رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

وزير البيئة العراقى: نتطلع لأن يكون مؤتمر شرم الشيخ محطة مهمة لاتخاذ قرارات واقعية

الدكتور جاسم عبدالعزيز
الدكتور جاسم عبدالعزيز الفلاحى

- العراق خامس الدول الأكثر تضررًا من التغيرات المناخية وأوفى بالتزاماته رغم حرب «داعش»

- أطلقنا مبادرة «التريليون دينار» للاستثمار فى الطاقة الشمسية وإنتاج 6 آلاف ميجا وات كهرباء 

أشاد الدكتور جاسم عبدالعزيز الفلاحى، وزير البيئة العراقى، باستضافة مصر مؤتمر الأطراف فى اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ «COP 27»، بمدينة شرم الشيخ خلال شهر نوفمبر المقبل، وأعرب عن فخر العراق بتلك الاستضافة، وثقته فى قدرة مصر على استضافة هذا الحدث المهم والفعال، وتطلعه ليكون محطة مهمة لاتخاذ قرارات واقعية لمواجهة التغيرات المناخية. 

وأوضح «الفلاحى»، خلال حواره مع «الدستور»، أن العراق، الذى يعد خامس أكثر الدول تضررًا من التغيرات المناخية، أصر على الوفاء بالتزاماته المناخية رغم أزماته المتعددة، وعلى رأسها الحرب ضد الإرهاب وتنظيم «داعش»، مشيرًا إلى إطلاق الحكومة العراقية مبادرة «التريليون دينار» للاستثمار فى الطاقة الشمسية وإنتاج أكثر من ٦ آلاف ميجا وات من الكهرباء منها، بالإضافة إلى اتخاذ خطوات شجاعة لخفض انبعاثات غاز الميثان وتوليد الطاقة النظيفة وتعزيز الاقتصاد الأخضر. 

■ بداية.. كيف ترى استضافة مصر مؤتمر المناخ المقبل فى شرم الشيخ؟

- نحن فى العراق نشعر بالفخر لاستضافة مصر مؤتمر المناخ COP 27، لأن هذا بالتأكيد إنجاز كبير، لأن وجود انعقاد مؤتمر للتغييرات المناخية بمشاركة قادة العالم والمجتمع الدولى يعنى أن منطقة الشرق الأوسط يمكن أن تحقق أهدافًا كبيرة، إذا استثمرت هذا المؤتمر الكبير وما يصاحبه من زخم عالمى لمناقشة القضايا الإقليمية الملحة، خاصة أن المنطقة تعانى من تغير مناخى هائل، يتمثل فى تناقص معدلات التساقط المطرى والجفاف والتصحر والعواصف الغبارية والنقص الكبير فى الطاقة، بالإضافة إلى مهددات الأمن المائى والغذائى. 

ودعوات مصر للعالم من أجل مواجهة التغير المناخى وتأثيراته هى الحدث الأهم والأبرز فى قمة المناخ المرتقبة، لأن العالم يواجه أزمة مناخية كبيرة، ستطال مخاطرها جميع القطاعات. 

■ ما أهمية انعقاد المؤتمر فى هذا التوقيت؟

- ملف التغير المناخى أصبح أحد أهم أسباب الأزمات حول العالم، وتهتم به جميع الدول بسبب الاحتباس الحرارى والارتفاع الكبير فى حرارة الكوكب، خاصة بعد إقرار اتفاق باريس للتغيرات المناخية فى عام ٢٠١٥، الذى كان محطة مهمة جدًا فى السجل البيئى العالمى، وسمى بـ«قمة الأرض»، وأصبح على دول العالم أن تلتزم وطنيًا بخفض نسبة الانبعاثات الغازية الضارة، مع تكييف البنية التحتية بما يتلاءم مع المعايير الدولية، وضرورة إيجاد آلية تعويضية للدول النامية والأقل نموًا، التى تضررت بشكل كبير فى أكثر من ثلاثمائة عام من الثورة الصناعية التى تقودها الدول الكبرى، وأدت لارتفاع معدلات الاحتباس الحرارى، وزيادة معدلات الانبعاثات الكربونية الضارة، وارتفاع درجة حرارة الكوكب درجة مئوية، ويمكن أن تصل إلى ١.٥ درجة مقارنة بعصر ما قبل الصناعة.

وهناك بند مهم جدًا فى اتفاق باريس دافعت عنه الدول العربية مجتمعة، وهو إقرار أن مسئولية حماية الكوكب مسئولية كونية لكل دول العالم، مع إلزام الدول الصناعية الكبرى والدول الغنية بإنشاء صندوق سمى «صندوق المناخ الأخضر» ليساعد الدول النامية بمائة مليار دولار لإنشاء مشاريع تخفض الانبعاثات، وتساعد على تطوير البنية التحية. 

ونحن نتطلع للمشاركة الفعالة فى مؤتمر شرم الشيخ، ليكون محطة مهمة باتجاه اتخاذ قرارات واقعية تناقش مبادئ أساسية وحيوية وتساعد على العمل معًا للحد من الآثار المأساوية لأزمة المناخ، والتضامن مع الدول الأكثر تضررًا من أزمة المناخ.

ونحن نؤمن بأن مصر قادرة على استضافة مؤتمر مهم وناجح، يحقق تغييرًا نوعيًا فى فهم المنطقة طبيعة الأزمات القائمة، وأتمنى أن يكون هناك تعاون إقليمى كبير بخصوص ملف المناخ، خاصة أن الأشقاء فى مصر والمملكة العربية السعودية والمملكة الأردنية وباقى دول العالم على دراية كاملة بالمواجهات والتحديات الجدية التى يواجهها العالم حاليًا.

■ ما أوجه التعاون بين مصر والعراق فيما يتعلق بهذا الملف؟

- التعاون والتنسيق قائم مع الإخوة فى مصر، وعلى جميع المستويات، وكانت توجيهات رئيس الوزراء العراقى مصطفى الكاظمى تدعو لتعزيز التعاون مع مصر، والتعاون الوثيق مع وزارة البيئة المصرية ووزيرة البيئة الدكتورة ياسمين فؤاد لتحقيق مكاسب مهمة للمنطقة من خلال مؤتمر المناخ.

ولذلك سيشارك العراق فى مؤتمر شرم الشيخ بوفد فاعل جدًا، مع عرض رؤية للواقع الذى يعيشه العراق، وتأثير التغيرات المناخية عليه، لكونه أحد أكثر البلدان تضررًا منها.

وقد انضم العراق إلى اتفاق باريس للتغيرات المناخية رغم الظروف الصعبة التى يمر بها، ومكافحة الإرهاب نيابة عن العالم، وقتال تنظيم «داعش» الإرهابى الأسود، فضلًا عن أزماته المالية، ورغم ذلك ظل العراق عضوًا فى اتفاقية باريس، وأقر قانونًا خاصًا بها فى ٢٠٢٠، وأكمل مساهمته الوطنية، وحدث مهامه الوزارية ومهام الجهات المختلفة على مستوى القطاع الخاص والدفاع المدنى وحكومة إقليم كردستان، من أجل خفض نسبة الانبعاثات الكربونية بمساعدة المجتمع الدولى. 

وأكد العراق جديته فى التعامل مع الملف المناخى بإعداد خطة استراتيجية من عام ٢٠٢٠ إلى ٢٠٣٠، لتحديد مساهماته الوطنية، بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائى، خاصة أنه صنف خامس دول العالم الأكثر تضررًا من تداعيات تغير المناخ، وما ترتب عنها من أزمة جفاف وازدياد معدل التصحر وفقدان الأراضى الزراعية وزيادة العواصف الرملية والغبارية، ما زاد من معاناته من جراء النقص الكبير فى الإيرادات المائية نتيجة سياسات دول المنبع، وكذلك التناقص غير المسبوق فى معدلات تساقط المطر بسبب الاحتباس الحرارى. 

■ حدثنا عن الإجراءات التى تتخذونها لمواجهة تداعيات الأزمة؟

- بعد توقيع الحكومة العراقية وثيقة الانضمام لاتفاقية باريس، ووثيقة المساهمات المحددة وطنيًا، تم أيضًا وضع خطة التكيف الوطنية، لتغيير وتجديد البنية التحتية، بما يتوافق مع المعايير العالمية، وهى واحدة من أهم الخطوات الشجاعة وغير المسبوقة التى قمنا بها لخفض الانبعاثات، وعلى رأسها غاز الميثان، والاستفادة منه فى توليد طاقة نظيفة صديقة للبيئة بدلًا من حرق الغاز المصاحب.

كما وضعنا خطة ثانية بإدخال وثيقة المساهمات المحددة وطنيًا فى كل البرامج الوطنية وخطط التنمية واستراتيجية الوزارات والجهات المتعلقة بها، مع التركيز فى القسم الثانى من الوثيقة، الذى سيجرى تنفيذه بين عامى ٢٠٢٥ و٢٠٣٠، على استخدام التكنولوجيا الحديثة فى قطاعى الرى والزراعة. 

ونعمل أيضًا مع وزارة النقل والمواصلات على استخدام السيارات الصديقة للبيئة والسيارات الكهربائية، وهو إنجاز كبير للحكومة التى أقرت إدخال تلك السيارات إلى العراق وخفض رسوم الجمارك عليها.

وكذلك نعمل مع وزارة الصناعة على تعزيز البنية التحتية كى تكون المعامل والمصانع ذات تقنيات خضراء صديقة للبيئة مع خفض نسبة الانبعاثات، ومع وزارة الكهرباء لتحويل محطات توليد الطاقة إلى محطات مركبة، ما يوفر نسبة كبيرة من الوقود ويقلل نسبة الانبعاثات الكربونية الضارة، وبالفعل أصبحت لدينا استثمارات لإنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية بطاقة أكثر من ٦ آلاف ميجا وات، بدأ العمل فيها فعليًا بالتعاون مع شركات عالمية.

وفى الإطار نفسه، نعمل حاليًا مع وزارة الموارد المائية من أجل إدخال تقنيات حديثة فى الرى والزراعة، ومع عدد آخر من القطاعات بالحكومة العراقية، بالإضافة إلى إقليم كردستان، لتعزيز مفاهيم الطاقة المتجددة والحلول المستندة إلى الطبيعة. 

■ ماذا عن خطة مواجهة أزمات العواصف الغبارية والجفاف والتصحر؟

- نعتبر فى وزارة البيئة أن الجفاف وتناقص الإيرادات المائية من أخطر المهددات للأمن القومى فى العراق، خاصة أننا فى قطاع الرى والزراعة نعانى من ضغط متزايد بسبب عدم توافر الحد الأدنى من الأمن المائى، وهذا الشح المائى الكبير يؤثر على الأمن الغذائى.

ولذلك اتخذت الحكومة العديد من الإجراءات فى قطاع الرى والزراعة لاستخدام تقنيات صديقة للبيئة، عبر المرشات والرى بالتنقيط، واستخدام بذور ومحاصيل ذات إنتاجية عالية مع عدم استخدام كميات كبيرة من المياه. 

ونحن نقوم الآن بجهد كبير على المستوى الوطنى والمستويين الإقليمى والدولى للعمل على مواجهة الآثار السلبية للتغير المناخى، لما لها من تداعيات خطيرة على المستويات الصحية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية، وحتى السياسية، ووضعنا خطة وطنية للتشجير، لأننا نؤمن بأن مواجهة الجفاف والتصحر والعواصف الغبارية لا يمكن أن تتم إلا بزيادة المساحات الخضراء والغابات والأحزمة ومصدات الرياح.

ونعتزم فى وزارة البيئة إدخال مفاهيم الطاقة المتجددة لأول مرة إلى العراق، وأطلقنا مبادرة مهمة جدًا مع البنك المركزى العراقى، هى مبادرة «تريليون دينار عراقى»، التى تعادل نحو ٨٠٠ مليون دولار، لتشجيع القطاع الخاص والأفراد والشركات والمؤسسات على الاستثمار فى الطاقة الشمسية.

كما استكملنا مسودة قانون للطاقات المتجددة، وأقررنا قانونًا خاصًا لمعالجة النفايات، بالإضافة إلى وضع برامج مواجهة التصحر، التى بدأنا العمل فيها فعليًا فى المناطق الساخنة.

■ فى تقديرك.. هل يمكن أن يتخلص العالم من الوقود الأحفورى لتقليل انبعاثات الكربون؟

- اتفاقية باريس حددت الفترة الزمنية من عام ٢٠٣٥ إلى ٢٠٥٠ لخفض الاعتماد على الوقود الأحفورى، مع إلزام دول العالم بتنويع مصادر الطاقة، وعدم الاعتماد على النفط الخام كمصدر رئيسى لها.

ولذلك، فإن بلدًا مثل العراق يمثل الإنتاج النفطى مصدرًا رئيسيًا للطاقة لديه على مدى ١٠٠ عام سيكون ملزمًا باتخاذ إجراءات لتعزيز الاقتصاد الأخضر المستدام، والاعتماد على الطاقات المتجددة والحلول المستدامة، وهو ما يتطلب مظلة تشريعية وقانونية، مع اتخاذ العديد من الإجراءات لتعزيز التحول لهذا الاتجاه.

ونحن نعتقد أن ذلك التحول لا يمكن أن ينجح دون التعاون مع المجتمع المدنى والقطاع الخاص لتنظيم الفعاليات الخاصة بملف المناخ، وتعزيز الجوانب العلمية والتكنولوجية لمواجهة تأثيرات التغير المناخى.