رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

هل اقتبس يوهان جوته شخصية «فاوست» من التاريخ.. عبدالرحمن بدوى يجيب

يوهان جوته
يوهان جوته

يوهان جوته، الذي تحل اليوم ذكرى مولده، حيث ولد في مثل هذا اليوم من العام 1749، وهو شاعر ومفكر ألماني، وواحد من أهم المبدعين الذين كتبوا باللغة الألمانية. 

وتراوح إبداعه ما بين الأدب ودراسة الطبيعة، حيث تخصص في دراسة النباتات، حتي أنه نشر رسالة في «تحولات النباتات» في العام 1790، التي جعلته لاحقًا أحد المؤسسين لعلم التشكل المقارن.

قدم يوهان جوته للفكر الإنساني العالمي العديد من المؤلفات، من أشهرها: «آلام فرتر»، «الديوان الغربي الشرقي» الذي يظهر فيه أثر اطلاعه علي الآداب العربية من أول القرآن الكريم، مرورًا بالمعلقات الشعرية الجاهلية، وصولًا إلي الأشعار والملاحم العربية وأشعار حافظ الشيرازي الذي اطلع عليها في لغتها الفارسية. بالإضافة إلي مؤلفاته الأخري ومنها: «قصائد وملاحم»، «المرثيات اليونانية»، وكتاب «في فن العمارة الألماني». 

وتعد مسرحية «فاوست»، التي قدمها للمكتبة العربية المفكر المصري الراحل، دكتور عبدالرحمن بدوي، من أشهر مؤلفات يوهان جوته التي تم تناولها في العديد من اللغات العالمية، من خلال المئات من المعالجات الفنية، سواء عبر الأشكال المسرحية أو السينمائية والتليفزيونية والإذاعية.  

 

ــ حكاية يوهان جوته مع «فاوست» أو الرجل الذي باع روحه للشيطان

ويشير عبدالرحمن بدوي في تقديمه لمسرحية «فاوست»، للكاتب الألماني يوهان جوته، التي قدم «بدوي» ترجمتها العربية في العام 1989، إلي أن: "فاوست هو نموذج الإنسان الساعي إلي المزيد من القوة، أو الكمال، بوسائل خارجة عن الطبيعة هي ما يعرف بالسحر، بأوسع معانيه: فالمستقبل مجهول، والإنسان يريد معرفة ما سيجيئ به، والقوي الطبيعية الميسورة له قاصرة، فليبحث عن قوي خارقة كي يسخرها لتنفيذ ما يصبو إليه، والطبائع الموجودة في الواقع تقف في سبيله أو تعجز عن أداء ما يطلب، فليلتمس إذن أدوية لتحويلها إلي ما ينجح في تحقيق أغراضه، وتلك مهمة السحر.

 

 ــ هل اقتبس يوهان جوته شخصية فاوست من الواقع

ويلفت عبدالرحمن بدوي إلي أن: «بطل مسرحية جوته، فاوست، هو أولا شخصية تاريخية، ولد في أواخر القرن الـ15، وتوفي علي الأرجح في سنة 1534. وأول وثيقة ذكرته هي رسالة كتبها وهن ترتهيم بتاريخ 20 أغسطس سنة 1507، وكان ترتهيم قد اتهم هو الآخر بالسحر، ورسالته كتبها من مدينة فورتسبورج إلي الرياضي يوهان فردونج من هسفورت الذي كان فلكيًا في بلاط صاحب الحق في الانتخاب الإمبراطور عن إقليم البلاتينات. يقول ترتهيم في هذه الرسالة عن فاوست: إن هذا الرجل الذي كتبت إلي بشأنه، هذا المدعو جورج سابليكوس الذي تجاسر فادعي إنه أول العرافين. هو متشرد، وكاتب جوال، يستحق أن يجلد من أجل أن يشفي من ولعه بالإعلان عن أمور رهيبة مخالفة للكتاب المقدس، إن الألقاب التي ينتحلها لنفسه هي الدليل علي عقل أبله مختل، ومدع وليس فيلسوفًا، فهذه الألقاب التي يتخذها لنفسه: المعلم جيورجيوس سابليكوس وفاوستوس الأصغر ينبوع العرافة، فلكي، ساحر بارع، وقارئ كف موفق ومتكهن بأمور الزراعة، ومتكهن بالنار، وحصيف في الشعر الألماني، فانظر إلي وقاحة هذا الرجل الحمقاء، وإلي أي درجة من الجنون بلغ. أنه يزعم أنه ينبوع العرافة، مع أنه في الواقع يجهل كل العلوم الحقيقية، ولهذا كان الأحرى به أن يلقب نفسه بلقب «مهرج» لا بلقب معلم.

ويضيف عبدالرجمن بدوي عن «فاوست» يوهان جوته: ثم شهادة أخرى تدل علي أنه أقام طويلًا في أرفورت، وأظهر من الخوارق والتهاويل الكثير. لقد استطاع بدعاواه العريضة أن يحصل علي منصب محاضر عام في جامعة أرفورت. 

وراح يشرح هوميروس، ويصف أبطال «الألياذة»، كما لو أنه رآهم بعينيه. ودعاه سامعوه إلي استحضار أرواح هؤلاء الأبطال، فراح يستعرض هؤلاء الأبطال أمام الحاضرين في المحاضرة: فتقدم هؤلاء الأبطال الواحد تلو الآخر، وآخرهم «بوليفيم» المارد القولقي، بلحيته الحمراء، وكان يلتهم رجلًا كانت فخذه لا تزال تتدلي من فمه. فخاف الحاضرون، ولم يشأ هذا المارد الخروج من الفصل، رغم إشارة فاوست له بالخروج.