رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

هل القداس مجرد ذكرى للعشاء الأخير؟.. الأنبا نيقولا يُجيب

 نيقولا أنطونيو
نيقولا أنطونيو

طرح الأنبا نيقولا أنطونيو، مطران طنطا والغربية للروم الأرثوذكس، ومتحدث الكنيسة في مصر، دراسة تحت شعار: «هل الذبيحة الإلهية أي القداس هي مجرد ذكرى كما ورد في الترجمة العربية لما صنعه الرب في العشاء الأخير؟».

الرجوع إلى النص اليوناني للإنجيل المقدس

وقال في دراسته: «بالرجوع إلى النص اليوناني للإنجيل المقدس في وقت العشاء الأسراري يوم الخميس العظيم، مع تلاميذه الرسل؛ يذكر لوقا الإنجيلي في بشارته أن يسوع المسيح بعد أن شكر وكسر الخبز قال لهم عبارة بالنظر إليها في اللغة اليونانية، نجد أن معناها الحرفي بالعربية هو اِصْنَعُوا هذَا لِتِذْكارِي».

وأضاف: «كما أن بولس الرسول أيضًا ذكر قول يسوع المسيح لتلاميذه الرسل وقت العشاء الأسراري يوم الخميس العظيم في الليلة التي أُسلم فيها بقوله لهم: اصْنَعُوا هذَا لِتِذْكارِي، كَذلِكَ الْكَأْسَ أَيْضًا بَعْدَمَا تَعَشَّوْا، قَائِلًا هذِهِ الْكَأْسُ هِيَ الْعَهْدُ الْجَدِيدُ بِدَمِي. اصْنَعُوا هذَا كُلَّمَا شَرِبْتُمْ لِتِذْكارِي».

وتابع: «قول يسوع اصْنَعُوا هذَا لِتِذْكارِي، والذي نقله عنه بولس الرسول؛ هو بمعنى إصنعوا هذا إحياء لذكري أي إستذكار، ويعني كلما دعت الحاجة لتستذكروني أصنعوا هذا؛ لأن التَّذْكِرة هي ما تُسْتَذْكَرُ به الحاجة بحسب صحيح المختار أو ما يُستحضر به الشيء، أما الذِكْرَى هي ذِكر الشيء بعد نسيانه، وقد بين بولس الرسول هذا، بقوله: فإنكم كلما أكلتم هذا الخبز وشربتم هذه الكأس، تُخَبِّرُون بموت الرب إلى أن يجيء، بجانب أن قول بولس: تُخَبِّرُون لا يعني الإخبار بالقول، بل يعني الاستذكار أو الاستحضار».

وأردف: «على هذا القول لبولس الرسول فإن كل قداس إلهي هو استذكار واستحضار وإخبار واعتراف بآلام الرب وموته وقيامته وصعوده إلى السماوات، ذلك كما يوضح ذلك نص القداس الإلهي بأن الذبيحة غير الدموية، التي أوصى الرب يسوع المسيح أن نصنع كما صنع هو، هي امتداد واستمرار للأعمال الخلاصية التي قام بها من أجلنا، امتداد لصلبه وقبره وقيامته وصعوده واستباق لمجيئه الثاني، ويتوضح هذا من نص خدمة القداس الإلهي للقديس باسيليوس الكبير وللقديس يوحنا الذهبي الفم، فبعد ذكر الأسقف، أو الكاهن، قول يسوع المسيح: «هذا إصنعوه لتذكاري، لأنكم كل مرة تأكلون هذا الخبز وتشربون هذه الكأس تُخبرون بموتي وتعترفون بقيامتي»، كما يقول: «فإذ نحن متذكرون أيها السيد الآب آلامه الخلاصية، وصلبه المحي، ودفنه ذا الثلاثة أيام، وقيامته من بين الأموات، وجلوسه عن يمينك أيها الإله الآب، ومجيئه الثاني المجيد المرهوب».

واستطرد: «ثم يستحضر رئيس الكهنة، أو الكاهن ذبيحة يسوع المسيح ويجعلها أمام الآب، بقوله: «أيها الآب إذا وضعنا رسمي جسد ودم مسيحك المقدسين». ويضرع إلى الآب كي يرسل الروح القدس على القرابين غير الدموية الموضوعة، الخبز والنبيذ، لتستحيل إلى جسد ودم المسيح الإلهيَيْن، بقوله: «نطلب إليك ونسأل منك يا قدوس القديسين أن يحل بمسرة صلاحك روحك القدوس علينا، وعلى هذه القرابين الموضوعة ويباركها ويقدسها ويوضح أما هذا الخبز فجسد الرب وإلهنا ومخلصنا يسوع المسيح الكريم نفسه، وأما ما في هذه الكأس فدم ربنا وإلهنا ومخلصنا يسوع المسيح الكريم نفسه، الذي أُهْرِق من أجل حياة العالم».

وواصل: «وتُوضح صلاة قبل التناول «المطالبسي» أن الجسد والدم الإلهيين اللذين نتناولهما في سر الشكر يحولانا إليهما سريًا ويسريا حياة يسوع المسيح الإلهية فينا، ولا يتحولان إلينا كالطعام البائد، ويُتحدانا به ويَتحده بنا، فيؤلِّهان الروح ويغذيان العقل، وذلك كما يصلي الأسقف والكهنة والشمامسة مع الشعب قائلين: «إرتعد أيها الإنسان عند نظرك الدم المُؤلِّه؛ لأنه جمر تحرق غير المستحقين، إن جسد الإله يُؤَلهني، يُؤَله الروح ويغذي العقل على منوال غريب، لقد أشغفتني بشوقك أيها المسيح، وأهلني أن أمتلئ من النعيم الذي فيك، لا تصر لي هذه القدسات لمحاكمة من تلقاء عدم استحقاقي، وأما أنا فخير لي الالتصاق بالله وأن أضع على الرب رجائي».