رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

خطة أوراسيا.. ماذا يعنى التقارب "الروسى الإيرانى" لأوكرانيا والغرب؟

بوتين ورئيسي
بوتين ورئيسي

لا يمكن تجاهل الإشارات التي تأتي حول التقارب بين روسيا وإيران، خاصة وأنه على مدى قرون كانت تربط الدولتين علاقات غامضة في بعض الأحيان ولافتة في الأحيان الأخرى، في الوقت الذي تخضع فيه الدولتان إلى عقوبات دولية لأسباب مختلفة، والتقاء المصالح الاستراتيجية؛ فإن ثمة ما يقربهما.

في التاريخ، حاولت روسيا مراراً دخول بلاد فارس وكانت المقولة السائدة حينذاك أن "الجندي الروسي يحتاج أن يغسل حذاءه في المحيط الهندي". وبعد الحرب العالمية الثانية، انسحبت القوات السوفيتية من إيران فقط في عام 1946. والآن، تخضع كل من إيران وروسيا للعقوبات وفي عزلة دولية، مما خلق مناخ جيد للتقارب.

علاقات متطورة

لاشك أن العلاقات المتطورة بين روسيا وإيران، والمسار السياسي والتفاهم الذي جمع الجانبين، لعب دوراً مهماً في دعم النفوذ الروسي داخل قارة آسيا وفي الشرق الأوسط (سوريا)، وكما يبدو أنه يؤثر الآن أيضاً على مسار الحرب في أوكرانيا ويمنحها ذخراً استراتيجياً، قد يكون له انعكاسات على أوروبا بأكملها.

مؤخراً، أظهرت موسكو وطهران تقاربًا استراتيجيًا: زيارة بوتين لإيران والإبرام الفعلي لعقد لتزويد روسيا بطائرات بدون طيار إيرانية تشير إلى أن بحث روسيا عن حلفاء جدد أتى بنتائجه، على عكس الصين، فإن إيران مستعدة لمساعدة روسيا بالأسلحة.

طائرات بدون طيار إيرانية

مسار الحرب

السؤال الذي يطرحه المراقبون الآن، هو كيف يمكن لهذا التعاون – بشأن الطائرات بدون طيار- أن يغير مسار الحرب في أوكرانيا.

التصور هو إنه إذا شنت روسيا ضربات إيرانية ضخمة بطائرات بدون طيار على البنية التحتية الأوكرانية خلال موسم البرد، فإن هذا قد يجعل حياة السكان المدنيين في أوكرانيا مستحيلة، مع وجود احتمال كبير لحدوث هذا، حيث ستستمر روسيا في شراء هذا النوع من الأسلحة.

بالنسبة للغرب والولايات المتحدة، فإن هناك قناعة أن المواجهة مع بوتين هي قضية وجودية، لأمن أوروبا والغرب بأكمله، وفي الوقت نفسه فإن الغرب الذي يجري مفاوضات حول الاتفاق النووي مع إيران والذي سيتسبب لاحقاً – إذا تم التوقيع عليه- في رفع العقوبات على طهران مما يتسبب في انتعاشها اقتصادياً.

الرؤية الأمريكية كانت أن الاتفاق النووي الإيراني سيكون الحل الأمريكي بعد رغبتها في الخروج من الشرق الأوسط، بالإضافة إلى التقارب بين إسرائيل والدول العربية، ولكن بعد دخول إيران على خط الحرب مع روسيا ضد الغرب ليس واضحاً كيف سيتحرك الغرب حيال ذلك.

أوكرانيا

خطة "أوراسيا"

من الجانب الآخر، فإن بوتين يرى الولايات المتحدة هي العدو الرئيسي لروسيا، وإخراجها من أوراسيا مسألة ذات أهمية خاصة بالنسبة للكرملين، وهو تقريباً الهدف الذي يؤمن به الثالوث الروسي-الإيراني-الصيني وتركيا، الذي انضمت إليه مسبقًا، بهدف إعادة الهيمنة الكاملة على أوراسيا بأكملها، والتغلغل في أفريقيا وجعل أستراليا واليابان مواليتين سياسيًا، فهذه هي الخطة التي يطمح لها الكرملين على المدى البعيد والتي تعتبر الحرب في أوكرانيا هي المحطة الأولى منها، وهو ما قد يحفز الغرب على التحرك قريباً لمواجهة هذا التهديد، عن طريق تكثيف المساعدة لأوكرانيا من جهة، وإعادة التفكير في العلاقات مع إيران من جهة أخرى.