رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

في ذكرى ميلاده.. رفاعة الطهطاوي صاحب العمامة المستنيرة والحرف الأول بكتاب الليبرالية المصرية

رفاعة الطهطاوي
رفاعة الطهطاوي

«رفاعة الطهطاوي صاحب العمامة المستنيرة، الحرف الأول في كتاب الليبرالية المصرية»، كما وصفه الدكتور رفعت السعيد وهو أول من نادى بتعليم البنات، وسبق قاسم أمين في دعوته إلى تحرير المرأة، وأول من نشر كتابا بالعربية في علوم التربية، وهو أيضا رائد الترجمة في مصر.

رفاعة الطهطاوي والمولود في مثل هذا اليوم من العام 1801، لم يكتف بالمهمة التي أوكلت إليه لإمامة أول بعثة تعليمية أرسلها محمد علي للتعليم في فرنسا، وإنما تعلم اللغة الفرنسية وآدابها، وتحول إلي طالب علم فكان نقطة البداية في حركة النهضة المصرية.

وأسندت إليه عقب عودته من فرنسا، مهمة ترجمة الكتب التي طالعها وتعرف عليها خلال بعثته العلمية، وأسس مدرسة الألسن، وتولي مهمة الإشراف على جريدة “الوقائع المصرية”، وفي عهد الخديوي إسماعيل، تولي نظارة مجلة “روضة المدارس”. 

كثير من المهمات والمناصب التي أوكلت إلي رفاعة الطهطاوي، وعديد من الإنجازات التي حققها، مما جلب عليه الحاقدين والحساد، الذين خاضوا في سيرته، وأطلقوا من حوله الإشاعات المغرضة، وربما أبسطها اتهامه بشرب الخمر حتى السكر وهو على متن السفينة التي أقلته من ميناء الإسكندرية إلى فرنسا.

ــ رفاعة الطهطاوي.. المعمم المستنير

يذهب الباحث دكتور رفعت السعيد، في كتابه “عمائم ليبرالية في ساحة العقل والحرية”، في معرض حديثه عن ملامح التنوير في عقلية رفاعة الطهطاوي، خاصة في مسألة كروية الأرض ودورانها حول الشمس، وهو الأمر الذي كان ينكره الأزاهرة في ذلك الوقت، بل يكفرون من يقولون بهذا الرأي.

يقول «السعيد»: «عندما أثريت قضية دوران الأرض وصاح أزهريون كثيرون بتكفير كل من قال إن الأرض كرة وأنها تدور، يتلمس رفاعة الطهطاوي طريقا حذرا يحاول به أن يتحدى الفكرة السائدة بأن الأرض ثابتة وأنها مسطحة، فيقول ناسبا الحديث إلى عالم أجنبي لم يذكر اسمه إن القول بدوران الأرض واستدارتها لا يخالف ما وردت به الكتب السماوية، ذلك لأن الكتب السماوية قد ذكرت هذه الأشياء في معرض وعظ ونحوه، جريا علي ما يظهر للعامة لا تدقيقا فلسفيا، مثل ما ورد في الشرع أن الله تعالي أوقف الشمس، فالمراد بوقف الشمس تأخير غيابها عن الأعين، وهذا يحصل بتوقيف الأرض عن الدوران، وإنما أوقع الله الوقوف علي الشمس لأنها هي التي يظهر في الأعين سيرها».

ويشير واحد من أساتذة رفاعة ــ كوسان دي برسفال ــ إلى هذه العبارة مشككا في نسبتها إلى عالم أجنبي قائلا إنها تعبر عن تفكير إسلامي محض وبرغم هذا الاحتياط، فإن هذه العبارة التي وردت في مسودة «تخليص الإبريز»، قد شطبت عندما طبع الكتاب.

ولفت «السعيد» إلى كيفية تخلص رفاعة الطهطاوي من هذا الموقف، قائلا: «ويبحث رفاعة عن مخرج جديد.. ديني بحت هذه المرة.. ديني لأنه هكذا يمكن أن يقبل، فيقول ووقعت محاورة بين العلامة الشيخ محمد المناعي التونسي المالكي المدرس بجامعة الزيتونة، وبين مفتي الحنفية العلامة الشيخ محمد البيرم المؤلف لعدة كتب في المنقول والمعقول، وله أيضا تاريخ دولة بني عثمان، حول كروية الأرض وبسطها، البسط للمناعي والكروية لخصمه، وممن قال من علماء المغرب إن الأرض مستديرة وإنها سائرة العلامة الشيخ مختار الكنتاوي بأرض إزوات بقرب بلاد تمبكتو وهو مؤلف مختصر في فقه مالك ضاهي به متن الخليل، وضاهي أيضا ألفية ابن مالك، وله مؤلفات كثيرة، وألف كتابا اسمه “النزهة” جمع فيه جملة علوم، فذكر بالمناسبة علم الهيئة، فتكلم عن كروية الأرض، وعن سيرها ووضح ذلك، فتلخص من كلامه أن الأرض كرة، ولا يضير اعتقاد تحركها أو سكونها».

ويختتم «السعيد»: «هكذا استدار رفاعة الطهطاوي دورة واسعة حول الفكرة ثم نال منها عبر حديث عن شيخ ربما لم يسمع به أحد، هناك بعيدا في أرض إزوات بالقرب بلاد تمبكتو.. وهكذا فإن القيد نفسه قد يكون مخرجا».