رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

بعد السوداء.. «الرمال البيضاء» كنز جديد على أرض مصر

الرمال البيضاء
الرمال البيضاء

على غرار "الرمال السوداء" التي انتبه إلى أهميتها القصوى الرئيس عبدالفتاح السيسي؛ ولهذا كلف بافتتاح أكبر مصنع لها بمحافظة كفرالشيخ، والذي افتتح بالفعل منذ عدة أيام، ربما لم يعرف الكثيرون أن هناك كنزا آخر من ذات الخام أخذت مصر خطوات واضحة في الحصول عليه هو الآخر، ألا وهو ما يعرف بـ«الرمال البيضاء».

خبير جيولوجى: هى المادة الخام «للسيليكون» عصب التطور التكنولوجى

وعنها، قال الخبير الجيولوجي أحمد حسين، في حديثه لـ"الدستور"، إن تلك "الرمال البيضاء" تعد هي المادة الخام لعنصر السيليكون الذي يمثل عصب التطور التكنولوجي العالمي، كما أنه الخام الرئيسي فى صناعة الخلايا الشمسية، وكذلك في صناعة الرقائق الإلكترونية التي تمثل نواة الطفرة التكنولوجية الهائلة التي انتقلت بالعالم إلى القرن الحادي والعشرين.

وتابع بقوله إن مصر تمتلك أفضل أنواع الرمال البيضاء، مضيفا أنه ترجع جودة الرمال المصرية إلى نقائها الكبير، حيث تصل نسبة تركيز خام السيليكا فيها إلى 98,8%، بينما تقل نسبة أكسيد الحديد غير المرغوب فيه عن 0,01%، مشيرا إلى أنه يبلغ سمك الطبقة الرملية بها 100 متر دون غطاء صخري، وهو ما يقلل من تكلفة الإنتاج وسهولة استخراجها.

وأوضح أن أهم المناطق التي تتوافر بها تلك الرمال هي "وادي الدخل" جنوب غرب الزعفرانة بالصحراء الشرقية، مُشيرًا إلى أنه يتوافر كميات هائلة منها في وادي قنا بسمك كبير، بالإضافة إلى جبال يلق والمنشرح بشمال سيناء، ومنطقة أبوزنيمة وهضبة الجنة بجنوب سيناء والتي أكد أنها تتوافر بها كميات ضخمة من الخام ذي الجودة العالية.

وجدير بالذكر أنه قد توقع متخصصون أن حجم الاستثمارات التي تحتاجها مصر لاستغلال ثروة مصر في الرمال البيضاء يقدر بنحو 2 مليار دولار، وهي تتمثل في إقامة مصنع لمنتجات السيليكون والزجاج.

تكنولوجيا الصحراء 

وكان قد طرح الاتحاد الأوروبي منذ عدة سنوات مشروعا ضخماً للطاقة النظيفة والمتجددة أطلق عليه اسم «تكنولوجيا الصحراء»، وفيه يستغل رمال صحراء شمال إفريقيا، وكذلك معدل الإشعاع الشمسي في صحاريها الذي هو الأعلى في العالم، لإنتاج مئات الميجاوات من الكهرباء باستخدام الخلايا الشمسية من أجل تغذية أوروبا ومنازلها ومصانعها بالطاقة النظيفة، وذلك بعد نفاد البترول المتوقع بحلول عام 2050.

وفي السياق، تستطيع صحراء مصر إنتاج 2,8 مليون وات كهرباء لكل متر مربع، وفقًا لمعدل السطوع الشمسي بها، وهو ما يعني أن تركيز مصر على صناعات الطاقة النظيفة المستدامة يمكن أن يجعل مصر أحد أهم موردي الطاقة للعالم خلال القرن الحادي والعشرين.

مصر لديها احتياطى 20 مليار طن

أما عن احتياطي مصر من الرمال البيضاء فهو يبلغ نحو 20 مليار طن، موزعة على صحارى مصر المتنوعة من شمال سيناء إلى جنوبها، وصحراء مصر الشرقية والغربية، إذ يحتوي شمال سيناء على احتياطي يبلغ 120 مليون طن، ويمتلك الموقع الأكبر منها بمنطقة الحسنة أكثر من 40 مليون طن.

كما يتركز الخام في جنوب سيناء في منطقتي وادي الجنة وأبوزنيمة، والتي يعد الخام بها الأجود في مصر والعالم، وبها إجمالي احتياطيات مؤكدة يصل إلى 268 مليون طن، واحتياطي جيولوجي أكثر من مليار طن.

أما منطقة وادي الدخل، جنوب غرب مدينة الزعفران بجبل الجلالة، فيبلغ فيها احتياطي الخام 27 مليون طن، كما يبلغ سمك طبقة الرمال بها 100 متر دون غطاء صخري.

ومنطقة وادي قنا بها احتياطيات تصل إلى 260 مليون طن، مصحوبة بأكثر من 40 مليون طن من خام الكاولين (الصلصال) الثمين فى صناعة الخزف والعوازل الكهربية.

حظر تصديرها 

وكانت مصر قد حظرت تصدير الرمال البيضاء كمادة خام خارج مصر، وذلك للحفاظ على هذا المورد غير المتجدد واحتياطي مصر منه، منذ عام 2016، حيث قررت الحكومة منع تصدير الرمال البيضاء باعتبارها ثروة قومية.

وعلى الرغم من تواجد الرمال البيضاء بمصر منذ آلاف العصور إلا أنه لم يلتفت إلى أهميتها سوى الرئيس عبدالفتاح السيسي، الذي تحرك مبكرًا بخصوص ملف هذه الرمال ومنع تصديرها منذ عام 2016- 2017.

إذ إن مصر كانت تصدر قبل هذا التاريخ تلك الرمال بهيئتها الخام بسعر 20 دولارا فقط، ثم يعاد بيعها بـ150 دولارا، ويصنع منها زجاج يصل سعر الطن إلى ألف دولار، وتصل سعر الرقائق الإلكترونية إلى 100 ألف دولار بما يعادل 5 آلاف ضعف المادة الخام التي تخرج من مصر، مما يمثل ضياع ربح كبير على الدولة كان سيتحقق من الاستغلال الأمثل لتلك الرمال.