رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

نجيب محفوظ ومنّظر التطرف.. مقالات نقدية متبادلة وزيارة وحيدة

نجيب محفوظ
نجيب محفوظ

يروى الكاتب الصحفى حلمى النمنم أن سيد قطب أول من كتب نقديًا وقدم نجيب محفوظ فى الفترة بين عامى 1947 1948، وهو ما أكد عليه العديد من الكتاب فى مؤلفاتهم التى تناولت علاقة نجيب محفوظ وسيد قطب من قبل؛ وأن "قطب" كتب للمرة الأولى عن محفوظ فى 2 أكتوبر 1944 بمجلة الرسالة مقدمًا روايته "كفاح طيبة" ومشيدًا بها.

بعد ما يقرب من 6 أشهر من كتابة قطب مقاله عن نجيب محفوظ قدم الأخير مقال للمرة الأولى عن كتاب "التصوير الفنى للقرآن" لسيد قطب، فى نفس المجلة نشر بتاريخ 23 أبريل 1945، وإن كانا لم يتبادلا الزيارة إلا مرة واحدة كشف عنها محفوظ فى مذكراته، ورصد فيها تحول قطب من النقد الى التطرف والتشدد، وهو ما نستعرضه فى السطور التالية فى إطار ذكرى رحيل أديب نوبل.

سيد قطب: "لو كان لى من الأمر شىء لجعلت هذه القصة فى يد كل فتى وفتاة"

تحت عنوان "على هامش النقد.. فى عالم القصة"، كتب سيد قطب مقاله الأول عن رواية "كفاح طيبة" لنجيب محفوظ فى مجلة الرسالة بتاريخ 2 أكتوبر 1944، والذى اختتمه قائلًا: "لو كان لى من الأمر شىء لجعلت هذه القصة فى يد كل فتى ويد كل فتاة، ولطبعتها ووزعتها على كل بيت بالمجان، ولأقمت لصاحبها - الذى لا أعرفه - حفلة من حفلات التكريم التى لا عداد لها فى مصر، للمستحقين وغير المستحقين".

نجيب محفوظ يرد بمقال عن “قطب” 

فى 23 أبريل 1945 وقت أن كانت الحرب العالمية الثانية مستعرة، كتب نجيب محفوظ مقالًا نشرته مجلة "الرسالة" بعنوان "التصوير الفنى فى القرآن" قدم فيه سيد قطب وكتابه الجديد فى إطار الرد على ما كتبه عنه "قطب" وقدمه إلى عالم الأدب؛ قائلًا: “قرأت كتابك بعناية وشغف فوجدت فيه فائدتين كبيرتين: أولاهما للقارئ خصوصًا القارئ الذى لم يسعده الحظ بالتفقه فى علوم القرآن، والغوص إلى أسرار بلاغته، بل حتى هذا القارئ الممتاز لاشك، وأجد فى كتابك نورًا جديدًا ولذة طريفة”.

ويتابع نجيب محفوظ قائلًا: "أما أخرى الفائدتين فهى لك أنت لأن الكتاب فى جملته إعلان عن مواهبك كناقد، إنك تستطيع أن تعبر أجمل التعبير عن أثر النص فى نفسك، ولا تقف عند هذا بل فتجاوزه إلى بيان مواضع الجمال فى النص نفسه، وما يحفل به من موسيقى وتصوير وحياة".

الزيارة الوحيدة لسيد قطب

فى مذكرات نجيب محفوظ ورد أنه لم يزر قطب إلا مرة واحدة، قائلًا: "ذهبت إليه رغم معرفتى بخطورة هذه الزيارة وبما يمكن أن تسببه لي من متاعب أمنية، فى تلك الزيارة تحدثنا عن الأدب ومشاكله ثم تطرق الحديث إلى الدين والمرأة والحياة، كانت المرة الأولى التى ألمس فيها بعمق مدى التغيير الكبير الذى طرأ على شخصية سيد قطب وأفكاره.. لقد رأيت أمامي إنسانا آخر حاد الفكر متطرف الرأي".