رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

علي جمعة: الرسول علمنا الزهد في الحياة.. وحثنا على عمارة الأرض

د. على جمعة
د. على جمعة

قال الدكتور على جمعة مفتي الجمهورية السابق وشيخ الطريقة الصديقية الشاذلية، إن سيدنا رسول الله ﷺ علمنا الزهد في هذه الحياة الدنيا، وتوظيف هذا الزهد للآخرة، وتوظيف ذلك الزهد بأن نجعل الدنيا في أيدينا وليست في قلوبنا لعبادة الله، وعمارة الأرض، وتزكية النفس، ومعنى الزهد أيضًا بأنه ليس هو الفقر؛ فإن الزاهد يزهد من وجود؛ فلابد أولًا أن تكون الدنيا معه، أما الذي ليس معه شيء ففيم يزهد؟! هو أصلًا ليس معه شيء؛ ولذلك هناك قصة يرويها أهل التربية أن رجلًا ذهب يعتزل الناس معتقدًا أن العزلة، وترك الحياة الدنيا وعمارة الأرض سيمكنه الله من الخلو بنفسه، وذكر الله، والتدبر، والتأمل، ويكف شره عن الناس، ويكف عن نفسه شر الناس، فذهب إلى مكانٍ بعيد في الصحراء أو بجوار نهرٍ معزول وجلس يعبد الله سبحانه وتعالى كشأن العُبّاد في العصور الأولى التي كانت قبل الإسلام، وكان هناك أحد التلاميذ له يتردد عليه، ويخدمه إذا كانت هناك خدمة يقوم بها؛ فقال له في مرة: أنت تنزل المدينة؟ قال: نعم، قال: هذا عنوان أخي في الله كنا سويًا في طلب العلم، وكنا سويًا في الحياة الدنيا إلى أن اعتزلت أنا هنا في ذلك الشِعْب من شعب الجبال فاذهب إليه، وسلم عليك، وقل له : إن أخاك فلان يُرسل إليك السلام، ويخصك بالتحية والإكرام، ويطلب منك الدعاء .

 

وتابع «جمعة» عبر حسابه الشخصي بالفيسبوك قائلا، إن هذه القصة تبين معنى الزهد الحقيقي، وأنه أمرٌ متعلقٌ بالقلب، وبالسلوك، وليس متعلقًا بالرسوم والشعائر، فعندما نزل الطالب المدينة، وذهب إلى العنوان المقصود فوجئ بأنه أمام قصر منيف وله حدائق غناء -ويدل على أن هذا الرجل إما أن يكون ملكًا، وإما أن يكون ثريًا، وإما أن يكون وجيهًا-. فسأل عنه، فقيل له إنه في عمل، ويأتي بعد قليل، فلما جاء الرجل جاء وهو يركب فرسًا، وحوله الحشم، والخدم، وهيئة عجيبة غريبة، دخل وأتى بالرجل، نعم أيها الضيف العزيز أكْرِموه.

وأضاف: «قال أنا أتيتك من أخيك فلان المعتزل في شِعب الجبل؛ ويرسل إليك السلام ويخصك بالتحية والإكرام. قال: بلغه مني السلام، وقل له: يا فلان أما آن لك أن تُخرج الدنيا من قلبك؟ فاغتاظ الطالب عن أي دنيا يتكلم؟! أستاذي الذي في شِعب الجبال الدنيا موجودة في قلبه، وهذا الرجل الذي في القصر المنيف وحوله الحشم والخدم.... وكذا إلى آخره، أين الدنيا وأين الآخرة إذن؟ فذهب في عادته فقال له شيخه: هل وصّلت الرسالة؟ قاله: نعم، ولكن أنا غير سعيد، وقال لي أُخبرك رسالة ولكنى لا أستطيع أن أقولها.