رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

تاريخية وممتدة.. تعرف على العلاقة بين الكنيستين القبطية والإثيوبية

البابا تواضروس الثاني
البابا تواضروس الثاني خلال استقبال الوفد الاثيوبي

استقبل قداسة البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، أول أمس الأحد، المطران أبونا يوسف مطران مدينة بالي للكنيسة الأثيوبية الأرثوذكسية التوحيدية، وبرفقته بعض رؤساء الأديرة الإثيوبية وبعض الشمامسة، وعدد من الرهبان والراهبات الذين يزورون مصر حاليًا في إطار جولة سياحية لمعالمها التاريخية والدينية.

وفي هذا التقرير تستعرض الدستور أبرز المعلومات عن العلاقات التاريخية بين الكنيستين القبطية والإثيوبية:

ويقول ماجد كامل عضو اللجنة البابوية للتاريخ الكنسي، والباحث في التراث الكنسي: تربط الكنيستين القبطية والإثيوبية بروابط تاريخية قوية، فمن الثابت تاريخيا أن أول من بشر بالمسيحية في أثيوبيا هو القديس فرومنتيوس وذلك عندما ذهب إلي هناك وبشرهم بالسيد المسيح؛ وعندما عاد إلي مصر رسمه القديس أثناسيوس بطريركا على أثيوبيا تحت اسم "الأنبا سلامة.

وتابع ماجد كامل في دراسة له: ولقد استمرت الكنيسة المصرية بعدها في إرسال المطارنة المصريين إلي كنيسة أثيوبيا كلما أخبرهم ملوك أثيوبيا بوفاة المطران وطلب تعيين مطران آخر بدلا منه، وفي أواخر القرن الخامس الميلادي رحل مجموعة من الرهبان المصريين إلي أثيوبيا وأخذوا ينشئون الأديرة علي قمم الجبال الأثيوبية، وهكذا نمت الخدمة تدريجيا في البلاد الأثيوبية ورسخت وفي القرن الثالث عشر حدثت  حركة ترجمة ضخمة دفعت بالفكر الديني الأثيوبي إلى درجة عالية وكان هناك عاملان أساسيان ساعدا على هذه النهضة العامل الأول التطور السياسي الداخلي في أثيوبيا.

وأوضح أن العامل الثاني فلقد كانت الكنيسة المصرية تشهد نهضة ثقافية كبرى في ذلك القرن انعكست بالتالي على ربيبتها الكنيسة الأثيوبية، وفي تلك الفترة ظهر المطران “سلامة الثاني” الذي قام بحركة ترجمة واسعة للتراث القبطي إلى اللغة الأثيوبية.

وأوضح أنه بدأ الرهبان اليسوعيون في تأليف عدة كتب باللغة الأثيوبية يشرحون فيها العقيدة الكاثوليكية وفي أوائل القرن السابع عشر تولى أمر البعثة الكاثوليكية راهب يسوعي يدعي "بدروبايز" وكان ذو مهارة عالية في اللغات والعمارة  فاستقبله الإمبراطور الأثيوبي استقبالا حسنا وقام بأعمال معمارية باهرة استطاع بها أن يجذب بعض الأثيوبين  إلي جانبه إلي درجة أن تحول الإمبراطور الأثيوبي نفسه إلي المذهب الكاثوليكي مما أثار غضب الشعب فثاروا علي الأمبراطور وقتلوه علي أن خليفته أستمر في عقيدته الكاثوليكية بل فاق سلفه حتي أصدر منشورا ملكيا يقضي بإبعاد كل من يعارض العقيدة الكاثوليكية؛ وكان من جراء ذلك أن اندلعت الثورات ضده حتى أسقطوه وتولي أبنه الحكم ؛ بمجرد تولية ابنه الحكم ؛قام باتخاذ عدة إجراءات تصفية وجود اليسوعيين في البلاد؛ ومنها إعدام العديد من القساوسة الأثيوبيين الذين اعتنقوا الكاثوليكية. 

وتابع عضو اللجنة البابوية للتاريخ الكنسي: ولكن في القرن التاسع عشر دخل البروتستانت في الصراع وذلك عندما زار أثيوبيا اثنين من المبشرين البروتستانت في عام 1829 وبعدها بعشر سنوات أستطاعت البعثات التبشيرية الكاثوليكية أن تقيم لنفسها  عدة مراكز تبشيرية في أثيوبيا.

وتابع: و بعدها ودخلت أثيوبيا في سلسلة طويلة من الصراعات اللاهوتية وصلت إلي ذروتها منتصف القرن التاسع عشر؛ وفي وسط كل هذه الصراعات قام البابا بطرس السابع المعروف ببطرس الجاولي بإرسال القس داود الانطوني الذي صار فيما بعد البابا كيرلس الرابع المعروف بأبي الإصلاح إلي أثيوبيا  وكان ذلك عام 1851م  وقام القس داود بدور كبير في رأب الصدع الذي حدث في الكنيسة الإثيوبية. 

ولفت إلى: وفي عهد البابا كيرلس الخامس تولي عرش  أثيوبيا امبراطور يدعى يوحنا الرابع (1872- 1889 )  ففي  عهده  توطدت العلاقات مع الكنيسة القبطية كثيرا ؛إلي الحد الذي جعله يطلب من البابا كيرلس الخامس إعادة رسامة مطران قبطي لأثيوبيا ؛كما قام بطرد جميع المبشرين الكاثوليك والبروتستانت ثم جاء الإمبراطور هيلاسلاسي الذي طلب من  البابا يؤانس التاسع عشر رسامة أساقفة أثيوبين ؛فتمت رسامة المطران القبطى الأنبا كيرلس في يوم 2 يونية 1929 ليكون هو المطران القبطي رقم 110 في سلسلة المطارنة الأقباط علي أثيوبيا؛  كما رسم معه  أربعة أساقفة أثيوبين ؛ وجعلهم يشاركون المطران القبطي مهامه الدينية في رسامة الكهنة وتكريس الكنائس وذلك تمهيدا لأن يكون مطران الكنيسة الأثيوبية من الأثيوبين بعد وفاة الانبا كيرلس . 

وتابع: ولقد استمر الأنبا كيرلس مطران على أثيوبيا حتى توفي في 22 أكتوبر 1950 وقد عانى خلالها كثيرا سواء من الأمبراطور الأثيوبي أو من سلطات الاحتلال الإيطالي لأثيوبيا  وبعدها تمت رسامة الأنبا باسيليوس  كأول مطران أثيوبي علي أثيوبيا وكان ذلك في يوم 14 يناير 1951 حيث ازدحمت البطريركية بكلوت بك بكبار رجال الدولة وسفير أثيوبيا في القاهرة ؛ وفي عهد قداسة البابا كيرلس السادس (1959-1971 ) تمت ترقية الأنبا باسيليوس إلي درجة "بطريرك جاثليق " وجائليق كلمة يونانية معناها "متقدم الاساقفة " أو "بير الأساقفة" وهو من درجة البطريرك إلا أنه يليه ا في الكرامة . وتم توقيع بروتوكول تعاون بين الكنيستين القبطية والإثيوبية جاء في المادة الرابعة منه رفع مطران أثيوبيا إلي درجة بطريرك جاثليق وأن يختار وفقا لتقاليد الكنيسة القبطية وأن يكون من الرهبان الأثيوبين  ومنحت المادة السادسة من البروتوكول هذا البطريرك الجاثليق حق رسامة مطارنة وأساقفة على الأماكن التي ترى الكنيسة الأثيوبية أنها تحتاج إليهم فيها ؛ وذكرت المادة العاشرة تبادل التعاون العلمي والثقافي في مجال التعليم الديني بين الأساتذة والطلبة .

استطرد: بموجب هذا البروتوكول تم منح كنيسة أثيوبيا الاستقلال الذاتي  وبالفعل تمت رسامة الأنبا باسيليوس بطريرك جاثليق في يوم 28 يونيو 1959 في حفل مهيب حضره الأمبراطور هيلاسلاسي . ثم توفي الأنبا باسيليوس في 24 أكتوبر 1970؛ ولم يتم رسامة خلف له حيث توفي البابا كيرلس السادس بعده بحوالي 6 شهور في 9 مارس 1971،  وجاء بعده قداسة البابا شنودة الثالث البطريرك الحالي فقامت الكنيسة الأثيوبية برسامة "بطريرك" وليس "بطريرك جاثليق" حسب اتفاقية 1959  كذلك تمت بمعرفتهم بدون مشاركة بابا الإسكندرية حسب نص الاتفاقية أيضا.

وتابع: وعندما قامت الثورة الشيوعية في أثيوبيا أطاحت بـ الأمبراطور هيلاسلاسي وسجنت البطريرك الأثيوبي وطلبت من قداسة البابا شنودة الثالث رسامة بطريرك جديد بدلا من البطريرك المسجون  فرفض البابا شنودة هذا الطلب لأن البطريرك المسجون ما زال على قيد الحياة؛ كذلك لم تتم محاكمته وثبوت إدانته ولم تأخذ حكومة أثيوبيا برأي قداسة البابا شنودة  وقرروا رسامة بطريرك جديد مما أدي إلي حدوث قطيعة بين الكنيستين واستمرت هذه القطيعة حتى شهر يوليو 2007 حين توسط بطريرك أرمينيا الكاثوليكوس آرام الأول بين الكنيستين من أجل عودة العلاقات مرة أخرى، وبالفعل تم الصلح وتم عقد ثلاثي بين البطاركة الثلاثة في  الكاتدرائية المرقسية بالعباسية في شهر يوليو 2007. 

كما قام البطريرك باولس بزيارة القاهرة ولقاء البابا شنودة في شهر فبراير 2010.