رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

عندما قرر السادات العفو عن تاجر المخدرات

في القضية رقم (٢٦٠٢) جنايات الدقي لسنة ١٩٨١ تقرر حبس المدعو "ص. ي. ع" بتهمة الاتجار في المخدرات، وأصدر الرئيس السادات بعدها قراره بالعفو الصحي عنه... 
في حوار قديم له، قال اللواء محمد نبوي إسماعيل وزير داخلية مصر الأسبق، إنه في أحد أيام شهر أغسطس سنة (٨١) فوجئ بورود خطاب من رئاسة الجمهورية يتضمن قراراً من الرئيس السادات بالإفراج الصحي عن "فلان" المتهم في قضية "كذا"، يقول اللواء النبوي قرأت الخطاب وتعجبت كونها قضية مخدرات، وهذا النوع من القضايا حساس للغاية، ففضلت أن أرجئ التنفيذ إلي حين مقابلة الرئيس، مرت أيام قليلة والتقيت به في استراحة القناطر، وبعد أن تحدثنا في عدة موضوعات قلت لسيادته، بالمناسبة يافندم كان جاني قرار من سيادتك بالإفراج عن فلان، والراجل ده ممسوك متلبس بتجارة المخدرات، فرأيت أن أؤجل التنفيذ إلي أنا أقابلك، فقال لي الرئيس، يا نبوي الراجل ده جارنا، أجزاخانته جنب بيتنا، ومراته جت لنا هنا وعيطت، وأنا من حقي كرئيس جمهورية أن أعفو عن الجريمة كلها، لكن أنا قلت أعفو عنه "صحياً" يمكن ينصلح حاله، وآهو إذا انصلح حاله هنكون كسبنا مواطن! 
قلت اللي تشوفه يافندم، أنا بس مرضيتش أنفذ القرار دون الرجوع لسيادتك، وعدت إلي مكتبي وأصدرت توجيهاتي بتنفيذ قرار الرئيس.
انتهي كلام الوزير، وبقي لنا أن نقول... 
العفو الرئاسي ياسادة هو حق أصيل من حقوق الرئيس، للرؤساء رؤاهم الشخصية وأحياناً الإنسانية، ورؤيتهم الاجتماعية، وتقديراتهم الدولية ومواءماتهم السياسية، والرئيس" أي رئيس" هو بالنهاية إنسان، له نظرته "كإنسان" ومواقفه كمسئول، وقراراته كقائد هو وحده من يحددها وفقاً للمصالح العليا لدولته، والتي قد تختلف مع تقديرات البعض وقناعته، ولكن يتوجب علي هذا البعض أن يفطن إلي أن رؤية القائد للأمور هي دائماً أعم وأشمل، وتقديراته أصوب، وقراراته أنجع، كونها صادرة وفق معلومات توافرت لسيادته دون غيره بحكم منصبه. 
بالنسبة لزعيمنا السيسي، فنحن جميعاً ندعمه، ونثق به ونؤيده، ونؤازره ونعاضدة، ونحفظ بلدنا ونسانده، وليس لأحدنا أن يعارضه، إذا تراءى للرئيس أن في إصداره قرار بالعفو عن "فلان" مصلحة عليا للبلاد فقراره صحيح، وإذا ارتأي سيادته عدم إصدار العفو فأيضاً قراره صحيح. 
قد يكون الرئيس السادات" الله يرحمه" قد أعمل الجانب الإنساني، أو أنه قد تغلب عليه عندما أصدر قراره، ولا غضاضة في هذا، هو بالنهاية إنسان. 
وبالمناسبة...
لم يكن تاجر المخدرات وحده هو من حظى بالعفو الرئاسي"الساداتي"، فقد سبقه قرار بالعفو عن الجاسوسة انشراح، التي حكم عليها بالإعدام بتهمة التجسس لصالح إسرائيل، والتي سافرت إليها بعد قرار الرئيس بالعفو عنها وظلت مقيمة بها، تمارس هناك عملها في تنظيف "المراحيض" إلى أن غارت في داهية ماتت!
أما أخونا تاجر المخدرات فقد عاد هو الآخر إلي مزاولة نشاطه في تجارة المخدرات، وقبض عليه من جديد وسُجن، وعندما أخبر الوزير النبوي "الله يرحمه" الرئيس السادات بأنه قبض عليه وسجنه، قال له السادات عملت طيب يا نبوي! 
أخيراً وليس آخراً .. 
نحن نثق في السيد الرئيس وندعم قراراته. 
حفظ الله مصر وأهلها.