رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

صِغار على الجحيم.. أطفال الأمراض النادرة يحاربون تغير المناخ دون سلاح

تغير المناخ والأطفال
تغير المناخ والأطفال

أطفال لا يعرفون النور، كُتب عليهم فقط الجلوس في ظلام، بمجرد أن يلتقوا بضوء الشمس، سرعان ما تتحول أجسادهم لشعلة من النار، بل وتتفاقم أعراض مرضهم إذا لم يتجنبوا التعرض لأشعة الشمس، فرضت عليهم العزلة التامة عن العالم الخارجي، وعدم الخروج نهائيًا إلا بعد ظهور القمر.

الطفل محمود الذي يبلغ من العمر 9 سنوات فقط، هو أحد الصِغار المصابين بمرض الجلد المصطبغ (أطفال القمر)، الذي يعاني منه واحد فقط من كل ربع مليون شخص حول العالم، وتظهر أعراضه وعلامات تشخيصه غالبًا في مرحلة الرضاعة والطفولة المبكرة، وتشمل انتشار النمش في المناطق المعرضة للشمس مثل الوجه والرقبة والأرجل، حسب وصف منظمة الصحة العالمية.

لم تقتصر معاناة الطفل على أعراض مرض الجلد المصطبغ فقط، بل زاد الطينة بّلة، حين حّلت التغيرات المناخية على كوكب الأرض، وأصبحت تشكل عائقًا كبيرًا أمام أطفال الأمراض النادرة، الذين يتعامل معهم ذووهم بحرصٍ تام، ويحاولون إبعادهم دومًا عن الخطر.

 

ممنوع من الشمس

«لا يمكنك التعامل مع طفل يعاني من مرض جفاف الجلد المصطبغ، من الصعب حتى الوثوق بأشخاص داخل عائلتك حول حمايته»، هكذا بدأ وائل العمري، صاحب الـ33 عامًا، حديثه عن طفله محمود، الذي أصيب بمرض «أطفال القمر» وهو في سن الخامسة، موضحًا أنه يعتاد يوميًا في الصباح الباكر على تظليل جميع نوافذ المنزل لحجب الأشعة فوق البنفسجية.

حاولت أسرة الطفل في بداية ظهور المرض حمايته من الخروج نهائيًا إلى الشارع، كانوا ينتظرون قدوم الطبيب إليه حتى لا يخرجوه من المنزل، لكن بعد عامين من المعاناة، أيقنوا أنه ليس هناك حل سوى عيش حياته بشكل طبيعي، والذهاب إلى المدرسة حتى لا يفوته قطار التعليم.
وتابع «العمري» حديثه لـ«الدستور»: «ذهاب الطفل إلى المدرسة كان عائقًا جديدًا له، فقد أصيب بأمراض نفسية عدة؛ إثر تعرضه للتنمر المباشر من قبل زملائه، بسبب النمش المنتشر في جسده، وهو لا يجيد الرد على ما يتعرض له من أقاويل قاسية».

مرض «أطفال القمر»

وفي الوقت الذي حاول «محمود» فيه التأقلم مع حياته الجديدة، اصطدم بالتغيرات المناخية التي تسببت في ارتفاع درجة حرارة الشمس بطريقة غير مسبوقة، وتفاقمت أعراض مرضه بشكلٍ ملحوظ قلما قرر مواجهة الشمس، حتى أدركت العائلة عدم وجود سلاح فعال لدى الطفل من أجل خوض هذه الحرب البيئية.

واصل الأب حديثه: «عندما يخرج محمود، حتى ولو لبضع ثوانٍ، يكون مغطى بالكامل، من رأسه حتى أسفل قدميه، ويرتدي قناعًا سميكًا على الوجه وقفازًا باليدين، ورغم الحماية الكاملة طوال الوقت من سم الشمس القاتل، فإن ذلك لم يمنعه من الإصابة بسرطان الجلد».

خضع الطفل لأول عملية جراحية له في سن الثامنة، لإزالة خمسة أورام صغيرة من وجهه، ثم أجرى عملية أخرى بعد 5 أشهر لإزالة المزيد من الأورام، وفي كل مكان تذهب الأسرة إليه، يجلب الأب مقياسًا ضوئيًا لتحديد درجة الأمان من الضوء.

وفي ختام حديثه، أوضح الأب أن فصل الصيف محظور لدى العائلة، لا يمكنهم المجازفة فيه، فهو الأكثر خطورة بالنسبة للطفل، آملًا أن يجد نهاية لهذه الرحلة المؤلمة، التي تتطلب زيارة أقسام الجلدية داخل المستشفيات بشكل منتظم كل 6 أشهر كحد أقصى.


على طريق الموت

يعاني الأطفال بشكل مباشر من زيادة شدة ومدة موجات الحر، فقد أظهرت الدراسات التي أجريت في العديد من البلدان زيادة في معدلات الاعتلال والوفيات عند الأطفال أثناء الأحداث شديدة الحرارة، وذلك ما تحدث عنه الدكتور أشرف غالي، استشاري جراحة وتجميل الأطفال، موضحًا أن الأطفال الرُضع الذين تقل أعمارهم عن سنة واحدة معرضون بشكل خاص لخطر الإصابة بالأمراض المرتبطة بالحرارة والوفاة.

وأضاف الطبيب: «أزمة التغيرات المناخية التي طرأت على حياتنا جعلت جميع الأطباء يتعمقون في فهم ودراسة تداعياتها، حتى يتم التعامل مع ضحياها بشكل صحيح، ومن خلال بحثي الشخصي في الدراسات العالمية الموثوقة، تّبين وجود احتمال بنسبة تزيد على 90٪ أنه بحلول نهاية القرن الحادي والعشرين، سيتجاوز متوسط درجات الحرارة في الصيف أعلى الدرجات المسجلة على الإطلاق؛ ما يعرض الأطفال وذويهم لخطر متزايد للإصابة بالحرارة».

أما عن معاناة «أطفال القمر» مع التغيرات المناخية، فأوضح: «نادرًا ما يتردد على المستشفيات أطفال مصابون بالمرض، لكنهم متواجدون بالفعل بنسبة قليلة للغاية، ويكونون ضحايا زيجات الأقارب في الغالب، فالمرض اسمه العلمي (زيرو ديرما بيجما توسيم)، ويعاني فيه المريض من تقرحات شديدة في الجلد، حتى تتطور الأعراض للإصابة بحساسية العين والأذن».

وتابع: «الجهاز المناعي لدى الأطفال المصابين بالمرض يكون ضعيفًا للغاية؛ ما يجعل أجسادهم تتأثر بشدة فور التعرض لأشعة الشمس، ويواجهون أيضًا مشكلات عدة في الأعصاب، ورغم الأبحاث العلمية العديدة التي أجريت بشأن المرض، فإن العلاج لا يزال غير متاح حتى وقتنا هذا».

ونوه الطبيب إلى مجموعة السرطانات التي تتطور ببطء في الطبقات العليا من الجلد لدى «أطفال القمر»، وتشتد كلما تعرض الجسد إلى الشمس، لتنتج الخلايا الصباغية المزيد من الصبغة، والتي يبدأ فيها السرطان، وقد تنتشر البؤر السرطانية في طبقات الجلد والعظام، إذ لم يتم تشخيصها وعلاجها سريعًا، وهنا يخضع المريض لعدة عمليات جراحية تساعدة على تخفيف أعراض المرض.

واختتم «غالي» حديثه: «المريض قد يلقى حتفه بعد معاناة مع المرض تدوم لـ20 عامًا، ولكن هناك حالات عاشت لفترات زمنية كبيرة، حين التزمت بجميع الأدوات الوقائية اللازمة والحرص الشديد من التعرض لضوء الشمس، لذا من الضروري إدارة الأمراض المزمنة خلال فترات الحرارة الشديدة».

 

رِئة مُشوَّهة

من بين الأطفال المصابين بأمراضٍ نادرة، ولِدَ حازم البالغ من العمر 4 أعوام، مصابًا بالتليف الكيسي في الرئتين، والذي يُعد أحد الأمراض الوراثية الخطيرة، كونه يسبب أضرارًا جسيمة للجهاز التنفسي، ويؤثر بشكل مباشر على الخلايا المسؤولة عن إنتاج العرق والإنزيمات الهاضمة والمخاط.

السنوات الأربع التي عاشها الطفل في مأساة تامة روت والدته كواليسها في السطور التالية، موضحة في البداية، أن أعراض المرض بدأت في الظهور عليه متمثلة في صعوبة التنفس، التهابات متكررة للرئة، وانسداد الجيوب الأنفية، وذلك ما فسرته التحاليل الطبية الأولى للطفل.

ظنت الأم في البداية أن الأزمة مؤقتة، لكنها فوجئت بعد مرور شهرين ونصف بتفاقم أعراض المرض، حين أصبح الطفل غير قادر على التنفس بشكل تام، وبإجراء الأشعة المقطعية واختبارات وظائف الرئة، تّبينت حقيقة إصابته بالتليف الكيسي في الرئتين.

مرض التليف الكيسي

ونصح الطبيب المتابع لحالة «حازم» ذويه بضرورة الابعتاد عن أي مؤثرات تزيد من مضاعفات المرض، مثل استنشاق الهواء الملوث، وتناول الأطعمة الضارة، فضلًا عن الالتزام بالعلاجات التي أرفقها في تقريره الطبي حينها.

قالت السيدة الأربعينية في حديثها لـ«الدستور»، إن المرض أصبح مرافقًا للطفل بشكل دائم، وزادت حدته في العامين الماضيين، قلما تعرض للهواء الملوث، أو تناول أي طعام به نسبة ولو بسيطة من الملح، وفور حدوث ذلك، يبدأ في نزيف السُعال المستمر، وارتفاع نسبة الملح في العرق الذي ينسال من جسده.

واختتمت: «يخضع حازم لجلسات علاج شهرية تساعده على توسيع الشعب الهوائية، وفي أغلب الأحيان لا نجد الدواء الخاص بحالته الصحية، ونفكر حاليًا في التوجه إلى الخارج لإجراء عملية زرع رئة؛ كونه الحل الوحيد لعودته إلى الحياة الطبيعية مرة أخرى».


علاقة وثيقة

وفي دراسة أعدها مجموعة من الباحثين المتخصصين في (علوم طب الأطفال - علم الأرض والبحار) بإيطاليا والتي نُشرت في يناير 2022، تّبين أن تغير المناخ يؤثر سلبًا على صحة الجهاز التنفسي، بسبب تلوث الهواء وزيادة التعرض لمسببات الحساسية، ويعتبر الأطفال من بين الفئات السكانية الأكثر ضعفاً بسبب معدلات التهوية العالية، وصغر مجرى الهواء المحيطي، وتطوير أنظمة الجهاز التنفسي والمناعة. 

الدراسة المنشورة بعنوان (دراسة استقصائية وطنية حول آثار تغير المناخ على الحساسية التنفسية)، استهدفت بشكل خاص تقييم المعرفة الحالية بين إخصائيي أمراض الجهاز التنفسي لدى الأطفال الإيطاليين حول الآثار المحتملة لتغير المناخ على أمراض الحساسية التنفسية لدى الأطفال.

أُطلقت الدراسة الاستقصائية منذ فبراير 2020 إلى فبراير 2021، من خلال الاتصال بأعضاء الجمعية الإيطالية للجهاز التنفسي للأطفال عبر البريد الإلكتروني وتمت إعادة 117 استبيانا (معدل الاستجابة 16.4٪)، 72.6٪ من المستجيبين من الإناث، 53.8٪ من أطباء الأطفال الأكاديميين، 42.7٪ كانوا يعملون هناك لمدة 10 سنوات.

وكان معظم الإخصائيين المشاركين على دراية بالآثار الصحية المحتملة لتغير المناخ، وذكروا أنهم لاحظوا زيادة في حدوث (90.6٪)، وشدة (67.5٪)، لأمراض الجهاز التنفسي التحسسية بين مرضاهم، وشعر حوالي 61٪ و41٪ من المشاركين على التوالي أنه كانت هناك زيادة في عدد الأطفال الذين لديهم حساسية تجاه حبوب اللقاح والعفن.

وخلصت الدراسة إلى أن معظم الإخصائيين المشاركين واجهوا بالفعل التأثيرات الصحية لتغير المناخ في ممارساتهم، من حيث زيادة حدوث وشدة الربو أو التهاب الأنف التحسسي، فضلاً عن زيادة عدد الأطفال الذين لديهم حساسية من العفن وحبوب اللقاح، وطالبوا أيضًا بدمج البرامج التعليمية الخاصة بالتغيرات المناخية للمتخصصين في الرعاية الصحية، حتى يستطيعوا مواجهة تهديداته الخطيرة على صحة الإنسان.

رابط الدراسة

 

مناخ حار

معاناة أخرى تعيشها الطفلة مرام، التي لم يتجاوز عمرها الـ7 سنوات، منذ  أن ظهرت أعراض البهاق على جسدها، نظرًا لوجود تاريخ عائلي مع المرض، وبالأخص عمها المصاب بسرطان الجلد، لكن ما عاشته الصغيرة منذ يوم إصابتها بالمرض، كان جديدًا تمامًا على العائلة.

وصف أسامة البشبيشي، والد الطفلة، تفاصيل حالتها الصحية في حديثه لـ«الدستور»: «الشمس هي أكبر عدو لابنتي، تطاردها في كل مكان، وقلما خرجت من المنزل عادت مصابة بضربةٍ قاسية، ولكن لا نستطيع حبسها داخل المنزل، حتى لا تصاب بأمراض نفسية أخرى».

وأشار «البشبيشي» إلى الأعراض الأولى التي لازمت جسد الطفلة، قائلًا: «بدأت علامات البهاق تظهر بجانب عينها اليمنى، ثم تفاقمت بأكثر من نصف وجهها، لتنتشر بكثافة على يديها بعد ذلك، ورغم العلاجات التي وفرناها طوال السنوات الماضية، ظل المرض مصاحبًا لها».

البهاق عند الأطفال

الأطباء التي عُرضت عليهم حالة «مرام» أكدوا جميعهم أنها مُصنفة ضمن أخطر المصابين بمرض البهاق، كونه وراثيًا عن عائلة أبيها، كما أعطوا احتمالية إصابتها بسرطان الجلد إذ لم تتوافر لها جميع سبل الحماية من المسببات الرئيسية في تطور أعراض المرض.

وأكد والد الطفلة أن ارتفاع درجات الحرارة في مصر خلال الأعوام الأخيرة شكل تحديًا كبيرًا أمام تخفيف أعراض المرض، فقد أصيب مرات عدة بحروقٍ حادة في جسدها، إثر التعرض المباشر لأشعة الشمس، ولم تعطِ الكريمات المرطبة والعلاجات المستخدمة أي نتيجة حتمية في الشفاء من المرض.

«اعتدنا على الذهاب إلى المستشفيات والعيادات بشكل أسبوعي، أجرينا كل الفحوصات واختبارات الدم، ولم نصل إلى حلٍ فعال يمكنها من الشفاء، فقد أكد جميع الأطباء أن العلاجات الدوائية ستساعدها فقط على تخفيف الأعراض المتوقع تفاقهما، خاصة أن الشهور القليلة الماضية شهدت مشكلات جديدة بشأن ضعف السمع والرؤية الضبابية في بعض الأحيان. 

 

فطريات قاتلة

في مايو الماضي، أجرى عدد من الباحثين المتخصصين في الأمراض الجلدية بمختلف الدول (الولايات المتحدة الأمريكية - الدينمارك - إثيوبيا)، دراسة موسعة عن آثار تغير المناخ على الأمراض الفطرية ذات المظاهر الجلدية، بإشراف لجنة تغير المناخ التابعة للجمعية الدولية للأمراض الجلدية.

تواصلنا مع الدكتورة سارة كواتس، أستاذ مساعد قسم الأمراض الجلدية بجامعة كاليفورنيا، والمشرفة الأولى على الدراسة، لتوضح لنا العلاقة التي تربط التغيرات المناخية بمرضى الفطريات الجلدية.

وقالت: «اكتشفنا من خلال الدراسة التي أجريناها تحت إشراف جامع كاليفرونيا، أن ارتفاع درجات الحرارة بشكل مستمر يتسبب في توسع الأمراض الفطرية المتعارف عليها، بل ويشكل عاملًا رئيسيًا في ظهور أنواع جديدة لم يتم ربطها بالتغيرات المناخية من قبل».

الدكتورة سارة كواتس أستاذ مساعد قسم الأمراض الجلدية بجامعة كاليفورنيا

وأشارت «كواتس» إلى دور موجات الحرارة المرتفعة والفيضانات والجفاف في بقاء مسببات الأمراض الجلدية، لذا خُصصت الدراسة للتركيز على البشر والكائنات الحية الذين يتعرضون للإصابة بالفطريات الجلدية المختلفة، ويتأثرون أيضًا بالتغيرات المناخية.

وشرحت مصطلح الفطريات الجلدية بشكل تفصيلي، قائلة: «عدوى تصيب الشعر أو الجلد أو الأظافر بسبب أنواع العفن، وتحدث العديد من داء الفطريات السطحية والعميقة والنظامية عن كائنات معروفة بحساسيتها لمتغيرات المناخ مثل درجة الحرارة والرطوبة وهطول الأمطار».

أكدت أستاذ مساعد قسم الأمراض الجلدية بجامعة كاليفورنيا، أن الأمطار الغزيرة التي ضربت كاليفورنيا في عام 2016 بعد فترة جفاف طويلة عاشتها المقاطعة، تسببت في انتشار مرض الكروانيديا الجلدية، وذلك أوضج مدة تأثير الكوارث البيئية في ارتفاع معدلات الإصابة بالأمراض الجلدية.

أما عن تأثير التغيرات المناخية على الأطفال، قالت إنها تشمل العواقب الجسدية والنفسية لكوارث البيئة، زيادة الإجهاد الحراري، انخفاض جودة الهواء، تغير أنماط المرض لبعض أنواع العدوى الحساسة للمناخ، وانعدام الأمن الغذائي والماء والمغذيات في المناطق المعرضة للخطر.

وفي ختام حديثها مع «الدستور»، نّوهت إلى ما خلصت عنه الدراسة، وهو أن الاحتباس الحراري سيؤدي في المستقبل إلى ظهور أنواع فطرية مسببة للأمراض لم تكن معروفة من قبل أو لم يتم تقديرها، الأمر الذي يمثل تحديًا كبيرًا أمام الأطباء، لذا من الضروري زيادة توعيتهم بالأنماط الجديدة المتعلقة بتغير المناخ.

 

رابط الدراسة

 

 

الطريق نحو بيئة آمنة


وفي السياق ذاته، أوضح الدكتور عبد المسيح سمعان، أستاذ الدراسات البيئية بجامعة عين شمس، أن التغيرات المناخية تشكل خطراً هائلاً على صحة مجتمعنا في المستقبل، سواء للأطفال أو الكبار، فقد تسببت زيادة ثاني أكسيد الكربون في ارتفاع درجات الحرارة إلى 1.5 درجة مئوية، وفقًا لتقرير صادر عن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ التابعة للأمم المتحدة. 
 

واستكمل: «تتأثر صحة الإنسان بظواهر الطقس المتطرفة وموجات الحرارة والجفاف وزيادة حرائق الغابات وانتشار الأمراض المنقولة بالنواقل، لذا سعت اتفاقية باريس، التي وقعتها العديد من الدول في عام 2016، إلى الحد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، من أجل الحفاظ على الزيادة في متوسط ​​درجة الحرارة العالمية أقل من درجتين مئويتين».

وأشار أستاذ الدراسات البيئية إلى الحل الآمن لتفادي تحديات التغيرات المناخية، وهو استبدال الوقود الأحفوري بالطاقة الجديدة والمتجددة، وطاقة الهيدروجين الأخضر، فضلًا عن ترشيد استهلاك المياه والكهرباء، مؤكدًا أن الدولة المصرية في طريقها نحو تحسين البنية التحتية، من خلال تمويل المشروعات المتعلقة بالمناخ، ورفع مستوى الوعي لدى المواطنين بشأن القضية.

الدكتور عبدالمسيح سمعان أستاذ الدراسات البيئية بجامعة عين شمس


تثقيف بيئى

 

في يونيو 2021، أجرت جمعية الدراسة النفسية للقضايا الاجتماعية (الجمعية الأمريكية لعلم النفس)، تحليلًا نفسيًا من خلال التثقيف بشأن تغير المناخ من أجل التحول، واستكشاف الأبعاد الوجدانية والسلوكية لتعلم الأطفال وعملهم، بالتعاون مع جمعية البحث والعمل المجتمعي.

وكان ذلك استجابةً للاعتراف المتزايد بتأثيرات تغير المناخ على الصحة العقلية، فإن فهم النطاق الكامل للخبرات النفسية للأطفال في سياقات تعليم تغير المناخ أمر بالغ الأهمية لتطوير الأساليب التي تدعم المشاركة البناءة للأطفال.
 

من خلال الاستطلاعات ومجموعات التركيز التي أجريت مع 55 طفلاً (تتراوح أعمارهم بين 10 و 12 عامًا)، فحصت هذه الدراسة مدى إقبال الأطفال على التعلم والتفكير والعمل، وتشير النتائج إلى اكتساب الأطفال مواقف أقوى مؤيدة للبيئة، واحترامًا أعمق للطبيعة، وإحساسًا أكبر بالإلحاح تجاه الحاجة إلى العمل المناخي.

والأهم من ذلك، أن المشاعر السلبية للأطفال مثل (الخوف والقلق والغضب والحزن) قد تم تخفيفها من خلال المشاعر الإيجابية المتأصلة في العمل المناخي بقيادة الشباب في السياقات الأسرية والمجتمعية، وسلط ذلك الضوء على النتائج المفيدة على المستويين الجزئي والكلي لتحولات منظور الأطفال.



رابط الاستطلاع

 


الأطفال أولًا


في سباقٍ محموم تخوضه وزارة البيئة نحو حماية المواطنين من تداعيات التغيرات المناخية، كُلف المغامر علي عبده بالانطلاق في رحلة عبر محافظات الجمهورية، بدرجاته الكهربائية، بهدف توعية الأطفال داخل المدارس بقضية تغير المناخ، وكيفية مواجهة آثارها السلبية على الصحة والبيئة.

 

 

وقال «عبده» في حديثه لـ«الدستور»، إن هذه الرحلة انطلقت يوم 11 أكتوبر الجاري، بإشراف وزارة البيئة، وبالتعاون مع وزارات (والتخطيط والتنمية الاقتصادية، الشباب والرياضة، والإنتاج الحربي)، واستهدفت بشكل خاص إجراء جولة توعوية داخل المدارس والجامعات حول التغيرات المناخية، فالأطفال والشباب هم أكثر الفئات تضررًا من الأزمة.

واختتم: «المحطة الأخيرة للرحلة ستكون في مدينة شرم الشيخ، بالتزامن مع انطلاق مؤتمر المناخ الذي تستضيفه مصر في نوفمبر المقبل، وهناك سنعرض تفاصيل الجولات التي قمنا بها، وكيفية استجابة الأطفال والشباب لقضايا المناخ، فهناك يوم كامل مخصص للأطفال خلال عقد المؤتمر».

المغامر علي عبده أثناء رحلته