رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الرمال السوداء.. الحلم الذى تحقق

بعض الدول القوية تعتبر أن تصدير المواد الخام خارج البلاد جريمة تستحق العقاب، وتصنفها دول أخرى كجريمة خيانة عظمى.
في مصر ظللنا عشرات السنين نصدر الكثير من المواد الخام للخارج منها الرمال البيضاء المحملة بالسيليكون والزجاج، ومنها القطن المصري الذي كان يُزرع خصيصاً للمصانع البريطانية وكان يتم شحنه من الأرض الزراعية المصرية مباشرة إلى مصانع أوروبا ليعود لنا كمنتجات جاهزة بأغلى الأثمان.
ولنا أن نتخيل أن سعر طن الرمال البيضاء كان يتم تصديرة كمواد خام بحوالي 40 دولارا فقط، ووصل سعره مؤخرا إلى 10 آلاف دولار، بينما كان تتم إعادة استيراده بما يعادل 100 ألف دولار للطن بعد إعادة تصنيعه في الأجهزة الإلكترونية كمدخلات لصناعة الموبيلات والأقمار الصناعية.
وقد حبا الله مصر بكنوز من المواد الخام بكميات كبيرة، كان تعتبرها بعض الحكومات السابقة عبئاً على الدولة، وفشلت في التخلص منها، من هذه الكنوز الرمال السوداء التي تتفرد مصر مع الهند والبرازيل بأكبر احتياطي منها في العالم.
الحمد لله استطاع الرئيس عبدالفتاح السيسي تحويل الحلم إلى حقيقة من خلال إنشاء مصنع الرمال السوداء بكفر الشيخ الذي افتتحه الرئيس الأسبوع الماضي، ويعد الأحدث على مستوى العالم ويستخدم تكنولوجيا التعدين، ضمن المشروعات القومية التي يستهدف منها الرئيس الاستفادة من الموارد الطبيعية لمصر، وتحقيق القيمة المضافة من المعادن المستخلصة من الرمال السوداء، باستثمارات تجاوزت 4 مليارات جنيه وبعوائد استثمارية تصل إلى 6 مليارات دولار، وباحتياطي يصل إلى 200 عام قادم.
بيئيًا كانت تعد الرمال السوداء خطراً على البيئة لاحتوائها على كميات كبيرة من المعادن التي تنتشر غالبا على الشواطئ بشكلها الأسود المعروف، فما بالنا بانتشار تلك الرمال في 11 موقعاً في مصر من الجنوب للشمال ومن الشرق للغرب عبر سواحلنا الشمالية، ووفقا لبعض الدراسات التي أجريت على الرمال السوداء، فإن محافظة كفر الشيخ وحدها تمتلك حوالي 250 مليون طن رمال سوداء، ويصل احتياطى مصر منها حوالي 200 مليار متر مكعب، الأمر الذي يجعل من مصر صاحبة أكبر احتياطي من الرمال السوداء في العالم.
وتدخل المعادن المستخلصة من الرمال السوداء في صناعة هياكل الطائرات والصواريخ ومركبات الفضاء والأصباغ والورق والجلود والسيراميك وتركيبات الأسنان والخرسانة والحديد الإسفنجي وأحجار الجلخ والصنفرة وفلاتر المياه والهواتف الذكية والسيارات الكهربائية. 
الحديث عن الرمال السوداء ظل قائماً طوال 90 عاماً ولم ينفذ منه شيئاً، وانتبه له الرئيس قبل 5 سنوات فقط، والآن تحول إلى حقيقة وواقع، تحية لصاحب الحلم الذي حوله لواقع فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي.