رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«مدينة الموت».. عكار ممر هروب اللبنانيين والسوريين من الفقر إلى الهلاك

زورق لبناني
زورق لبناني

إذا كان يطلق على تلك القوارب الصغيرة التي تنقل اللبنانيين والسوريين الحالمين بمستقبل أفضل والهاربين من واقع اقتصادي وسياسي متردي زوارق الموت، فهناك أيضاً "مدينة الموت" أو عكار اللبنانية التي تنطلق منها تلك الزوارق إلى التهلكة.

بلدة عكار "شمال لبنان" تعد نقطة النهاية التي يعتقد المهاجرون غير الشرعيين أنها بداية لحياة كريمة، فيودعونها وهم على ثقة بعدم عودتهم إليها مجدداً، فأما ينجحون في رحلتهم شديدة الخطورة المتجهة إلى أوروبا، أو تغرق قواربهم وتعود جثامينهم لتدفن في عكار.

وكانت آخر الفواجع التي شهدتها عكار، فاجعة القارب، الذي انطلق من السواحل اللبنانية، يوم الثلاثاء الماضي، باتجاه الشاطئ الأوروبي، فغرق قبالة سواحل ميناء طرطوس السوري، وعلى متنه وفق روايات للناجين، ما بين 120 إلى 150 شخصا، من جنسيات لبنانية وسورية وفلسطينية، كانت وجهتهم دولة أوروبية.

لماذا الهجرة غير الشرعية من عكار؟

مدينة عكار هي أقصى محافظة في شمال لبنان، وهي تضم قضاء عكار والذي بدوره ينقسم إلى 121 بلدية وعاصمة المحافظة تقع في حلبا، ويحد عكار من الغرب البحر الأبيض المتوسط ومحافظة الشمال إلى الجنوب ومحافظة بعلبك الهرمل إلى الجنوب الشرقي وطرطوس وحمص في سوريا من الشمال والشمال الشرقي.

وقوع عكار على البحر المتوسط يجعل مسألة الانطلاق منها امراً سهلاً، ولاسيما أن أهالي المدينة يعانون منذ الحرب الاهلية اللبنانية من غياب الأمن والرقابة بهذه المدينة النائية، حيث يقول رئيس "مركز عكار للدراسات" الدكتور مصطفى الحلوة تشخيصاً إن هذه المنطقة تعيش الحرمان المزمن منذ نشوء الدولة اللبنانية في عام 1920، ما جعلها من أكثر المناطق اللبنانية فقراً، في بناها التحتية، وفي أداء مرافقها الخدمية، بحسب صحيفة الاندبندنت البريطانية.

وجود مخيمات للاجئين السوريين في عكار

فيما تضم المنطقة مخيم القليعات السوري، وهو أحد المخيمات التي تواجه العنصرية والاضطهاد على الحدود اللبنانية - السورية، مما يجعل أفراده يتطلعون إلى حياة أفضل حتى ولو مع مخاطرة الموت، لما يعيشوه من واقع سيء.

وأبرز البراهين على هذا الواقع ، ما قام به مواطنون لبنانيون في يوليو الماضي، حيث اقدموا على إحراق مخيم للاجئين السوريين في بلدة تل حياة التابعة لقضاء عكار شمالي البلاد.

وقال موقع "لبنان 24" المحلي، إن "عدداً من الشبان أقدموا على إضرام النيران في أحد المحال داخل مخيم للنازحين السوريين في بلدة تل حياة بعكار".

ونقل الموقع عن مصادر أن "شباناً من عائلة دياب خويلد، أقدموا على حرق محل داخل المخيم رداً على مقتل ابنهم والذي وجدت جثته بالأمس على شاطئ البحر". كما سُمعت أصوات انفجارات تبين أنها أسطوانات غاز انفجرت من جراء الحرائق.

رحلات الكرامة

وعلى مدار العامين الماضيين، باتت تعرف الرحلات التي تنطلق من عكار بـ"رحلات الكرامة"، حيث يخاطر الشباب بحثاً عن أمل وحياة كريمة في الدول البعيدة وكل أنحاء العالم وخصوصاً أوروبا، بحسب صحيفة النهار اللبنانية.

وإذا كانت لبنان تمر بظروف اقتصادية صعبة، فـ"عكار" تعاني منذ أعوام وخاصة في ظل وجودها على الحدود السورية، ما يجعل السوريون يعتبرونها أحد مدنهم، فهم لا يفصلهم عنها سوى جدار ترابي بسيط.