسى، أترك أناملى تداعب لوحة المفاتيح، تجد روحى ترسل إليك كل الحب، والمزيد من الشغف والترقب الدائم. تكتب أصابعى ويراقبها ذهنى الذى يملى عليها العديد من التعليمات والتى لحسن الحظ لا تكترث لها وتترك زمام الأمور لقلبى وروحى لتكتب، بل تنطلق عابرة الدقائق ومتحدية كل الظروف لتكتب إليك..؟!

عزيزى عمر خورشيد

عندما يكون الصراع الدائر بين العقل والقلب تجدنى أقف حائرة هل أنصت لصوت العقل أم أترك للقلب المزيد من الفرص والقليل من الحرية يتنفس، ينطلق، يتحرر من قيود العقل، الذى يقف خلفه حاملًا عصاه منتظرًا أن يخطئ لينفذ عقابه..؟!

لأكتشف أن القلب يضطر للتحرك خلسة حتى يستمتع بحياته.. يود لو كان يتحرك برفقة العقل فتكتمل الصورة فيتحرك بتعقل وحب..؟!

لكن هذا أشبه باجتماع النار والماء أو تلاقى أى نقيضين يستحيل أن يجتمعا لأنهما فور أن يجتمعا لا بد أن يتنحى أحدهما بضعف تاركًا كل شىء للآخر متحملًا تبعات اختياره ومسؤولية كل ما يحدث..!

هكذا هى حياتنا صراع دائم، بين الواجب والمفروض وما بين النور والظلام.

الظلام أراه فى العادات التى عفا عليها الزمن، عادات يقتنع بها البعض ممن يمتلكون عقليات متحجرة.

تلك التى ترفض أن تساير العصر..

لا بد ألا نقف بتجمد أمام التطور الفكرى الملحوظ فى كل شىء.. فلنهبط من أبراجنا العاجية، ونختلط بالآخرين، نتحاور معهم، نناقشهم، لا سيما لو كان هؤلاء من دائرتنا المقربة، أبناء، طلاب أصدقاء، عائلة، رفاق عمل..!

لا بد أن يدرك كل شخص أن هناك عضلة مهمتها ليست ضخ الدم فقط وإنما هى آله ساحرة، أيقونة للمشاعر، مخزن للأسرار، ومكان عميق كله ندبات وذكريات..

كل ذكرى تركت ندبة، والندبة تحولت لعلامة، وهذه العلامة ثابتة بجذور قوية كافية أن توقظنا، حتى لا نعانى من نفس الخطأ ونفس الخذلان...!

كم من فرص ضائعة مرت بنا، لأننا تركنا زمام الأمور للعقل بشكل تام..!

بمرور الأيام نشعر بالندم، ونتمنى ألا نكون متعقلين، وأن نتسم بالقليل من الجنون والكثير من الجراءة..؟!

لم أجد أحدًا إلا وأضاع فرصًا حياتية كانت ستجعل حياته مختلفة، لكنه لم يفعل لأنه فقط... فكر بعقل وتروٍ..؟!

لا أدرى كيف نعلم الأجيال الجديدة ما فشلنا نحن فى تحقيقه، لكنى واثقة أن هذه الأجيال، تدرك قيمة الحياة، وتمتلك من مقدرات الحياة ما لم نكن نمتلكه..؟!

أغبطهم لأن لديهم  من الفرص الكثيرة، لتحقيق ما فاتنا، وما لم نجرؤ على الاقتراب منها..؟!

خوفًا من المحيطين، ورغبة منا فى إرضائهم وتجنب ثوراتهم الهادرة..!!

عزيزى عمر خورشيد

تلتف الأنظار هذه الأيام حول الشاشات لمتابعة مباريات كأس العالم بدولة قطر..

اكتشفت أن كرة القدم، فعلت ما لم تستطع الحكومات فعله، ألا وهو توحيد الشعوب على الحُب

حتى ولو كان هذا الحُب موجه لقطعة مطاط..!

تركض من قدم هذا لذاك بحرفية وتدور معها العيون وتتهاوى القلوب مع اقتراب تصويب الأهداف....!

عزيزى عمر خورشيد

لا يمكن أن أختم رسالتى إليك إلا وأحدثك عن الحُب..!!

لا أخفى عليك داخلى حزن عميق عمق المحيطات..،

ففى نهاية هذا الشهر الجميل، فارقنى شخص عزيز، بل هو الأعز على الإطلاق!

رحل تاركًا جرحًا غائرًا..

مسببًا ألمًا عميقًا لم يستطع مخلوق قط أن يداويه..!!

غادر على حين غرة..

ربما غادرنا بجسده، لكن روحه لا تزال معى، وبجوارى فى كل مكان..!

عزيزى الراحل الغالى أفتقدك كثيرًا..!

وأفتقد نظراتك، وابتسامتك العذبة، مزاحك، طهيك الذى أعشق..!!

يا إلهى..!

كم أود لو كنت أمتلك الكثير من الجراءة...

ما كنت فوت لحظة دون أن أحادثك..

لكنى حينها كنت أترك زمام أمور حياتى للعقل.. الذى كلفنى الكثير.. وأضاعك من بين يدى بسبب تعقله وتفكيره الواقعى القاتم!

أضاع من بين يدى حلمى الوحيد هو أنت؟!

داعمى الخفى، داعمى الأول والأوحد...!

أول من تنبأ بمستقبلى، أول قارئ لقصصى ورواياتى..!

أول من تفاعل مع حروفى بنشاط وهمة وحُب..!

أهديك يا وسام قلبى.. حبًا أبديًا، وشمسًا لا تُشرق إلا بك ومعك..!

عزيزى عمر خورشيد

كن بخير حتى نلتقى..!