رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

العدالة المناخية والمرأة ومؤسسات المجتمع المدنى

فى كلمته أمام قمة المناخ الدولية «كوب ٢٧» فى شرم الشيخ لتنفيذ تعهدات المناخ والخروج بنتائج إيجابية، طالب الأمين العام للأمم المتحدة «أنطونيو جوتيريش» بتبنى خارطة طريق لإيصال مساعدات التكيف مع تغيرات المناخ التى تعهدت بها الدول الغنية بتقديمها للدول النامية خلال مؤتمر المناخ بجلاسكو، كوب ٢٦، البالغ قيمتها ٤٠ مليار دولار بحلول عام ٢٠٢٥، محذرًا فى الوقت نفسه من أن احتياجات التكيف مع التغيرات المناخية سترتفع إلى أكثر من ٣٠٠ مليار دولار سنويًا بحلول عام ٢٠٣٠.

وحذر جوتيريش من أن الوقت يمر وأننا فى تحد مع أنفسنا، وأننا سنخسر حال استمرار ارتفاع انبعاثات الغازات ودرجات الحرارة، وأن كوكبنا سيقترب حينها من نقطة اللا عودة «الفوضى المناخية». كما أشار إلى أنه بالرغم من أن الحروب والصراعات وأعمال العنف وعدم الاستقرار السائدة فى عدد كبير من مناطق العالم، تُشكِّل كوارث رهيبة تؤثر على عالمنا اليوم، فإن التغير المناخى يعد التحدى الأكبر لكوكبنا فى القرن الحالى، وأن تجاهل ذلك بات أمرًا غير مقبول، ولفت النظر إلى أن العديد من الصراعات الحالية يرتبط بفوضى المناخ المتنامية، منوهًا إلى أن الحرب فى أوكرانيا أظهرت المخاطر الكبيرة المنطوية على استخدام الوقود الأحفورى.

احتضنت برلين المؤتمر الأول لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن التغير المناخى فى ٢٨ مارس ١٩٩٥، وخرجت القمة بتحديد أهداف الحد من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحرارى، وتوالت بعد ذلك قمم المناخ إلى أن وصلنا للقمة الحالية التى تُعقد على أرض مصر فى مدينة شرم الشيخ تتصدرها عناوين «المناخ معركة البقاء»، و«إنقاذ الأرض»، و«قمة التنفيذ»، و«التحول الأخضر والتوسع فى الطاقة المتجددة والنقل النظيف»، و«الاستثمار فى الهيدروجين الأخضر».

وقبل انطلاق قمة المناخ فى السادس من نوفمبر ٢٠٢٢ قام المجتمع المدنى «أحزابًا ومنظمات ونقابات وجمعيات أهلية ومراكز متخصصة» بعقد عدة ندوات وموائد حوار حول تداعيات التغيرات المناخية الخطيرة، والتحديات والبدائل.

وفى هذا الإطار، تشرفت بحضور مائدة حوار حول «العدالة المناخية والمرأة ومؤسسات المجتمع المدنى»، تم عقدها فى الثانى من نوفمبر ٢٠٢٢ بدعوة من رابطة المرأة العربية برئاسة الدكتورة فاطمة بدران، والاتحاد النوعى لنساء مصر برئاسة السيدة الدكتورة هدى بدران، وجمعية خير وبركة «الإنسان قبل البنيان» برئاسة الأستاذة نيفين الإبراشى.

كما تشرفت بحضور ندوة «المجتمع المدنى ودعم العدالة المناخية»، فى الثالث من نوفمبر ٢٠٢٢ بدعوة من مؤسسة القيادات المصرية للتنمية برئاسة الدكتورة مى التلاوى بالتعاون مع «الشبكة الوطنية المصرية لمؤسسة أناليند الأوروبية المتوسطية للحوار بين الثقافات».

وفى كل من مائدة الحوار والندوة، كان هناك حشد كبير من الأكاديميين والمتخصصين، وممثلى الأحزاب والجمعيات الأهلية، والصحفيين والإعلاميين. وفى السطور التالية سأحاول أن أركز على أهم ما جاء فى الحوار وأهم التوصيات التى خرجت من أجل متابعة تفعيلها وتنفيذها.

فى مائدة الحوار حول العدالة المناخية والمرأة، أشار الدكتور وحيد إمام، أستاذ علوم البيئة بجامعة عين شمس، إلى أن العدالة تشمل العدالة الاقتصادية والبيئية والاجتماعية والمناخية، وأن البيئة تعنى كل ما تحويه الطبيعة من كائنات حية وغير حية، كما أشار إلى أنه لا بد من استخدام الطاقة النظيفة، وأن أى تدمير للبيئة مرفوض، وذلك من أجل الحفاظ على الأجيال القادمة.

وفى كلمتها، أشارت الدكتورة فاطمة خفاجى «منسقة شبكة ثائرة» فى الجلسة الخاصة بتأثر المرأة المصرية بتغير المناخ والسياسات المطلوبة، إلى أن اتفاقية الأمم المتحدة لإطار تغير المناخ ١٩٩٤ لم تحو أى ذكر للنوع الاجتماعى، الرجل والمرأة، بعد ذلك تطرقت اتفاقية باريس ٢٠١٦ إلى النوع الاجتماعى، وأوضحت أن دول العالم النامية، ومنها مصر، تأثرت بالتغيرات المناخية المسئول عنها الدول الصناعية الكبرى، وأن قارة إفريقيا التى بها ١٧٪ من سكان العالم مسئولة عن ٤٪ فقط من انبعاثات غازات الاحتباس الحرارى، ومصر مسئولة عن ٠٫٦٪ فقط.

وأضافت الدكتورة فاطمة: المرأة فى مصر تُشكِّل ٦٠٪ من العمالة الزراعية، بينما حجم ملكيتها من الأراضى الزراعية لا يزيد على ٥٪، أى أن المرأة لا تستطيع اتخاذ قرارات بشأن حياتها وحياة أسرتها، ونتيجة للتغيرات المناخية المرأة معرضة لانعدام الأمن الغذائى، وتدهور الحياة المعيشية.

وفى نهاية كلمتها أكدت عددًا من النقاط، منها: 

العدالة المناخية تختلف عن مصطلح العدالة المباشر، حيث إن به معيارًا أخلاقيًا وقانونيًا وسياسيًا فى تحمل الخطأ ومشاركة المسئولية.

العدالة المناخية تقتضى الربط بين قضايا حقوق الإنسان ومواجهة التغير المناخى لتحقيق فاعلية أكثر، وبيان التأثير المباشر لمشكلات البيئة وتغير المناخ على البشرية.

دعم المرأة اقتصاديًا واجتماعيًا من خلال جهود المساواة بين الجنسين لها صلة بقضايا تغير المناخ.

مواجهة التغيرات المناخية والحفاظ على البيئة من أهم ملامح دعم قضايا مساواة المرأة والرجل.

وفى ندوة مؤسسة القيادات المصرية للتنمية، تناول المتحدثون عددًا من الموضوعات المهمة، منها ما تناوله الدكتور طارق تمراز حول قلة المحاصيل، وحول المجاعات المقبلة فى العديد من دول العالم نتيجة للتغيرات المناخية التى تؤدى للتصحر وندرة المياه، أو غرق الأراضى نتيجة ارتفاع مستوى سطح البحر، أو حرائق الغابات وهجرة الطيور والحيوانات.

واتفق معه دكتور فؤاد زكريا فى أهمية إلزام الدول الكبرى «المسئولة عن ارتفاع حرارة الأرض والتلوث، الذى تسبب فى كوارث مناخية» بدعم باقى مجتمعات العالم للتأقلم والتكيف ومواجهة التغيرات المناخية عن طريق نقل التكنولوجيا والدعم المادى والنظم الإيكولوجية الحديثة ونظم التعليم والتدريب، بجانب مساعدتها فى الاعتماد على الطاقة الجديدة النظيفة.

ويهمنى فى نهاية المقال أن تكون قمة المناخ «كوب ٢٧» قمة تنفيذ وتفعيل قرارات قمة باريس وجلاسكو بتقديم الدول الكبرى المنح والمساعدات المالية لدول الجنوب من أجل تحقيق العدالة المناخية وتحقيق المساواة بالنسبة للنوع الاجتماعى والاعتماد على الطاقة الجديدة.

كما يهمنى استمرار التوعية الخاصة بالتغيرات المناخية والتكيف معها، وذلك بدءًا من المناهج التعليمية فى المدارس والمؤسسات التعليمية، وبث برامج التوعية من خلال وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة، ومن خلال منظمات المجتمع المدنى، ومراكز الشباب والنوادى الاجتماعية وقصور وبيوت الهيئة العامة للثقافة فى جميع محافظات مصر، مع الاهتمام بمشروعات تدوير المخلفات.