رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الورد اللى فتح فى جناين مصر.. شباب المخرجين: لا توجد سينما نظيفة

شباب المخرجين
شباب المخرجين

عبدالرحمن محمود: المنصات الرقمية أنقذت صناعة السينما.. والمجتمع رقيب على نفسه

عمر القاضى: الفن يغيّر الشعوب والقوانين.. والجماهيرية ليست مقياس النجاح

يوسف شرشر: صناع الأفلام القصيرة مخطئون بالتوجه إلى لجان التحكيم لا الجمهور 

ناهد نصر: نحتاج لجعل السينما المستقلة صناعة وليست مبادرات فردية

فى الفترة الأخيرة تعرضت السينما، ليس فقط العربية بل العالمية، لأزمات خطيرة بعد موجة التضخم التى يعانى منها الاقتصاد العالمى، وأزمة وباء «كوفيد- ١٩» التى جعلت دور العرض السينمائية تغلق أبوابها فى وجوه زائريها.

كل هذه الأزمات وصل تأثيرها إلى شركات ومؤسسات الإنتاج السينمائى العالمية والكبيرة، وأيضًا إلى صناع السينما الكبار من مخرجين.. وفى مصر بجانب هذه الأزمات التى ضربت السينما مؤخرًا كانت هناك أزمات سابقة تتمثل فى فتاوى تحريم الفن وظهور مفاهيم جديدة مثل «السينما النظيفة» وغيره من المفاهيم التى قيدت حرية صانع السينما، والتى ظهرت بعد انتشار جماعات الإسلام السياسى والجماعات السلفية منذ منتصف السبعينيات.

تواصلت «الدستور» مع عدد من شباب المخرجين لنعرف من خلالهم الطريقة التى يتعاملون ويواجهون بها هذه الأزمات التى أصابت السينما مؤخرًا، وعن نظرتهم لدور السينما فى المجتمع ومدى تأثيرها فى الوقت الحالى، وكيف كانت بداياتهم.. وليتحدثوا عن أعمالهم الفنية، والجوائز التى حصلوا عليها، ويجيبوا عن نظرتهم لمفهوم السينما النظيفة، ويتحدثوا باستفاضة عن دور السينما المستقلة فى الوقت الحالى، لا سيما أن السينما المستقلة المصرية حققت نجاحات فى غاية الأهمية فى العقود الأخيرة على أيدى كثير من شباب المخرجين، الذين استطاعوا الوصول بالسينما للمصرية لمنصات ومنابر عالمية، وحازت أعمالهم على جوائز من مهرجانات عالمية. ويجيبوا عن الطريقة التى تمكن هذه الأفلام من الوصول للجمهور، بحيث لا يكون دورها منحصرًا على المهرجانات فقط، ودور المنصات الإلكترونية توصيل هذه النوعية من الأفلام لطبقة واسعة من الجمهور، فى كل العالم.

 

المخرج عبدالرحمن محمود، صاحب فيلم «باب الدنيا»، درس هندسة الصوت بالمعهد العالى للسينما، وحصل عام ٢٠١٤ على جائزة أحسن تصميم لشريط صوت من المهرجان القومى للسينما، وحصل على جائزة بنفس الاسم من جمعية النقاد عام ٢٠١٥.

شارك فى أفلام مهمة مثل «فيلا ٦٩» من بطولة لبلبة وأروى جودة، وشهد الفيلم ظهور عدد من المخرجين على رأسهم خيرى بشارة، كما شارك فى أفلام أخرى مميزة كان آخرها فيلم «زهرة الصبار» الذى تم عرضه فى مهرجان روتردام السينمائى الدولى للمخرجة هالة القوصى.

قال إنه صنع فيلمه «باب الدنيا» بسبب تأثره بحادثة وفاة المخرج الشاب محمد رمضان ورفاقه فى رحلتهم إلى جبل «باب الدنيا» فى جنوب سيناء فى فبراير ٢٠١٤.

وأضاف: «كان من الممكن أن أكون أحد أفراد الرحلة المنكوبة وأن ألفـظ أنفاسى الأخيرة دون أن يعرف أحد قصتى، وغالبنى شعور ملح أن أخوض رحلة محمد رمضان ورفاقه ولم أتوقف لأتساءل لماذا وكأن الجبل بعث لى برسالة خفية أن أحضر إلى سفحه وأمر بالتجربة فلبيت النداء».

وواصل: «قضينا ٧ أيام لتصوير العمل، والصعوبات فى مثل هذا النوع من الأفلام مركبة، فقبل هذه الرحلة لم يكن لى أى خبرة فى تسلق الجبال وهو أمر شاق نفسيًا وجسديًا وفوق المشقة هناك البُعد العملى وهو بناء خط سردى متماسك والتصوير وتسجيل الصوت وهو عمل قمت به منفردًا دون أى معدات أكثر من كاميرا تليفونى المحمول».

وتابع: «بعد انتهاء التصوير لم يكن لى أى خبرة بالمونتاج فدربت نفسى حتى وصلت إلى مستوى يسمح لى بإخراج الفيلم على الصورة التى رسمتها فى خيالى، وبناء شريط الصوت لم يكن صعبًا فهنا وظفت خبرتى كمهندس صوت، ولكنه كان تحديًا فنيًا كيف تعبر صوتيًا عن الصمت؟ ما هو صوت الجبل؟! هل للموت صدى تعكسه الطبيعة؟ وقد تعاونت فى هذه المرحلة مع الموسيقار أحمد الصاوى الذى سبق لى التعاون معه فى فيلمين من قبل».

وعن وضع السينما حاليًا أشار إلى أن السينما كانت تعانى فى الفترات الأخيرة من محدودية ميزانيات الإنتاج والتمويل مع وجود الأزمات الاقتصادية والصحية التى أثرت على جميع دول العالم، لكن ظهور المنصات العالمية والعربية الرقمية ساعد كثيرًا على إنعاش الصناعة.

وقال: «فتحت المنصات أفقًا جديدًا فى بلدان عربية للإنتاج السينمائى وساهمت فى النهوض بالصناعة، لأن مصر تمتلك أعلى الكفاءات فى المنطقة وذات صناعة عريقة».

وعن وضع أفلام السينما المستقلة والأفلام التى أعجبته فى الفترة الأخيرة قال: «بالنسبة للأفلام المستقلة فيوجد العديد من الإنتاجات الأخيرة التى تبشر بمستقبل مشرق فى الفترة المقبلة مثل فيلم (زهرة الصبار) للمخرجة هالة القوصى وفيلم (سعاد) للمخرجة أيتن أمين».

وأضاف: «أعتبر أن فتاوى تحريم الفن جميعها تخرج من مصادر بعيدة كل البُعد عن الأماكن الرسمية لإصدار الفتوى، وأنا أؤمن بأن المجتمع هو الرقيب على نفسه وهو المتحكم الأول فى نجاح أو فشل أى عمل، وفى الأخير فإن العمل السيئ ينبذه المجتمع، ونحن لدينا مجتمع واعٍ وناضج».

وعن المخرجين الذين تأثر بهم قال: «أنا من الجيل اللى اتربى على يد جيل ذهبى من المخرجين المصريين، مثل عاطف سالم ومحمد خان وعاطف الطيب وخيرى بشارة وسمير سيف ويوسف شاهين. وشرفت بالعمل مع بعضهم كمهندس صوت قبل أن أتجه للإخراج».

وتابع: «تعلمت من هؤلاء أكثر وأنا أعمل معهم مثل العظيم سمير سيف الذى كان أستاذى فى المعهد وعملت معه فى الصناعة».

وعن صناعة السينما فى مصر حاليًا قال: «صناعة عملاقة، فمن الطبيعى أن يكون لدينا تنوع فى شكل ونوع الإنتاج ما بين مسلسلات طويلة وقصيرة وأفلام مستقلة وأفلام تجارية ذات ميزانية عملاقة وأفلام قصيرة وأفلام تسجيلية، كل هذا موجود ويجرى إنتاجه، ومؤخرًا أصبح يعرض على جميع المنصات، ولكن العمل الجيد يفرض نفسه دائمًا».

عمر القاضى، طالب فى السنة الأخيرة بالمعهد العالى للسينما شعبة إخراج، قدم أربعة أفلام قصيرة، متنوعة بين الأفلام الروائية والوثائقية، وحصل فيلمه الروائى «الرسام.. يمكن نسى» على جائزة أفضل فيلم طلاب من مهرجان الإسكندرية لدول البحر المتوسط، وتنويه من مهرجان بفلوريدا، وجائزة أفضل فيلم قصير بمهرجات بالهند، وتم عرضه بمهرجانات أخرى مثل مهرجان نابولى ولندن ولشبونة.

بدأ «القاضى» حديثه عن تأثره بالسينما، قائلًا: «أنا حبيت السينما وأنا صغير جدًا، وبدأت أتابع أكتر وأختار الأفلام بعناية، وخرجت من مرحلة مشاهدة الفيلم من أجل النجم، لمرحلة اختيار أفلام لمخرجين معينين لرصد آليات عملهم ومدارسهم».

وتابع: «السينما فى أى عصر زى ما وصفوها زمان، هى القوة الناعمة القادرة على تغيير الشعوب والقوانين، وتطوير أفكار الناس للأفضل أو للأسوأ، فهى سلاح ذو حدين»، مؤكدًا: «لا أرى أن السينما مطالبة بتحقيق تأثير فى المجتمع، فليس كل فيلم قادرًا على ذلك، وهذا فخ يقع فيه المبدعون الشباب، ويحاولون جعل أفلامهم أكبر من حجمها، والنتيجة تكون الفشل».

وأوضح: «أنا أحب السينما المستقلة، وتأثرت بوفاة المخرج الفرنسى جان لوك جودار، من مؤسسى الموجة الفرنسية الجديدة، وأراه صاحب فضل علىّ، وللأسف لم أستطع مشاهدة أفلام مصرية مستقلة كثيرة مؤخرًا، فآخر فيلم شاهدته هو فيلم (صاحبتى) لكوثر يونس، وهو الفيلم المصرى الوحيد الذى شارك هذا العام فى مهرجان فينيسيا، وهو فيلم جميل وجرىء».

وأضاف: «الأفلام القصيرة لها جمهور معين، ولا يصح وصمها بأنها أفلام مهرجانات فقط، فأى فيلم فى العالم مهما كانت جودته من الصعب أن يصل لكل الفئات بنفس الطريقة»، مؤكدًا: «هذا لا يعنى أن يستسلم صناع الفيلم للتكاسل، لكن عليهم ألا يتأثروا بقلة عدد الجمهور الذى يتابع أفلامهم.. لأن إرضاء كل الأطراف دائمًا صعب، أهلى مثلًا لا يحبون أفلامى، وهذا حقهم».

وعن نظرته لمفهوم «السينما النظيفة» قال: «لا أؤمن بمصطلح السينما النظيفة، وممكن أتفهم رفض الناس المشاهد الخارجة أو القبلات فى السينما وإن ده بيضايقهم، لكن رفض صناع السينما لهذا ليس من الضرورى أن يكون فى مصلحة العمل الإبداعى».

وتابع: «لا يمكن مواجهة الأفكار الرجعية كلها بشكل مباشر، وهناك جملة للمخرج الفرنسى فرنسوا تروفو يقول فيها: (ديانتى هى السينما.. أنا أؤمن بتشارلى شابلن)، وهذه الجملة يمكن أن ترى إلحادًا، لكن تروفو كان لا يقصد ذلك، بل يؤكد استقلال السينما.. الدين أساس مهم جدًا فى حياتنا، ولكن لا أفهم لماذا نحاول بشكل دائم ربطه بالفنون أو بالعلم؟. ولكن تبقى شجاعة عرض الفكرة متاحة لكل صانع. إذا كان قادرًا على تحمل عواقبها والوقوف فى وجه الرقابة سواء كانت رقابة فنية أو أخلاقية حتى من الجماهير».

وأكمل: «تأثرت بمخرجين كثر، منهم وودى آلن، وهو ستاند آب كوميديان وعازف وكاتب سيناريو ومخرج وممثل، نموذج مُرعب لفنان شامل، دائمًا لديه هواجس تظهر باستمرار فى أفلامه، وهو مهووس بأفكار الإله والموت والعلاقات غير المكتملة، وأرى أن أفلامه تشبهه، ويمكن أن تعرف فيلمه من الخمس دقائق الأولى».

وعن تأثير السينما الآن بالرغم من انتشار التليفزيون والمنصات الإلكترونية، قال: «أتذكر الأيام الأولى لانتشار فيروس كورونا، حينها كتب المخرج الكبير كريستوفر نولان مقالة كبيرة جدًا، عنوانها (نذهب للسينما لكى نكون معًا حتى لا نشعر بالوحدة) وأرى أن هذه مقولة كافية لتوضيح دور السينما ومدى تأثيرها حتى مع ظهور التكنولوجيا الأحدث».

وتابع: «أرى أن المنصات حاليًا مسيطرة أكثر على الإنتاج بسبب عروضها وقدر الحرية الذى تسمح به»، لافتًا إلى أنه يعد حاليًا فيلمًا وثائقيًا، بعنوان «قهوة وسجائر وأشياء أخرى»، وفيلمًا روائيًا مستقلًا وبعيدًا عن المعهد.

قدم يوسف شرشر، الطالب بالمعهد العالى للسينما، عددًا قليلًا من الأفلام القصيرة، حصل أحدها على جائزة من مهرجان بالجزائر، كما حازت باقى أفلامه، ومنها فيلمه الأخير «فى أقل من ساعة»، على إعجاب كثير من المشاهدين، الذين احتفوا بالفيلم من خلال مواقع التواصل الاجتماعى، ورأوا أنه استطاع التعبير عن قضية حساسة بأسلوب مختلف فى وقت قصير.

فى البداية، تحدث «يوسف» عن بداية علاقته بالسينما قائلًا: «بدايتى مع صناعة الفيلم كانت بشكل مفاجئ وتلقائى.. كنت بتفرج على السينما على التليفزيون مع والدتى ووالدى السيناريست، فكان مشجع جدًا ليا إنى أبدأ أحب السينما، وكنت بسأل إزاى الفيلم بيتعمل؟، لحد ما عرفت دور المخرج، وده اللى خلانى أحط نفسى مكان المخرج وحبيت إنى أبقى زيه، وحملت برنامج المونتاج وصورت فيلم قصير مع صديق ليا، الكلام ده كان سنة ٢٠١٦ تقريبًا، وكان عندى ١٥ سنة، وعملت الفيلم ومنتجته بنفسى، وفضلت على كده لحد ما دخلت المعهد».

وأضاف: «أثناء ذلك كنت بقرأ وأتعلم وأتعرف على أصدقاء بيشاركونى نفس الاهتمامات، وعملت أفلام كتير وتجارب، منها فيلم (بالمقلوب) اللى عملته وأنا فى أولى معهد، وراح مهرجان (البوابة الرقمية الدولى) وهو تابع لوزارة الثقافة بالجزائر، وأخد جائزة هيئة التنظيم فيه، ومن بعدها عملت فيلم (فى أقل من ساعة)، وهو فى مرحلة التقديم بالمهرجانات دلوقتى».

وعن رأيه فى الوضع الراهن للسينما، قال: «السينما حاليًا بتمر بفترة عصيبة جدًا، وده شىء عالمى بسبب ظروف اقتصادية وظروف زى وباء الكورونا، اللى كان سبب كبير فى انتشار المنصات وحدث انخفاض فى حضور الناس لدور العرض». 

وعن رأيه فى أفلام السينما المستقلة التى تقدم حاليًا، قال: الأفلام المستقلة بشوف منها أفلام بتعجبنى حقيقى، زى فيلم المخرج أحمد عبدالله «ليل خارجى»، اللى اتعمل بأقل إمكانيات، ومع ذلك كان فيلمًا صادقًا يحكى همومًا حقيقية ومشاكل بالمجتمع المصرى، وفيلم «آخر أيام المدينة» على سبيل المثال للمخرج تامر السعيد، وهو فيلم فى غاية الجمال والصدق عبّر عن الغربة التى أصبحت موجودة بين الناس تجاه الوطن وعن أشياء أخرى.

وأبدى يوسف شرشر بعض التحفظات على الأفلام القصيرة التى تقدم حاليًا، وقال: «أما الأفلام القصيرة فلدىّ بعض التحفظات تجاه صُناعها، وذلك لأن الكثير منها غير موجه للجمهور بل للجان تحكيم المهرجانات، ويحمل أجندات تجاه قضايا معينة، فقليل جدًا من الأفلام القصيرة يعبر عن هموم حقيقية وصادقة داخل الفنان».

وتابع: «أرى الحل هو أن يكون المخرج أو الصانع بشكل عام مُدركًا ومتصالحًا مع ذاته، ويعرف سبب صناعته للفن بدون استعراض فارغ أو طمع فى جوائز المهرجانات، ويعرض الفيلم للناس أيضًا، فلا يقتصر عرضه فقط على المهرجانات. والمشاهد العادى مش بيشوف الأفلام دى عشان هى مش موجهة للجمهور من الأساس».

وأوضح أنه ضد مصطلح «السينما النظيفة»، مضيفًا: «مصطلح السينما النظيفة اللى ظهر مع أواخر السبعينيات سببه إننا تلوثنا بالفكر الخليجى السلفى. وأنا ضد المصطلح ده لأنه أثر على فكرنا وبقينا نقيس الفن بمعيار أخلاقى، وده غلط جدًا لأن الأخلاق نسبية، وتختلف أخلاقى عن أخلاق غيرى وهكذا، فلا يوجد معيار للفن، والمصطلح ده أضر بالسينما كتير جدًا لأنه جعلها مقيدة، وبدأت الناس تغير مفهومها وتتعامل معاها على أنها موعظة أخلاقية أو دينية والفن مش كده، الفن تعبير عن النفس وعن الآخرين، وتجربة ممزوجة بمشاعر وأفكار البشر».

وعن المخرجين الذين ألهموه، قال: «هما كتير جدًا، لكن ممكن أتكلم مثلًا عن (جودار)، اللى توفى من قريب، لأنه كان من الملهمين جدًا ليا وحببنى فى التجريب وإنى أكون حر فى فيلمى، ده غير إن أفلامه مهمة جدًا ومصنوعة بأقل التكاليف، وهو بحر من الأفكار الفلسفية والمشاعر الإنسانية، وفى أمريكا تأثرت بـ(ستانلى كوبريك)، لأنه كان مخرج متكامل جدًا على المستوى التقنى والفنى، وأفلامه رغم إن فيه ناس كتير شايفينها معقدة لكنى شايفها واضحة، وكل تفصيلة فيها ولو بسيطة جدًا ليها دلالة مش مقحمة».

ورأى يوسف شرشر أن كثيرًا من صناع السينما حين توجهوا لصناعة الدراما استطاعوا تقديم أعمال مميزة، مثل المخرج يسرى نصرالله، الذى قدم مؤخرًا مسلسلًا قصيرًا، وهو «منورة بأهلها»، مشيرًا إلى أن هذه المسلسلات كانت بالنسبة له جيدة جدًا مثل «منعطف خطر» و«ريفو».

وأوضح أن الدافع الذى جعل بعض صناع السينما يتجهون للتليفزيون والدراما هو الأزمة التى تعانى منها السينما عمومًا فى الوقت الراهن.

ناهد نصر مخرجة وصحفية لديها تجارب فى أفلام قصيرة، لكن التجربة الاحترافية الأولى لها كانت فى فيلم «درامز» إنتاج ٢٠٢١، وهو فيلم تسجيلى قصير حصل على جائزة لجنة التحكيم كأفضل فيلم تسجيلى قصير فى المهرجان القومى للسينما عام ٢٠٢٢، إلى جانب جائزة من ملتقى رؤية برعاية المركز القومى للسينما.

وقالت ناهد نصر عن وضع السينما المستقلة الآن: «السينما المستقلة فى مصر، أو التيار الأحدث الذى انطلق فى بداية الألفية مع إبراهيم بطوط، شهدت تطورًا مهمًا، وهناك أفلام مصرية تذهب إلى مهرجانات وتأخذ جوائز مهمة، لكن لا يزال المشهد السينمائى فى مصر يعانى من أنه غير منظم، ونجاحاته تتم بشكل فردى، وتقدم صناع الأفلام يعتمد على نجاحهم الفردى، وهذا ليس بسيئ، لكنه يعرقل نجاح السينما ككل».

وأضافت: «بالمقارنة مع دول أخرى محيطة بمصر، نجد أنها نجحت فى خلق إطار عام منظم للسينما، تدعمه مؤسسات الدولة، مثلما حدث فى تونس والسعودية على سبيل المثال، فالسينما المستقلة جعلت للسينما العربية دورًا على الساحة حاليًا».

وشددت على ضرورة وجود دعم وتنظيم من قبل الدولة لهذا النوع من السينما فى مصر، لأنه ليس نوعية الأفلام التى تحقق نجاحًا جماهيريًا وماديًا، لكن الدولة هى التى تسمح بدعمه، خاصة أن مصادر دعمه محدودة، والمنتجين لا يميلون لإنتاجه، معتبرة أن الدعم المقدم لتلك النوعية لا يليق بتاريخ السينما المصرية، رغم تحقيق السينما المستقلة نجاحات على المستوى العالمى، فى مهرجانات ومحافل عالمية مثل «الأوسكار» و«برلين»، لذا لا بد من جعلها صناعة وليست مبادرات فردية.

وعن الطريقة التى يمكن بها لهذه النوعية من الأفلام الوصول للجمهور، قالت المخرجة الشابة: «الموزعون لا يهتمون بهذه النوعية من الأفلام، وبالتالى الجمهور لن يتعرف عليها، ما يجعلنا فى حاجة لوجود ثقافة تجعل الأفلام متاحة بشكل دائم، مع زيادة عدد دور السينما التى تعرضها، ووجود طرق أخرى لتوزيعها، خاصة أن هذه النوعية أصبحت تحظى باهتمام الجمهور».

ونبهت إلى تأثير المنصات الإلكترونية للمشاهدة، وقالت: «المنصات الإلكترونية دلوقتى بدأت تشترى أفلام مستقلة وتعرضها وتوزعها، ما أسهم فى وصول هذه النوعية إلى الناس، وأتمنى أن تبادر القنوات المحلية لشراء وعرض مثل هذه الأفلام».

وانتقلت للحديث عن تأثير السينما بشكل عام فى الوقت الحالى، قائلة: «السينما لديها القدرة على التأثير والوصول، وتحديدًا فى مصر، فالشعب المصرى يحب السينما، ومصر من أوائل الدول التى ظهر فيها هذا النوع من الفن».

وأضافت: «تأثرت السينما بسبب كورونا والأزمات الاقتصادية وارتفاع أسعار التذاكر، لكنها أزمة عالمية، وأصبحت المنصات تقدم حلًا لهذه الأزمة، لكن وجودها لا يعنى إلغاء قاعات السينما، والتى ستظل من الخروجات المميزة للناس».

ورأت أن المرحلة المقبلة ستشهد إنتاجًا فنيًا أكثر غزارة، سواء فى المسلسلات أو الأفلام بمختلف أنواعها، بسبب وجود المنصات الإلكترونية للمشاهدة، وفتح أسواق جديدة للسينما فى دول لم يكن بها هذا النوع من الفن مثل السعودية، مجددة تأكيد أهمية تأسيس «شكل تنظيمى» داعم للسينما المستقلة.

واختتمت بالحديث عما تفعله فتاوى تحريم الفن من تقييد للإبداع، قائلة: «السينما زى كل الفنون هى وسيلة من وسائل التعبير، صناع الفيلم بيعبروا من خلالها عن نفسهم وعن مجتمعهم وعن همومهم، ولن يحدث تقدم لصناعة السينما فى جو بلا حرية بمفهومها الكامل، وكل ما يندرج تحت فرض القيود يمكن أن يضر الصناعة والبلد، ولا يمكن منع أفكار من الوصول، لأن الصانع قادر على توصيل رؤيته دائمًا، وفى اللحظة الراهنة هناك أفق واسع لعرض الأعمال ولتوصيل ما نريد».