رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الكورة إجوان

فيه ناس بـ تشوف إنه العدل يعني المساواة، (س) يحصل زي (ص) زي (ع). 

ناس تانيين شايفين إنه العدل مش كدا، إنما كل واحد يحصل على قدر "شيء ما"، اجتهاده/ موهبته/ عطاؤه/ إخلاصه/ ...... إلخ إلخ، يعني نثبت معيار ويبقى التفاوت على أساسه، فـ كدا يبقى عدل. 

ناس تالتين شايفين إنه لأ، العدل هو تكافؤ الفرص، يعني إننا كل المتنافسين يدخلوا نفس الاحتبار في نفس الوقت ونفس الظروف، وحسب أداؤهم في الاختبار يكون التفاوت.

ربما تكون فيه مفاهيم أخرى لـ العدل، إنما كلها في نفس ذات الاتجاه، وما أراه إنه كل الأمور لا وجود لها على أرض الواقع، وإنه لا فيه عدل ولا فيه ظلم، بـ الذات فيما يتعلق بـ الفلوس، السؤال نفسه مش مطروح، فـ مفيش إجابة مظبوطة.

كل المفاهيم دي تشترك في افتراض يبدو بديهيا، وهو إنه فيه حاجات بـ تتوزع، ولا ينقصنا إلا طريقة التوزيع الأمثل، بينما الواقع مش كدا خالص، مفيش حاجة بـ "تتوزع"، ومفيش حد بـ "يوزع"، وإنما فيه سباق عام الكل مشترك فيه، أولا على خلق الثروة، وبعدين بقى نناقش مين يحصل على إيه.

ما يفرق الإنسان عن غيره من الكائنات الحية، هو إنه لا يستهلك من الطبيعة مباشرة، وإنما فيه عمل لازم يحصل علشان نحول موارد الطبيعة لـ مستهلكات، ناهيك عن إنه كتير من المستهلكات حتى مالهاش أساس في الطبيعة نشتغل عليه.

مثلا، حضرتك بـ تاكل حتة كيكة، علشان القطعة دي تبقى في بقك، فيه ناس زرعت قمح، وناس طحنته حولته دقيق، وناس ربت فراخ باضت، وناس رعت بقر وحلبته، وناس وناس وناس، لكن في النهاية كل مكوناتها في الطبيعة، إنما حضرتك بـ تشوف فيلم أو مسلسل أو بـ تسمع غنوة، أو تقرا مقال، فـ دي حاجة فيها قدر كبير من التجريد.

طيب، إيه اللي بـ يحصل؟

اللي بـ يحصل إنه أي "منتج" بـ فتح التاء، استلزم عمل، والعمل دا في إطار دورة رأس ما، حضرتك بـ تشتري باكو شاي، علشان يبقى فيه شركة تنتج لك الشاي دا، ويوصل لك لـ حد السوبر ماركت اللي تحت البيت، لازم تبقى شركة ضخمة، وعشان تبقى معروفة لازم تعمل إعلانات، وعلشان تعمل إعلانات لازم تنتج حاجة تخليك تشوف الإعلان دا، فـ بـ تدفع لـ ناس يعملوا مسلسل، فـ إنت بـ تشتري الشاي بـ عشرين جنيه، ياخد هو منهم خمسة مثلا، يعمل بيهم إعلانات، وهكذا وهكذا وهكذا.

مفيش حاجة هنا بـ "تتوزع"، وإنما فيه دورة رأس مال، لو الدورة دي انقطعت، مش هـ يكون فيه إنتاج أصلا، ولو مفيش إنتاج، مفيشمكسب، ولو مفيش مكسب هـ يبقى مفيش حاجة حد يحصل منها على شيء.

في هذه الدورة، يحصل كل واحد على إيه؟

على ما يناسب الفارق بين حضوره هو شخصيا وغيابه، ثم قدرته على الدفاع عن هذا الفارق وإبرازه، يعني إيه؟ 

لو فيه مسلسل مثلا بـ ينتج، وفيه ممثل ما له جمهور عريض، بـ التالي مضمون إنه على الأقل الحلقات الأولى هـ يشوفها ملايين الناس، بينما لو النجم دا مش موجود في العمل، الملايين دول مش هـ يشوفوا العمل، منطقي إنه الممثل دا على ما يوازي الفارق بين حضوره وغيابه.

فـ قصة العدل والظلم دي مش موجودة، الحياة لعبة وكله بـ يلعب، مفيش حكام، وكما قال الشاعر: الكورة إجوان.