رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

المعارف المصرية.. أول جمعية علمية تظهر فى مصر لنشر الثقافة بالتأليف والنشر

غلاف الكتاب
غلاف الكتاب

في كتابه "الجمعيات العلمية في مصر الحديثة"، والصادر مؤخرًا عن الهيئة العامة لقصور الثقافة، يرصد الباحث الدكتور عمر مصطفي لطف، أهم الجمعيات العلمية المصرية، وتاريخ ظهورها والذي تباين في رصده المؤرخون.

 

يشير "لطف" إلى أن أولى هذه الجمعيات، هي جمعية "المعارف المصرية"، والتي لا يعلم حتى الآن بشكل دقيق تاريخ تأسيسها، وإن كان عبدالرحمن الرافعي يذهب إلى أن الجمعية تأسست في العام 1868. ولكن المستشرق فريدريك بنولا أحد المعاصرين للجمعية، ذكر أن جمعية المعارف المصرية تأسست في عهد سعيد باشا. بينما يذكر محمد جمال الدين الشوربجي أن تاريخ لائحة جمعية المعارف المصرية كان عام 1862.

 

ــ أهداف جمعية المعارف المصرية

وعن الهدف من تأسيس جمعية المعارف المصرية يقول "لطف": نشر العلوم والمعارف بطبع الكتب العلمية وتأليفها وتهذيبها وتلخيصها. وكان صاحب الفكرة في إنشاء الجمعية إبراهيم المويلحي، فقد كان ميله إلى الأدب والشعر ينمو فيه بين مشاغل السياسة والإدارة، فاتفق مع محمد عارف باشا على تأسيس جمعية المعارف. وكان غرضها نشر الكتب النافعة وتسهيل اقتنائها، وقام محمد عارف باشا بتأسيس الجمعية، وأصبح المويلحي عضوًا فيها. وكان مقرها في القاهرة. وتعد جمعية المعارف المصرية، أول جمعية علمية تظهر في مصر لنشر الثقافة بواسطة التأليف والطباعة والنشر.    

 

ــ لائحة جمعية المعارف المصرية التنظيمية

ويلفت "لطف"، إلى أن جمعية المعارف المصرية وطبقًا للمادة الـ15 من لائحتها، كانت تنتخب من بين أعضائها مجلسًا علميًا يجتمع مرة شهريًا أو أكثر، يذكر فيه كل ما تقوم به الجمعية، وتكون مشتملة على فصول مفيدة من فنون مختلفة وأخبار ملخصة واضحة.

 

وخصصت جمعية المعارف المصرية وكلاء يقومون بأعمالها في المحافظات المصرية، فقد تولي إبراهيم ألفي بك رئيس المجلس الابتدائي بالإسكندرية وكالة الجمعية هناك. وتولاها حسين بك مدير المنوفية في مديريته، وفي دمياط محافظها محمد حاذق باشا، وفي الفيوم مصطفى بك جعفر.

 

ولم يقتصر نشاط الجمعية على داخل مصر فقط، ولكنه امتد إلى خارجها، فامتد نشاطها إلى السودان، فقد كان وكيل الجمعية فيه هو محمد سعيد بك نجل جعفر مظهر باشا، وفي المدينة المنورة كان وكيل الجمعية عبدالجليل أفندي، وكان شيخ مكة المكرمة أمين المدني من شركاء الجمعية، وكان وكيل الجمعية في الآستانة أحمد فارس أفندي صاحب جريدة "الجوائب" التي كان يحررها أحمد فارس الشدياق.

 

ــ أنشطة جمعية المعارف المصرية وعدد أعضائها

ويوضح "لطف" أن جمعية المعارف المصرية لقيت إقبالًا عظيمًا وتعضيدًا كبيرًا من الطبقات الممتازة في المجتمع، وحدد عدد أعضائها في الفترة من (1869 ــ 1870) بقرابة 660 عضوًا بناء على ما نشر في آخر كتاب "الفتح الوهبي"، والجزء الأول من كتاب "تاج العروس" للزبيدي، المطبوعين من قبل الجمعية. وفي اللائحة الأساسية للجمعية حدد بـ782 عضوًا حتى تاريخ صدور اللائحة الذي من المرجح أن يكون العدد بعد الاجتماع التأسيسي للجمعية في عام 1868. 

ولم تقتصر عضوية جمعية المعارف المصرية على فئات معينة من المجتمع المصري، فقد سمحت بالانضمام إليها من جميع الفئات فضمت مترجمين في الدواوين المختلفة، ومدرسين وعمداء ومشايخ وأعضاء المجالس والأدباء، كذلك قناصل وضباطًا ومستخدمي القصر الحاكم، وأيضا حرفيين.

 

لمعت أسماء شهيرة في جمعية المعارف المصرية مثل أحمد طلعت باشا كاتب الديوان الخديوي. والشيخ أحمد شرف الدين المرصفي من مشايخ الأزهر والأديب محمود سامي البارودي وغيرهم.

 

ويشدد "لطف" على أنه: قد نالت جمعية المعارف المصرية، على رعاية مثقفي الأمة وعلمائها وتشجيعهم، وكان رفاعة الطهطاوي يشجعها بنفسه، فقد سارت الجمعية على الدرب الذي بدأه رفاعة الطهطاوي ورفاقه قبل ذلك بسنوات حين تم على أيديهم إحياء بعض الكتب العربية متأثرين بأساتذتهم المستشرقين.

 

وكتب رفاعة الطهطاوي في مقدمته للطبعة الأولى من كتاب "مناهج الألباب المصرية": "لما كان من الواجب على كل عضو من أعضاء الوطن أن يعين الجمعية بقدر الاستطاعة، ويبذل ما عنده من رأس مال البضاعة لمنفعة وطنه العمومية، وينصح بلاده ببث ما في وسعهم من المعلومية، بذلت قصارى جهدي وجُدت بما عندي".