رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الروائية دينا عبدالسلام: لم أكن محظوظة خلال تجربتى فى تلقى دعم

المخرجة والروائية
المخرجة والروائية دينا عبد السلام

دينا عبدالسلام كاتبة روائية وقاصة قدمت عملها الروائي الأول تحت عنوان "نص هجره أبطاله" ومن ثم جاء عملها الثاني مجموعة قصصية تحت عنوان "إعادة تدوير" في نفس الوقت هي المخرجة المحترفة والتي صنعت جميع أفلامها المستقلة بمدينة الإسكندرية بميزانيات صغيرة، وتنتمي جميع أعمالها لسينما المؤلف. 

استطاعت أفلامها (ألف رحمة ونور) (2014)، (كان وأخواتها) (2016)، و(مستكة وريحان) (2017) و(وش القفص) 2019 تحقيق جوائز، كما أنها حاصلة على الدكتوراه في النقد الأدبي عام 2010 وتشغل وظيفة أستاذ مساعد بقسم اللغة الإنجليزية، بكلية الآداب جامعة الإسكندرية.

عن حصول  الفيلم الروائي الطويل (وش القفص) مؤخرًا على جائزتين من مهرجان جامو السينمائي بالهند، جائزة أفضل فيلم وجائزة أفضل إخراج، كما حصل على جائزة الإبداع الفني من المهرجان اللبناني للسينما والتليفزيون وبهذا يصل عدد الجوائز التي حصل عليها الفيلم إلى ثلاثين جائزة دولية.

تدور أحداث الفيلم حول الاحتياج المادي لمجموعة من الموظفين الذين يعملون بشركة تصنيع المربى، ما يدفعهم للبحث عن طريقة لسد ذلك الاحتياج، فإذا ومصائرهم تتشابك.

 كان لنا هذا الحوار مع المخرجة  والروائية دينا عبدالسلام والحديث عن مجمل أعمالها وتجربتها في مجال الرواية والسينما المستقلة والتي بدأت منذ عام 2010.

حدثينا عن رحلتك مع صناعة الأفلام والتي بدأت في 2010؟

رحلة ثرية جدًا استطعت من خلالها أن أكتشف قدرتي على حياكة حواديت ثم صوغها بصريًا، واستطعت خلالها تحدي الكثير من الصعاب وتعلمت المثابرة والدأب، أصبحت أيضًا أرى أن فترات الانكسار والإحباط طبيعية في حياة أي فنان. 

اكتسبت خبرة أكبر في التعامل مع الممثلين وفريق العمل خلف الكاميرا، وتعلمت لعبة تبديل الأدوار طيلة الوقت، فأصبحت أتنقل بين دور المؤلف والمخرج والمنتج والمونتير، كذلك زاد تعاملي مع الجمهور وردود أفعاله تجاه أعمالي فازدادت خبرتي إجمالًا في كل هذه السياقات المختلفة.

ماذا عن مصادر إلهامك، فأنت دائمًا صاحبة القصة وكاتبة السيناريو أو مشاركة في كتابته؟

كل فيلم له ظرف خاص، ولكن أستطيع القول بشكل عام إن مصدر إلهامي الدائم هو الإنسان المصري بكل تفاصيله، أسير في الشارع أو أجلس في أي تجمع فأجد نفسي التقط تلك التفاصيل طيلة الوقت، الشخصية المصرية وتنويعاتها، بذكائها وفطنتها وخفة ظلها، بقدرتها على تطويع ذاتها بحسب الظروف، أيضًا ألتقط الظروف الحياتية اليومية وتعاملات الأفراد وتشابك العلاقات أو انفرادها، كل ذلك مصدر إلهام مستمر بالنسبة لي، لذلك أجد نفسي مرتبطة بمصر وأستبعد دومًا فكرة السفر والعيش بعيدًا عن الوطن، لأنني سأبتعد ساعتها عن مصدر إلهامي الدائم، طبعًا تختلف ظروف كل مبدع وشخصيته ولكنني أتحدث هنا عن تكويني الشخصي وتفاعلي مع ما يحيط بي.

- فيلمك الأخير (وش القفص) أطول أفلامك، وكانت تجاربك السابقة أقصر زمنًا، فلماذا هذا الاختيار؟

الفيلم مدته 100 دقيقة وهو زمن معقول بالنسبة للأفلام الطويلة، كما أنني أعتقد أن المعيار الذي يجب أن نستند إليه هو اكتمال الحبكة والرؤية، فإذا ما اكتملت، وجب إنهاء العمل. 

وهناك أنساق جامدة ومحددة الآن لمدة الفيلم ونوعيته تفرضها المهرجانات ونجدها أيضًا في تعريفات الموزعين، ولكن حتى هذه الأنساق غير متسقة، فهناك من يُعرف الفيلم القصير على أن مدته 15 دقيقة، وهناك من يُعرفه على أن مدته 30 دقيقة، وهناك من يرى أن كل ما دون الستين دقيقة فهو قصير وكل ما فوق الستين يعد طويلًا، وهناك تسميات مثل الفيلم القصير، والفيلم القصير جدًا، والفيلم متوسط الطول، والفيلم الطويل، وهذا كله يشير إلى صعوبة تصنيف الأعمال بحسب مدتها الزمنية.

أعتقد أنها أنساق وتصنيفات تناسب جداول العروض بالمهرجانات أو الموزعين، ولكن من وجهة نظر فنية بحتة أرى بأن الفن لا يمكن تقييده بزمن محدد وأنساق جامدة ثبت مع الوقت عدم كفاءتها هذا بالإضافة إلى أن طريقة العرض على المنصات حاليًا تمكن المشاهد من أن يوقف الفيلم وقتما يشاء ويعاود متابعته لاحقًا.

- كيف ترين تجربة العرض على المنصات ووسائل العرض الرقمية عبر الإنترنت؟

تجربة جديدة ومهمة فرضت نفسها بقوة في الآونة الأخيرة وأعتقد أنها منحت الفرصة لأنماط مختلفة وجديدة من الأفلام كان من الصعب عرضها في السابق على القنوات الفضائية، لقد اتسع المجال وأصبح أرحب من ذي قبل، وأصبح هناك احتياج لمحتوى رقمي أكبر، ولكنها أيضًا خلقت مجالًا شرسًا تزداد فيه المنافسة  يومًا بعد الآخر.

- تجربتك مع المهرجانات المحلية والدولية ثرية وممتدة، كيف تقيمين تأثيرها على مشوارك؟

تأثيرها مهم جدًا والمهرجانات تمدنا بالدعم والمساندة المعنوية طيلة الوقت، ويسعدني كثيرًا قدرة الأفلام على تخطى الحدود بين البلدان وخلق مساحات من الدفء الإنساني بين أجناس مختلفة من خلال المهرجانات الدولية. 

ولكن المهرجانات تظل دوائر مغلقة للنقاد ومحبي الأفلام والمثقفين، وأنا دومًا أهتم بوقع العمل على الجمهور العادي، وليس فقط النقاد أو النخبة الثقافية، فالجمهور أحد أهم أركان العملية الإبداعية، والوصول إليه لهو أكبر نجاح في نظري. 

لم أستطع تحقيق ذلك حتى الآن فأفلامي ما زالت تتحرك في مجال المهرجانات والمراكز الثقافية وهو وضع أغلب الأفلام المستقلة، وأتمنى أن أصل لقاعدة أكبر وأوسع من الجمهور في القريب العاجل.

 -  ماذا عن تجاربك مع المنتجين أو صناديق الدعم؟

في سياق السينما المستقلة، تمويل الأفلام يظل المشكلة الأساسية، ولم أكن محظوظة على مدار تجربتي في تلقي دعم مادي يمكن من إنتاج أفلامي دون أن أضطر للمشاركة في الإنتاج. 

بالنسبة للدعم من صناديق دعم داخلية أو خارجية فلم يحدث، حصلت على بعض المنح الصغيرة من مكتبة الإسكندرية في فيلمين وساهم ذلك بشكل بسيط ولكن اضطررت للمشاركة في إنتاج تلك الأعمال لإنجازها. 

وساهمت إحدى شركات الإنتاج الفني في إنتاج فيلمي الروائي الطويل (وش القفص) كما شارك في إنتاجه أشرف مهدي، كما شاركني في إنتاج تجارب سابقة. ومشاركتنا في الإنتاج تعني عملنا دون أجر في وظائف عديدة في الفيلم وأيضًا إنفاق بعض الأموال، الدعم المعنوي دائم ومستمر من الجمهور الذي يشاهد الأفلام في المهرجانات وقاعات المراكز الثقافية، وهناك دعم من بعض النقاد وصناع الأفلام والمتخصصين الذين رأوا في تجربتنا شيئًا يستحق الإثابة.

- ما رؤيتك لصناع الأفلام حاليًا وحركة توزيع الأفلام؟

أعتقد أنه من الصعب وضع صناع الأفلام تحت مظلة واحدة لوجود أشكال مختلفة لصناعة الأفلام، فهناك السياق التجاري البحت، والسياق التجاري الذي يحاول أن يقدم رؤية فنية، وهناك السياق المستقل الذي لا يجد تمويلًا حقيقيًا مثلي، والمستقل الذي يعتمد على التمويلات الأجنبية، أقصد أنه لا يوجد شكل موحد ومتجانس لصناعة الأفلام، ربما أود أن أطلب من الموزعين أن يلتفتوا إلى كل هذه الأشكال والأنساق وإعطائها فرص عرض متساوية حتى يقرر الجمهور ما يريده دون فرض نمط بعينه عليه، فهناك قناعات جاهزة لدى أغلب الموزعين منها على سبيل المثال رفضهم توزيع الفيلم الذي لا يظهر به نجوم، ونحتاج إلى موزعين يعملون خارج تلك الأنساق الاعتيادية ويفكرون خارج الصندوق، ولا يفرضون وصاياهم على الجمهور. 

 

- هل هناك أفكار لأفلام تحارب التطرف والإرهاب لتكون إحدى الركائز التي تعتمد عليها الدولة في تنمية وعي الجمهور والشباب المصري؟

أعتقد أن الإبداع والممارسات الفنية التي تعمل في سياق ثقافي حر ومنفتح هي أكبر سلاح لمحاربة الجمود والتطرف والإرهاب. فمن خلال العمل الإبداعي والتفكير والحوار يتشكل وعي قادر على نبذ التطرف ولفظه مباشرة.

- ما رأيك في بروتوكولات وزارة الثقافة مع شركة المتحدة بغية عرض أفلام الأخيرة على مستوى محافظات مصر عبر صالات عرض قصور الثقافة المصرية، وهل هذا سيضيف للمشهد الثقافي والفني في مصر؟

أي بروتوكول لتثقيف الجماهير والوصول لقطاعات أكبر وأوسع من الشعب بمبالغ مخفضة يعد شيئًا إيجابيًا ومحمودًا، وتذاكر السينما لم تعد في متناول الجميع، كما أن هذا البروتوكول من شأنه تفعيل دور قصور الثقافة وإعادة التعريف بها وبالدور المهم الذي من الممكن أن تلعبه في المجال الثقافي، وأتمنى لو تضمنت العروض بعضًا من الأفلام المستقلة لتعريف الجمهور بها.

- هل يلعب التليفزيون والفضائيات المصرية دورًا في دعم صناعة السينما المستقلة وكيف يمكن لهم لعب هذا الدور؟

هناك برامج في التليفزيون المصري تهتم بتسليط الضوء على السينما المستقلة مثل برنامج (سينما أخرى) على قناة نايل سينما وهو برنامج نوعي متخصص في السينما، وهناك برامج أخرى أيضًا تفرد حلقات للسينما المستقلة، ولكن أعتقد لو أفردت هذه القنوات مساحات لعرض إنتاج السينما المستقلة سيكون أمرًا رائعًا.

-  منجزك في القصة والرواية بالرغم من ندرته إلا أنه قوبل بردود أفعال جيدة من قبل النقاد ومع ذلك يرى البعض أنك غائبة تمامًا عن كتابة القصة والرواية؟

الكتابة الأدبية تراودني دائمًا، ولكن وقتي مزدحم بالتدريس في الجامعة وصناعة الأفلام والأمومة، سأحاول أن أعود مجددًا لها، وأتمنى أن يسعفني الوقت، ربما أيضًا كوني أكتب أفلامي أو أشارك في كتابتها يشبع لديّ حب الكتابة.